حذار التسرع والانبهار
غالب قنديل
بقدر ما بدت الخطوات الروسية الاخيرة حاسمة وحازمة وتحمل معها روح المبادرة الهجومية واخلاقيات الوفاء والتضامن مع القلعة العربية السورية التي تقاوم أعنف عدوان استعماري بقدر ما تبدى حجم التصميم الأميركي الصهيوني والرجعي العربي على مواصلة استنزاف سورية وهي نفسها الاعتبارات والدوافع والنتائج التي يقرأها معسكر التحرر العالمي من الهيمنة الاستعمارية في صلب المسار السوري تدفع القوى الرجعية في المنطقة والعالم إلى التشدد في عدم التجاوب مع الدعوات المتكررة لسد منافذ دعم الإرهاب ولاتخاذ التدابير التي توقف النزيف الناشئ عن تدفق الإرهابيين ومالهم وعتادهم عبر الحدود التركية والأردنية .
المعركة ضد سورية تتخذ بعدا عالميا شديد الوضوح وسوف ترتب نتائجها مستقبل التوازن العالمي وسيتقرر بذلك الكثير من مستويات التحول في الوضع العالمي و بناء عليه يعاند قادة الغرب ويديرون ظهورهم للنداءات الروسية العقلانية وهذا ما تظهره موجة التصريحات الصادرة في الأيام القليلة الماضية خصوصا عن الرئيس أوباما وتابعه الفرنسي وعتاة الرجعية العربية والتي تناولت دور ومكانة القائد بشار الأسد وعلى الرغم من مضمون الموقف السوري المنطلق من قاعدة الخضوع التام للإرادة الشعبية أي للانتخابات ولو كان عذر المسؤولين السعوديين والقطريين وأقرانهم في امارات وممالك ومشيخات الخليج في غربتهم المطلقة عن مفهوم الانتخابات وجهلهم الكلي بها وبالرغم من تماديهم في الثرثرة عن الانتخابات والديمقراطية في سورية فهم يجهلون ما تعنيه وسط حكوماتهم الاستبدادية المطلقة والمتعفنة لكن لا عذر محتملا للمسؤولين الفرنسيين والأميركيين أمام كلمات الرئيس الأسد التي لا تحتمل التأويل والمنطلقة من تطلعات السوريين ومن مبدأ رفض الهيمنة الاستعمارية فالأسد يدافع عن استقلال بلاده وهو لم يطلق موقفا يسترضي به أحدا في الغرب وهو يواجه ما يواجه لكونه الرئيس والزعيم الوحيد على وجه الكرة الأرضية الذي رفع صوته وقبضته ضد احتلال العراق والحرب الصهيونية على لبنان بعد ذلك بثلاثة أعوام وبينما لاذت بصمت ثقيل سائر القوى العالمية كانت سورية ومعها محور المقاومة في موقع رأس الحربة دفاعا عن الإنسانية ضد البطش والعدوان كما هي اليوم .
لم يلق حلف العدوان أسلحته رغم اضطراره للتراجع ورغم اعترافه الصريح بأن من دعاهم بالثوار في سورية هم الإرهاب الذي بات تهديدا شاملا لاستقرار العالم ومن هنا ننظر لسيل التصريحات والبيانات التي تركزت على ما بات يوصف بمستقبل دور الرئيس السوري في تدخل كريه ومكشوف بشؤون دولة مستقلة.
يتصرف داعمو الإرهاب وأمه وأبوه على هذا النحو رغم اعترافهم بوجود كتلة شعبية مكونة من غالبية سورية ساحقة وراجحة تعتبر الرئيس الأسد بطلها الوطني والقومي وتعتبر الواجهات المعارضة العميلة مسخرة تافهة وهي غالبية تعرف مدى اجرام عصابات القتل والنهب التي يدعمها حلف العدوان وهي باتت تعرف بقوة ان الغرب يريد الهيمنة وليس نشر الديمقراطية ولا خير الشعوب.
التحول النوعي في مدى الدعم والانخراط الروسي هو حافز لتصعيد الكفاح والصمود حتى هزيمة العدوان ومن غير اوهام متسرعة نتيجة الانبهارية التي جعلت كثيرين يعلنون انتصارنا الناجز مع كل تحول إيجابي خلال السنوات المنصرمة فالصراعات الكبرى يحكمها قانون التراكم ويستحيل حسمها نهائيا بضربة واحدة .
ما حصل من تحولات عظيم ومهم ومن الواضح ان البناء عليه يتيح لمحور المقاومة والتحرر في المنطقة والعالم أن يتقدم ويفرض توازنات جديدة ولكنه ليس كافيا لإعلان النصر النهائي وسوف تبين التطورات اكثر فاكثر ان ما يجري هو بداية جديدة ينتظرنا بعدها كثير من الجهد والصمود والكفاح .