مقالات مختارة

الخطوط الحمراء الروسية في سورية عامر نعيم الياس

 

لم يفوّت الرئيس الروسي فرصة لقائه مع وسائل الإعلام الأميركية قبيل خطابه في الأمم المتحدة يوم أول من أمس الإثنين. وجّه الرجل القوي وصاحب المبادرة العسكرية والسياسية في سورية رسائل إلى النخب الأميركية والأوروبية غير قابلة للتفاوض على المستوى المنظور. محصّناً وجود بلاده العسكري في سورية من زاوية القانون الدولي وميثاق الأمم المتّحدة قائلاً: «نحن ننطلق من مبادئ منظمة الأمم المتحدة، أي من المبادئ الرئيسية للقانون الدولي المعاصر، والذي وفقه تقدم أو يجب أن تقدم هذه المساعدة أو تلك، بما في ذلك المساعدة العسكرية، إلى الحكومة الشرعية حصراً في هذه الدولة أو تلك، وبموافقة هذه الحكومات أو بطلب منها أو بقرار من مجلس الأمن الدولي». وأضاف: «في هذه الحال، نحن نستجيب لطلب الحكومة السورية بتقديم المساعدة التقنية العسكرية، وما نقوم به محصور قطعاً ضمن إطار العقود الدولية الشرعية».

لم يقف الرئيس الروسي عند هذا الحد، إنما رسم ما يمكن تسميته بالخط الأحمر الأهم في المعادلة الروسية في سورية والمتعلقة بالمؤسسة العسكرية التي تقاتل على الأرض والمتمثلة بالجيش السوري الذي وصفه بأنه «جيش شرعي عادي وحيد»، وأسماه «جيش الرئيس السوري بشار الأسد» هنا يتبنى سيد الكرملين الخطاب الإعلامي الغربي في سورية والذي ينزع الشرعية عن أي حكم ودولة ويشخصن الأمور.

ومع إدراكنا أن الرئيس الروسي أشار قبيل كلامه هذا إلى الجيش الشرعي، إلا أن اللجوء إلى مخاطبة الغرب كما يفهم وبأسلوبه يقصد به تحديد أهم الثوابت الروسية في سورية على قاعدة المواجهة مع الغرب وهو الجيش السوري الذي يحارب «تنظيمات إرهابية»، لا مجموعات معارضة «وفق تأويل شركائنا الدوليين».

تضع موسكو استراتيجيتها في سورية موضع التنفيذ وهي تقوم على التالي:

ـ الوجود الشرعي الروسي في سورية بناءً على طلب الحكومة السورية والاتفاقيات الموقعة بين الدولتين. هنا يغمز بوتين من قناة وجود طلب من دمشق في خصوص التعزيزات العسكرية في سورية والتي من الممكن أن تتطور لاحقاً وفقاً لطلب الحكومة السورية ومقتضيات المواجهة.

ـ الحرب والسلام في سورية يمرّان عبر الرئيس السوري بشار الأسد ولا يمكن لأي محاولة لإنهاء الأزمة السورية أن تنجح من دون هذا الأمر.

ـ الجيش السوري هو الجيش الشرعي والوحيد الذي تعترف به موسكو. والمجموعات التي يواجهها الجيش هي مجموعات إرهابية تبدأ بـ«داعش» ولا تنتهي بـ«النصرة» و«أحرار الشام» وما يسمّى «جيش الإسلام». وروسيا ملتزمة بدعم الجيش السوري الذي يقوده الرئيس الأسد في ساحات المواجهة المختلفة ومع كافة التنظيمات التي يواجهها الجيش.

ـ موسكو هي التي تحدّد شروط الحلّ في سورية وشروط المواجهة في سياق تحالف جماعيّ ضدّ «داعش»، أو حتى في سياق تحالف منفرد تقوده موسكو مع حلفاء سورية.

ـ وحدة مؤسسات الدولة والتركيز على الشرعية يعني بشكل أو بآخر إيمان موسكو العميق بضرورة بقاء سورية موحدة والابتعاد عن أي صيغة مطروحة لتقسيم البلاد على أي أساس كان. خصوصاً وفق ما يروّج له الغرب عن «سورية المفيدة».

ـ نقض أساسيات التحالف الذي يقوده أوباما في سورية وفقاً للرؤية الروسية. ورفع سقف التفاوض حول المشاركة الروسية في تحالف أوباما إلى الحدود القصوى، والتي تبدأ بالرئيس الأسد وشرعيته مروراً بالجيش السوري، وليس انتهاءً بتفويض الأمم المتحدة لتشريع عمل التحالف في سورية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى