أنطوان لحد… لا أرض له عندنا ولا رحمة الله عليه! العلامة الشيخ عفيف النابلسي
سمعنا يوم أمس كلاماً لبعض الناس من قرية العميل أنطوان لحد لا يبدون فيه اعتراضاً على دفن جثة العميل في أرض بلدتهم،على اعتبار أن ّالرجل قد مات ومن يَمُت تُطوى صفحته الدنيوية إلى الأبد، وعلى قاعدة اذكروا محاسن موتاكم فإنَّ أهل قرية العميل يذكرون أنَّ الرجل طيب وابن عائلة كريمة وخدم في الجيش اللبناني وكان ودوداً مع الأهل والجيران والأقارب، وكلامهم هذا يجعل من لا يعرف شيئاً عن الرجل يتصور أنَّ مهنته كانت في الشعر أو التعليم أو في الأعمال الخيرية والإنسانية.
لكن الرجل كان رأس العملاء للعدو «الإسرائيلي» وأحد أبرز القتلة الذين تلطخت أيديهم بدماء الجنوبيين. فهل لصانع الموت ولمن قبل بالجنسية «الإسرائيلية» ولمن قاتل إلى جانب الصهاينة أهل بلده أرضٌ يُدفَنُ فيها؟
في القانون اللبناني ينطبق على الرجل فعل الخيانة، وفي القانون الدولي ينطبق على الرجل أنَّه مجرم حرب، وفي القانون الإنساني ينطبق على الرجل أنَّه قام بأبشع أنواع الظلم التي سببت آلاماً ومآسي نفسية وجسدية لمئات الآلاف من الجنوبيين.
لقد قاد هذا العميل منظمةً إرهابية لتقسيم لبنان وجعله رهينةً في أيدي الأعداء الصهاينة، والمنظمة التي تزعمها لسنوات طويلة ارتكبت عشرات المجازر لمصلحة العدو الذي أراد للجنوبيين أن يركعوا ويذعنوا للشروط الإسرائيلية. هو ومنظمته لم يرحموا أحداً في المنطقة التي خضعت لسيطرتهم. سرقوا دمروا اعتقلوا قتلوا تحت راية العلم «الإسرائيلي»، العلم الذي كان يُراد أن يرفع في بيروت فداسته أقدام المقاومين، وكان يُراد له أن يرفرف على كل منزل في الجنوب فأحرقته نيران قذائفهم وهي تدك عروشهم وثكناتهم ومواقعهم الحصينة. لا ريب أن الجرائم التي ارتكبها هذا العميل منصوص عليها في المبادئ القانونية الوطنية والدولية، وقد وُجهَت له اتهامات مبنية على الوثائق والأدلة القطعية، والأهم أنّ الرجل كان يتفاخر بأفعاله ونصرته للعدو، والإقرارات التي صدرت منه شخصياً بالعمالة والقتل وتهديد وحدة الوطن لم يكن يجد فيها حرجاً فكيف بعد ذلك يمكن للبعض تبرير أفعاله الإرهابية وجرائمه الدموية لإثبات براءة الرجل أو التلاعب بالعواطف وخداع الرأي العام بحجج ودواعٍ دينية وإنسانية كي يُسمح بدفن الرجل في قريته.
هذا الرجل العميل لا أرض له في وطننا ليدفن فيها. هذه الأرض التي تشربت بدماء الشهداء الأبطال الّذين دافعوا عن وطنهم ولم يتذرعوا بأي ظرف قاهر للانخراط في صفوف أي جيشٍ معتدٍ، لا يمكن أن تسمح لشخصٍ مثل أنطوان لحد أن تكون له بقعة أرضٍ فيها.
من اختار وطناً غير وطنه، وأرضاً غير أرضه، وجيشاً غير جيش بلده، ومهنة لا شرف فيها.
من اختار أن يقاتل أبناء جلدته ويسجنَ الأُباة منهم، ويقتل الأبرياء أطفالاً ونساء ورجالاً لأنهم رفضوا القبول بالمحتل، فلا أرض له عندنا ولا رحمة الله عليه.
(البناء)