الاقتصاد موجة العمليات: نحاميا شترسلر
غضب إسرائيل كاتس واحتج زئيف الكين وعارض نفتالي بينيت، وهكذا أظهر بنيامين نتنياهو أنه ليس الوطني الكبير للقدس. فهناك وطنيون أكثر منه: كاتس، الكين وبينيت. الذين لا يوافقون على تقسيم المدينة بأي شكل من الاشكال بواسطة جدار يتم بناؤه بين جبل المكبر وأرمون هنتسيف. في الحقيقة هم مع القدس، ليس مثله. إنهم مع القدس الكبرى والموحدة والهادئة، ونتنياهو الوطني سابقا اضطر للخضوع وألغى بناء الجدار.
إضافة إلى الموضوعين السياسي والامني هناك بُعد اقتصادي لبناء الجدار، يشبه البُعد الاقتصادي الذي يتسبب فيه الازدياد الكبير لعدد رجال الحراسة وافتتاح دورات للدفاع عن النفس والمنح الخاصة التي ستُمنح لشرطة القدس. كل هذه الاعمال تزيد المنتوج المحلي. نشاط اقتصادي أكبر وفرص عمل أكبر. قد تكون موجة العمليات مفيدة للاقتصاد؟.
من خلال نظرة سريعة إلى المعطيات في العالم تشير إلى أننا في مكان لا بأس به من ناحية الانتاج المحلي. حيث بلغ في هذا العام 36 ألف دولار للفرد، وهي المكان الـ 22 في العالم. صحيح أننا ذيل للدول الغربية المتقدمة، إلا أننا نسبق دول مثل اليابان، ايطاليا، كوريا الجنوبية، اسبانيا، البرتغال، قبرص واليونان ـ دون الحديث عن دول افريقيا وآسيا.
لكن من يتجول في العالم يشعر أن هذا غير معقول. فليس من المعقول أن نكون في مستوى عال من ناحية مستوى الحياة. هذا جيد لدرجة أنه ليس حقيقيا.
من هنا فان الشك في محله. لو أخذنا مستوى الاستهلاك الشخصي بالاضافة إلى مستوى الاستهلاك المدني العام بدلا من مستوى الحياة فسنكتشف أن الصورة أكثر قتامة.
حينما نحسب مستوى الناتج، كل رجل أمن أو حارس جديد يدخل إلى العمل، وكل شركة تقوم بصنع المكعبات الاسمنتية وتضعها على مدخل الأحياء العربية، وكل علاوة تُدفع للشرطة ـ ستزيد من مستوى الناتج ـ لكن الحقيقة هي أن هذه النشاطات لا تضيف أي شيء، لا لمستوى الحياة الحقيقي ولا لجودتها. بل هي تلحق الضرر. فكل المنتجين الذين يقومون بمهمة الحماية والأمن يأخذون على حساب النشاطات المدنية المهمة مثل الزراعة والصناعة والتجارة والتعليم والصحة. حيث أن مستوى الحياة الحقيقي ـ الذي يُقاس بناءً على الاستهلاك الفردي اضافة إلى الاستهلاك المدني العام، قد تراجع.
الجميع يعرفون أن ميزانية الأمن عندنا أعلى كثيرا من المستوى المقبول في الدول الغربية، وكلما كان أعلى فاننا نحصل على تعليم وثقافة وصحة ورفاهية أقل.
ويمكن أن نضيف إلى كل ذلك مستوى الاسعار المرتفع عندنا، وأحد اسباب ذلك هو مستوى عدم اليقين المرتفع. فكل صاحب منتجع يعرف أنه ستكون هناك بضعة اسابيع في السنة لن ينجح فيها بتأجير المنتجع بسبب الوضع الامني، وكل مقاول يعرف أنه سيعلق بين الفينة والاخرى بدون عمال فلسطينيين بسبب الاغلاق، وكل صاحب حانوت يعرف أنه مرة كل سنة أو سنتين ستكون عملية عسكرية أو موجة من العمليات وسيختفي المشترين في لحظة. كل ذلك يجعل الوسط التجاري يرفع الاسعار، مما يتسبب في انخفاض مستوى الحياة.
هذا يعني أن شعورنا كان صحيحا. فنحن لسنا في المكان الـ 22 في العالم بالنسبة لمستوى الحياة وجودتها، بل نحن في مكان أدنى كثيرا. وفقط في مكان واحد يبدو أننا الأوائل في العالم وهو مستوى الانتصار الوطني في القدس كمدينة تم توحيدها.
هآرتس