بقلم غالب قنديل

هوامش اللعبة الأميركية

obamaa

غالب قنديل

يعلم كبار المسؤولين في إدارة أوباما وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي نفسه أن جميع من يقاتلون ضد الجيش العربي السوري (الذي يقوده الرئيس بشار الأسد) وفق تعبير الرئيس فلاديمير بوتين هم جماعات إرهابية متحدرة من القاعدة وتنظيم الأخوان الحاضن للتكفير والإرهاب .

لم يمض وقت طويل على اعتراف أحد كبار قادة البنتاغون أمام الكونغرس بأن أربعة مقاتلين هو رصيد حماقة دامت سنوات وكلفت عشرات ملايين الدولارات واسمها المعارضة المعتدلة بينما المجموعات السورية القليلة المسلحة التي تقع خارج المصنفات الإرهابية هي على علاقة حوار وتفاوض مع الدولة الوطنية السورية عبر مسار المصالحات التي يرعاها الرئيس بشار الأسد منذ البداية وقد انشغلت بمحاولات سرقتها وانتحالها مراكز التخطيط الأميركية وآلة جيفري فيلتمان الموضوعة بتصرف الموفد الدولي دي ميستورا الذي عجز عن تقديم التزام واحد قابل للتنفيذ في حي من مدينة حلب.

على الرغم مما تقدم يصر الرئيس الأميركي على منطق حلب التيوس بتكرار موقفه الفارغ وغير العقلاني من موقع ومكانة الرئيس بشار الأسد بينما قالت دمشق جهارا ان الشعب هو صاحب القرار الفصل في ذلك وعبر صناديق الاقتراع .

ومؤخرا بات الرئيس الأميركي في حالة ارتباك لا يحسد عليها رغم محاولته لإخفائها بعنجهية المستعمر المهزوم والمكابر والسبب المباشر هو نتائج مبادرة بوتين في سورية وتبلور حلف شرقي لمحاربة الإرهاب وسحقه في سورية والعراق مع احتمال أن تنضم إليه مصر وسواها من الدول المستهدفة.

الدخول الروسي إلى الميدان السوري وبحدود فعل الهيبة الاستراتيجية لدولة عظمى حقق سلسلة نتائج دفعة واحدة :

أولا وضع حدا للتدخلات التركية والصهيونية بقوة الردع الموضوعي بحيث بات على تل أبيب واسطنبول إجراء حسابات دقيقة لخطر التصادم مع روسيا في حال التمادي بانتهاك السيادة السورية لدعم العصابات الإرهابية .

ثانيا باتت بعيدة حتى الاستحالة احتمالات اتخاذ الإدارة الأميركية الحالية أو المقبلة قرار شن الحرب على سورية مباشرة مرة جديدة رغم الفشل السابق عام 2013 لأن مثل هذا القرار سيعني الحرب على روسيا وإيران والصين مجتمعة إلى جانب سورية والمقاومة اللبنانية.

ثالثا الوضع القائم في مسرح العمليات العسكرية يكرس استراتيجية القضاء على الإرهاب التي يتبناها الحلف الشرقي مقابل خطط الدغدغة والاحتواء المشبوهة والهادفة إلى استرجاع السيطرة على قيادة عصابات القاعدة وداعش وفلول تنظيم الأخوان و استرجاع خيوط التشغيل لاستعمال الإرهابيين فتلك هي العقيدة التي يتبناها الحلف الغربي والحكومات الإقليمية التابعة ( قطر والسعودية وتركيا والكيان الصهيوني ) وقيام الحلف الشرقي على أرض الواقع بعمل واسع لسحق الإرهاب كشف الحلف الغربي بجميع مكوناته البائسة والمأزومة .

رابعا تكرست من سورية نهاية عهد التفرد الأميركي فبعد سنة من حلف أوباما العاثر اتخذ الرئيس فلاديمير بوتين المبادرة مع الرئيس بشار الأسد وشركاء موثوقين ( سورية وإيران والعراق وضمنا حزب الله والصين ) وهو يعرض مجددا على حكومة الولايات المتحدة العودة إلى الأمم المتحدة وسيكون الأميركيون أمام خياري الرضوخ أو مواصلة العربدة التي تكشف حقيقة نواياهم فهم يستهدفون استقلال سورية الوطني ولذلك يصعدون استهدافهم للرئيس بشار رمز هذا الاستقلال وبطله الحقيقي في نظر غالبية السوريين .

خامسا يحرر الحضور الروسي في سورية صورة الأحداث من التضليل والدجل الاستعماري الرجعي ومن المزاعم السعودية والصهيونية بحيث تبدو دوافع النضال السوري والمقاومة السورية دفاعا عن الاستقلال الوطني ورفضا للهيمنة الإمبريالية الصهيونية وهذا سيضاعف ويقوي حملات التضامن العربية والدولية مع الرئيس بشار الأسد وهذا ما شرعت بشائره بالتبلور خلال أيام قليلة.

انتصار الحلف الشرقي على الإرهاب في سورية والعراق لن يكون حدثا يتيما بل يعرف الأميركيون كيف تتشكل ظواهر الدومينو وفي أي بيئة استراتيجية ولذلك هم يرتعدون خوفا من فكرة انتصار الأسد وصعود روسيا وإيران ومن شبح نهوض سورية وتعافي العراق وتلك نتائج باتت اليوم قريبة للتحقق اكثر من اي وقت مضى ولن تلبث تداعياتها الكبيرة بالظهور في العالم والمنطقة معا .

لن يستطيع الاميركيون منع هذا التحول التاريخي وهم في أفضل الأحوال قوة عرقلة واعتراض . ربما تنجح في تأخير انبثاق الحقائق الجديدة لكنها عاجزة عن منع ولادتها هذا ما تقوله عبر التجارب وقوانين الصراع العالمي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى