مقالات مختارة

التدخل الروسي سيسحب من السعودية ورقتين اساسيتين رضوان الذيب

 

مع بدء العمليات العسكرية الروسية ضد التكفيريين في سوريا، والتبدل السريع في موازين القوى على الارض، حيث هبت كل القوى الدولية الداعمة للمسلحين وشككت في التدخل الروسي ونتائجه واختلاق فكرة الحرب المقدسة التي تتهم روسيا باطلاقها في دمشق، وانشغلت هذه الدول بخبر منسوب الى الكنيسة الارثوذكسية الروسية، وفيه ان المعركة التي بدأها الطيران الحربي الروسي في سوريا مقدسة، ما استدعى استنفاراً في المواقف ونبشاً للتاريخ الذي شهد حروباً ازهقت الاف الارواح باسم «المقدس».

وحسب مصادر متابعة لهذا الملف والتي تؤكد ان كلام الكنيسة الارثوذكسية جرى تحريفه واكد الارشمندريت يعقوب خليل بعدما قرأ الخبر «ان ترجمته غير مسؤولة» وان ما ادلى به رئىس قسم الشؤون العامة في الكنيسة الروسية فسيفولود تشابلين مفاده «ان مقاومة الارهاب اخلاقية، واذا اردتم مقدسة» ولم يقل اطلاقا ان الكنيسة الروسية اعلنت حرباً او معركة مقدسة كما انتشر في وسائل الاعلام.

ويقول الدكتور طارق شومان المسؤول في المركز الثقافي الروسي، ان الترجمة الحرفية للخبر المنشور في وكالة «انترفاكس» يفيد ان «قرار روسيا باستخدام الطيران الحربي في سوريا يتلاءم مع الدور الخاص لروسيا الاتحادية في الشرق الاوسط».

ويضيف حسب ما ورد في «انترفاكس» المعنيون في الكنيسة الروسية ابدوا الدعم لقرار روسيا استخدام الطيران الحربي في سوريا، وهذا ما صرح به رئىس قسم السينودس للعلاقات بين الكنيسة والمجتمع الكاهن الاعلى فسيفولود تشابلين بان «هذا القرار يتلاءم والقانون الدولي وعقلية شعبنا وكذلك الدور الخاص الذي ادته بلادنا دائماً في الشرق الاوسط،» ولفت الى ان الدولة الروسية «تأخذ على عاتقها اليوم تنفيذ دور خاص في تسوية الاوضاع في الشرق الاوسط». واشار الى «روسيا لا تستطيع ان تقف مكتوفة الايدي تجاه الابادة التي يتعرض لها المسيحيون والاقليات والاخرى في تلك المنطقة» واصدر المجلس الروحي الروسي موقفا داعماً للعمليات العسكرية .

وبحسب كلام شابلين «ان مكافحة الارهاب تعتبر حرباً مقدسة وبلادنا تعد القوة الانشط في العالم على صعيد مكافحته وهي لا تقوم بذلك من اجل مصلحة خاصة والارهاب عمل مناف للاخلاق.

وحسب المصادر فان تصريح الكنيسة الروسية لم يتحدث عن حرب مقدسة كما روجت وسائل الاعلام وقد انفق على ذلك مئات ملايين الدولارات لتعميم فكرة الحرب المقدسة، وتولت قطر تأمين الدعم وساهم مركز عزمي بشارة في قطر في هذا التعميم مع قيادات الاخوان المسلمين وقيادات سعودية. علماً ان وزير الخارجية الروسي لافروف نفى ان يكون مثل هذا الكلام صدر عن الكنيسة الارثوذكسية لوزير الخارجية السعودي الجبير شخصياً.

