غرفة عمليات 4+2 … تحالف بوتين عامر نعيم الياس
اختلاف في المقاربة بين الرئيسين الروسي والأميركي حول سورية التي تشكّل وملفّ الحرب على «داعش»، الأولوية الدولية التي لا يمكن لأيّ أحدٍ إنكارها. لكنها أولوية لا تحمل من نقاط التوافق سوى العناوين آنفة الذكر، أما التفاصيل الخاصة بحلّ الأزمة السورية والحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، فإنها في كل جزئية منها تحمل شيطاناً خاصاً بها، يحتاج إلى الكثير الكثير لتذليل العقبات.
الأزمة السورية وبالشياطين التي تحضر في تفاصيلها، أصبحت عنواناً للمأزق العالميّ الجديد والمستعصي حول سبل الحلّ. وأصبحت مدخلاً لإعادة تقاسم العالم وتكريس التعدّدية القطبية التي وصفها الرئيس الصينيّ بأن «لا رجعة عنها». عبارةٌ تقودنا إلى الدخول مباشرةً في قلب غرفة العمليات الجديدة التي أعلن عنها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الأسبوع المنصرم، وأكّدها الكرملين، ومقرّها العراق والتي سمّيت وفق العراقيين «مركز التنسيق المعلوماتي»، والذي يعكس اسمه وجود هيكيلية استخبارية أمنية لجمع المعلومات وإدارة العمليات التي تحصل على الأرض سواء في المباشرة أو التوجيه من دون الاكتفاء فقط بتبادل المعلومات والجزئيات التقنية المتعلقة بذلك. هذا التوسيع لنشاط الغرفة مردّه ليس إلى طموحات أو حتى معلومات، إنما إلى رؤية سريعة للأسباب التي أدّت إلى تشكيل غرفة عمليات مستقلة لروسيا وإيران وسورية والعراق، فضلاً عن تكاثر غرف العمليات المعادية لسورية ولحلفائها من غرفة «الموك» في الأردن إلى غرف العمليات على الحدود التركية ـ السورية والتي تضمّ ضباط استخبارات من الخليج إلى جانب واشنطن وأنقرة و«تل أبيب»، فضلاً عن غرفة العمليات التي تقع على الحدود بين الجولان المحتل والجزء المحرّر منه.
إن الهدف الأساس من غرفة العمليات الجديدة التواصل على الأرض وتنسيق عمليات عسكرية مباشرة وفعّالة لإدارة المعركة على الأرض في سورية والعراق، وتحقيق إنجازات نوعية ومحسوسة في مواجهة التنظيمات الإرهابية في الميدانين السوري والعراقي، تحت ستارة محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، والذي تحاول الولايات المتحدة اختصار كل الإرهاب تحت عنوانه للسماح للتنظيمات الأخرى بالعمل. كما أن شكل هذه الغرفة وتركيبتها يخرجان عن سياق تسمية التحالف الرباعي إلى سياق أوسع وهو مجموعة 4+2 أي الجيوش السورية والعراقية والإيرانية والروسية إلى جانب حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي، هذا الأخير الذي قد يستغرب البعض زجّه كطرفٍ مستقل في التحالف على رغم أنه عراقي، لكن موقف الحشد من التحالف الأميركي وحتى الخلافات القائمة بينه وبين الحكومة العراقية حول طريقة التعاطي مع تحالف أوباما وإدارة العمليات العسكرية على الأرض، فضلاً عن ترحيبه بالوجود والدور الروسي في موقفٍ مناقضٍ لموقفه من الأميركيين، جعل من ضم الحشد إلى غرفة عمليات بغداد يعتبر أمراً يجب التوقف عنده واعتبار الحشد بموجبه رقماً مستقلاً ضمن كيان هذه الغرفة.
تدخل موسكو إلى المنطقة من بوابتها الواسعة ومن ميدانها الأكثر تعقيداً، تحاول حجز مقعدٍ لها في الساحة العراقية والدخول على خط إبراز بديل أو التأسيس لمصالح ضمن الكيان العراقي غير الواضح المعالم حتى اللحظة، فيما سورية تستفيد من هذا الحلف الإقليمي الفعال للحفاظ على كيانها. في وقت يبقى الباب مفتوحاً أمام توسيع مهام غرفة عمليات 4+2 ، بانتظار نتائج عمل هذه الغرفة في مواجهة تحالف أوباما على «داعش» الذي يضمّ ستين دولة.
(البناء)