التصعيد الدائم في الأعياد: عاموس هرئيل
موت أحد سكان القدس، الكسندر ليفلوفيتش، نتيجة حجر رشق على سيارته من قبل فلسطينيين عشية رأس السنة، دفع رئيس الحكومة إلى عقد اجتماع طاريء، للمرة الثانية خلال اسبوع. وعلى جدول النقاش وعلى ضوء الاحداث الكثيرة لرشق الحجارة، والعنف في القدس والحرم وفي شارع 443 بين القدس وموديعين ـ كانت هناك اقتراحات لتشديد العقوبة والردع على راشقي الحجارة الفلسطينيين.
فعليا، لا يوجد لدى الاجهزة الامنية الكثير من التوصيات الجديدة، من الصعب اكتشاف الدولاب من جديد، بعد الكثير من سنوات مواجهة هذه الظاهرة. يريد بنيامين نتنياهو المصادقة على خطوات ضد راشقي الحجارة، وخلق حالة ردع عامة ضد آباء الصغار الذين يرشقون الحجارة. في هذا الشهر وعلى مدار الاعياد وما بعدها سيتم تعزيز تواجد الشرطة في القدس ومحيطها.
سيتم تعزيز تواجد الشرطة مع التشديد على الحرم وحائط المبكى حيث ستكون هناك حركة كبيرة للمصلين اليهود خلال الاعياد. نقطة ضعف اخرى تتعلق بالاستخبارات. «الشباك» يسعى إلى التركيز على التهديدات الامنية الخطيرة أكثر من تركيزه على الحجارة. أما المعلومات الموجودة لدى الشرطة فهي ناقصة. ايضا عندما توزع قوات كبيرة نسبيا فان هناك صعوبة في تشغيلها بشكل ناجع بسبب قلة المعلومات.
في هذه النقاشات كالعادة، هناك من يقترح التخفيف من أوامر فتح النار ضد راشقي الحجارة. رجال الأمن القدامى ينتابهم التشكك. اطلاق العنان يؤدي عادة إلى القتل بما في ذلك راشقي حجارة صغار ومن يتواجدون بالصدفة في مناطق الاحتكاك. تجربة الماضي تؤكد أن القتلى والجنازات والمظاهرات توفر الظروف لتصعيد أكثر، أطول وأخطر من سابقه. ما تسمح إسرائيل لنفسها بفعله في الضفة الغربية، يصعب عليها عمله في القدس بسبب الاهتمام الدولي بما يحدث في المدينة.
رشق الحجارة يحظى الآن باهتمام إعلامي أكبر بسبب قتل الكسندر ليفلوفيتش. لكن فعليا فان شرقي القدس والاحياء القريبة من الخط الاخضر تحدث فيها بشكل متقطع انتفاضة منذ صيف 2014 بعد خطف وقتل الفتيان الثلاثة في غوش عصيون وقتل الفتى الفلسطيني في شعفاط. الاجراءات التي اتخذتها الحكومة والبلدية والشرطة تسببت بخفض التوتر المؤقت وليس الهدوء الكامل. العنف يوجد ايضا على شارع 443 الذي يسافر فيه الكثير من الإسرائيليين بسبب العمل على توسيع شارع رقم واحد بين القدس وتل ابيب. حسب معطيات الجيش الإسرائيلي، لا يوجد ازدياد في حوادث رشق الحجارة في الشارع مقارنة مع السنوات السابقة، لكن الشعور العام بغياب الأمن الشخصي يكفي لاحداث الخوف والمطالبة بالرد الشديد من الحكومة والاجهزة الامنية.
على هذه الخلفية تسخن الاجواء من جديد في الحرم. ففي بداية الاسبوع اقتحمت الشرطة المسجد الاقصى لتفريق مظاهرة عنيفة قام بها الشباب العرب. قائد لواء القدس وضباطه الذين اكتووا من قضية القتل في مسيرة الفخار في المدينة، لا يتحملون أي مخاطرة. موضوع العنف في القدس، لا سيما في الحرم، حساس جدا من الناحية السياسية على خلفية الضغط على نتنياهو من اليمين. الضغط يتم ايضا نحو الاسفل، باتجاه سلسلة القادة في الشرطة.
الاجواء في الحرم تميل إلى التصعيد باستمرار. هذه المرة توجد اسباب اخرى تساهم في التسخين. قرار وزير الدفاع بوغي يعلون الاعلان عن التجمعات في الحرم على أنها تجمعات غير قانونية، على ضوء صلتهم بالعنف.
هذا القرار يغضب الفلسطينيين. سبب آخر يتعلق بعلاقة حماس وإسرائيل. على مدى اشهر علقوا على قيادة حماس في غزة الأمل، وبجهود وسطاء دوليين، أنه سيتم انجاز اتفاق واسع وهدنة طويلة المدى مع إسرائيل. نتنياهو ويعلون قالا إنهما لا يريدان أكثر من وقف اطلاق نار محدود ترافقه تسهيلات في معبر كرم أبو سالم، ولا يريدان خطوات واسعة مثل اقامة الميناء، كما تريد غزة. يبدو أنه عندما فهمت حماس أن المفاوضات مع إسرائيل لن تثمر الكثير، عادت المنظمة إلى اعمال العنف بواسطة نشطائها في القدس والضفة.
خلال العيد تم نشر تنديد من المملكة الاردنية على اعمال إسرائيل في الحرم. الاردن ملتزم ببيانات كهذه بسبب مكانته كمدافع عن الاماكن المقدسة في القدس. وهذا الامر تعزز بفضل وجود اتفاق استثنائي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل بضع سنوات. وسائل الإعلام العربية تُحلل اخراج المرابطين في الحرم خارج القانون كخطوة اولى على نية إسرائيل تغيير الوضع الراهن في الحرم وتقسيمه زمانيا بين اليهود والمسلمين، كما فعلت في الماضي في الحرم الابراهيمي.
الملك عبد الله قلق رغم أن نتنياهو تعهد أمامه بعدم المس بالوضع الراهن بعد التوتر في الحرم قبل سنة. ومع ذلك يستمر التعاون المكثف بين القدس وعمان على خلفية الوضع الاقليمي. لهذا فانه في هذه المرحلة من المشكوك فيه أن تتأثر العلاقات بين الدول بسبب هذا التوتر.
هآرتس