وحسب المصادر وللتذكير فقط «ان المشروع التكفيري الارهابي يقوم اساساً على بدع دينية تكفر الآخر وتريد ان تحشد للقتال على اساس ديني وجعله المهمة، والقتل لديهم مهمة مقدسة واستجابة للشرع، وطبعاً فان حججهم وجرائمهم تخالف الدين وتناقض مقاصده وجوهره وباسم الدين يتم ذبح الشعب السوري، فيما يتم تجاهل انتفاضة الشعب الفلسطيني وتقديم الدعم، والانكى ان بعض الكتبة يدعون لقتال روسيا تحت عناوين طائفية ويتركون فلسطين.

وتضيف المصادر «الجميع يعلم ان الجامعة العربية بقيادة سعودية – قطرية استدعت الاطلسي لتدمير ليبيا وكانت النتيجة 150.000 الف قتيل ليبي بريء، بقنابل الاطلسي ولم يتجرأ احد على وصف الحرب بانها حرب صليبية، رغم ان الاطلسي كان يعمل بقيادة اميركية ضد العرب والمسلمين لتحقيق مصالحه.

وتتابع المصادر المساعدة الروسية لدمشق جاءت بطلب من السلطة الشرعية السورية التي تمثل سوريا، الدولة المستقلة المعترف بها لدى الامم المتحدة وبرلمانات العالم حيث يشارك رئيس مجلس الشعب السوري في مؤتمر البرلمانات العالمية الذي عقد مؤخراً في سويسرا، ويتعامل كل العالم مع سوريا على هذا الاساس ولا يوجد احد يمثل الدولة السورية سواها. وبالتالي فان التدخل الروسي يجمع كل صفات المشروعية القانونية الدولية وحسب المصادر، فان المساعدة الروسية فيما انتجت انها اسقطت وافشلت السعي العدواني السعودي والخليجي لجعل الصراع في المنطقة صراعاً دينياً في الاسلام بين السنة والشيعة، وصراعاً مذهبياً عربياً – فارسياً، وقد سحب التدخل الروسي هذه الورقة من التداول التي طالما لعبتها السعودية والخليجيون بشكل عام ضد الشيعة وايران، وهنا كان تفكير البعض بضرورة التعويض عن هذه الخسارة، بابتداع فكرة الحرب المقدسة ونسبها الى مسؤولي الكنيسة الارثوذكسية.

كما تشير المصادر، الى ان الترجمة الفعلية للتصريح لم تتحدث عن حرب مقدسة ولم تذكر هذه العبارة مطلقاً ولذلك فان الدول المعنية جدياً بالحرب على الارهاب والاجرام وفي طليعة تلك الدول مصر التي تحتضن الازهر، وتتعرض لحملات شعواء لوقوفها الى جانب سوريا في حربها ضد الارهاب، علماً ان الموقف المصري سيقلب كل التوازنات وسيعيد للصراع رونقه العربي ضد الارهاب، وبانه ليس حرباً مقدسة، وهذا هو سبب الحملات على مصر ومحاولة حصارها لابعادها عن الموقف السوري، وماذا سيقول اعداء سوريا عن التدخل الروسي الآن بعد ان استغلوا التدخل الايراني على اساس انه شيعي وضد احفاد معاوية.

وتؤكد المصادر، ان الرئيس الاميركي اوباما هو اول من اراد استعمال الدين والمذهبية «للتشويش» على المهمة الروسية عندما قال ان العالم السني لن يقبل هذا التدخل، وان العالم السني سيواجه هذا التدخل، وان العالم السني سيجد نفسه معتدى عليه بهذا التدخل.

وتشير المصادر، الى ان دول الخليج يرون انهم في خط انحداري وعلى كل الجبهات ويريدون تحوير الصراع والمذهبية وجعلها دينياً لتحشيد السنة وانقاذ المشروع الاميركي.

وتختم المصادر بالتأكيد، مهما علا الصراخ، فان التحالف المشرقي الدفاعي المشكل من محور المقاومة ومعه روسيا والعراق سيتابع مواجهة الارهاب الذي يفتك بكل المسلمين وان القضاء على الارهاب هو مصلحة بالدرجة الاولى لكل المسلحين سنة وشيعة ودروزاً وللمسيحيين ولايران ومصر ولكل الدول قبل اي احد آخر.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى