هل تنفجر المملكة السعودية من الداخل؟ عامر نعيم الياس
في الثامن عشر من أيلول الماضي، نقلت صحيفة «غارديان» البريطانية في تقرير لمراسلها من مصر، عن أمير سعوديّ لم تُعلن عن هويته قوله إنه «يؤيّد تولّي الأمير أحمد بن عبد العزيز نجل مؤسّس المملكة الحكم في البلاد خلفاً للملك سلمان، وأن هذا هو اختيار 85 في المئة من أمراء العائلة الحاكمة». ثم ما لبثت أن نقلت وسائل الإعلام العالمية عن أمير آخر كلاماً في السياق نفسه، يعكس تململاً من حكم الملك سلمان الذي اعتلى العرش في كانون الثاني الماضي، خصوصاً ما تعلّق بوضعية الأمير محمد بن سلمان، نجل الملك، البالغ من العمر 29 سنة، الذي يشغل منصب وليّ وليّ العهد ووزير الدفاع إلى جانب كونه رئيس المجلس الأعلى لشركة «آرامكو» النفطية، وهو بذلك يسيطر على القطاع النفطي الذي يشكّل روح حكم آل سعود ونفوذهم محلياً وإقليمياً ودولياً.
لم تشهد المملكة صراعاً علنياً مفتوحاً على السلطة وانتقادات لأداء الحكم كما تشهد الآن، فالصراع كان محكوماً بجدران قصور العائلة المالكة، ولم يكن في الأحوال كافة يرقى إلى مستوى تبادل الاتهامات على وسائل الإعلام ومحاولة إيصال الرسائل إلى الداخل السعودي وإلى دوائر صنع القرار الغربية، خصوصاً الأميركية، بوجوب التنبه وعدم اعتماد تقدير للموقف عن الداخل السعودي عبر القنوات الرسمية المخوّلة لقاء الساسة الأميركيين، وبهذا المعنى فإن الوضع الداخلي في المملكة بلغ مرحلةً من الخلاف لا يمكن التستر عليها وتهدّد بانفجار المملكة من الداخل في ضوء صراعٍ على السلطة وعملية إعادة هيكلة تعكس في شكلها العام وجود توجّه لسحب البساط من «أمير مكافحة الإرهاب» وفق توصيف معهد بروكينغز، ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف، إذ يمكن رصد عدد من الإشارات، أهمها:
قيام الملك سلمان بالإطاحة بوزير الدولة سعد الجابري، والذي يُعدّ وفق صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية «قناة الاتصال بين محمد بن نايف والولايات المتحدة» في ما يخص مكافحة الإرهاب، وأحد أهم مساعدي وليّ العهد.
تفكيك ديوان وليّ العهد السعودي بموجب الأمر الملكي الصادر في 28 نيسان الماضي، ودمج ديوان وليّ العهد بالديوان الملكي، وهو ما يقلّص من هامش مناورة محمد بن نايف الداخلي ويضع كل القرارات في يد الابن الأصغر للملك سلمان الذي يشغل منصب وليّ وليّ العهد، والذي يسيطر بشكل تام على الديوان الملكي لوالده.
لعبة المجالس التي أقرها الملك سلمان في بداية عهده وقسّم بموجبها السلطة نظرياً بين وليّ العهد محمد بن نايف الذي يرأس «مجلس الشؤون الأمنية والسياسية»، و«مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» برئاسة وليّ وليّ العهد محمد بن سلمان، يلاحظ فيه عضوية هذا الأخير للمجلس الأول، فيما يغيب وليّ العهد عن عضوية المجلس الثاني الذي يرأسه الأمير الصغير، وهو ما يساهم بشكل إضافي في تقييد هامش المناورة أمام وليّ العهد محمد بن نايف.
جملة من المؤشرات ترفع منسوب القلق لدى دوائر صنع القرار الأميركية تحديداً حول مستقبل الحكم في المملكة الهرمة، فيما تبقى الأمور مفتوحة على الاحتمالات كافة بما فيها تطور الصراع البارد حتى اللحظة بين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، إلى سخونة. وفي هذا السياق قالت «واشنطن بوست» في سياق توصيفها لزيارة الملك سلمان ووليّ وليّ العهد إلى واشنطن أوائل أيلول الماضي: «كان مسؤولون أميركيون قد حرصوا على مقابلة الأمير الشاب، لكنهم كانوا يشعرون بالقلق من أن محمد بن سلمان قد يمثّل تحدّياً لمحمد بن نايف والذي ينظر إليه الأميركيون على أنه الحليف الموثوق ضدّ القاعدة».
(البناء)