خطوط حمراء أم هاتف أحمر:عاموس هرئيل
في ختام لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو أعلن أمس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بان إسرائيل وروسيا ستبلوران معا آلية تنسيق هدفها منع سوء التفاهم والصدام بين الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو الروسي في سماء سوريا.
ولم يفصل نتنياهو بحيث يصعب الفهم من اقواله إذا كان بالضرورة سينصب هاتف أحمر يربط بين سلاح الجو في هيئة الاركان وبين الكرملين. وقد اتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة برئاسة نائبي رئيسي الاركان من الجيشين تنسق النشاط في المجال البري، الجوي والالكترومغناطيسي في الساحة السورية منعا للصدام.
يخيل أن الزيارة القصيرة والعاجلة لرئيس الوزراء في روسيا، فيما كانت إلى جانبه النخبة العسكرية الاولى، رئيس الاركان ورئيس شعبة الاستخبارات، جاءت لتخفف قليلا من حدة الواقع الامني الجديد الذي فرضته روسيا في المنطقة، بقرارها مرابطة طائرات قتالية في شمال سوريا. ولعله اكثر مما تعلق إسرائيل الامال بالهواتف الحمراء، تسعى إلى الاعتماد على خطوط حمراء، تحديد مجالات نفوذ في سوريا وفي لبنان تتمكن فيها مع ذلك من مواصلة العمل بحرية عند الحاجة، دون المخاطرة باحتكاك غير مقصود بطائرات قتالية روسية.
منذ كانون الثاني 2013 أفادت وسائل الاعلام الدولية عن أكثر من عشر هجمات جوية لإسرائيل كانت موجهة ضد قوافل سلاح من سوريا إلى لبنان كانت تنقل وسائل قتالية متطورة لحزب الله. وتم بعض من هذه الهجمات في محيط اللاذقية، في المنطقة العلوية في شمالي الدولة وكانت موجهة حسب تلك التقارير ضد مخازن السلاح او القوافل، وفيها صواريخ شاطيء بحر بعيدة المدى من طراز ياخونت. وهذه بالضبط هي المنطقة التي يقيم فيها الروس الان قاعدة جوية، إلى جانب الميناء البحري الذي يحتفظون به في طرطوس.
من اللحظة التي قررت فيها موسكو حقائق على الارض، من الصعب ان نتصور هجوما جويا إسرائيليا بمحاذاة الطائرات القتالية ومنظومات الدفاع الجوي الروسية التي لا بد ستنشر لحماية القاعدة. ولكن هجمات اخرى نسبت إلى إسرائيل وقعت في منطقة دمشق وعلى مقربة من الحدود في هضبة الجولان، حيث اصيبت خلايا سلحت ووجهت من إيران، لغرض العمليات على طول الحدود. وهذه اهداف بعيدة عن منطقة التواجد الروسي. يحتمل أن تسعى إسرائيل لان تضمن استمرار حرية العمل لها في هذه المناطق من خلال ترسيم مجالات نفوذ. لإسرائيل ولروسيا، بالمناسبة، كانت ترتيبات غير رسمية مشابهة في لبنان، في عهد الحرب الاهلية اللبنانية في السبعينيات.
ويأتي تعزيز القوات الروسية في شمال سوريا لضمان هدفين اعلى يرتبطان الواحد بالاخر: الابقاء على سوريا كذخر روسي وبقاء نظام الاسد. طبيعة الاستعداد ـ اقامة قاعدة كبرى، اطلاق طائرات غايتها ضمان التفوق الجوي، التزود بمنظومات دفاعية ـ يدل على ان روسيا لا تكتفي بهدفها المعلن، تحسين القتال ضد الدولة الاسلامية داعش.
ان الانتشار المتزايد سيوفر غلافا جويا لمساعي الاسد العسكرية، ومساعدة إيرانية مكثفة (مؤخرا ارسل إلى المنطقة نحو 1.500 مقاتل اضافي من الحرس الثوري) لصد تقدم الجبهة المشتركة لمنظمات الثوار في هوامش المنطقة العلوية.
يحتمل أن يكون حافز آخر للقرار الروسي هو المحاولة التركية لتثبيت منطقة حظر جوي في شمال سوريا. وتلمح أنقرة بنواياها، في ظل تشجيع معين من واشنطن، منذ عدة اشهر. واعلان منطقة كهذه كان سيقيد جدا مساعي الاسد لان يهاجم الثوار من الجو. اما مع وجود الروس في المحيط، فمشكوك ان تتمكن تركيا من تنفيذ خطتها.
هآرتس