مقالات مختارة

حرق الأطفال : تسفي برئيل

 

المستشارون القانونيون عملوا اشهر طويلة، وكذلك المشرعين ورجال الشرطة و»الشباك» والجيش الإسرائيلي، إلى أن خرج من تحت أيديهم سلاح يوم الحساب القانوني ضد الإرهاب. ليعرف كل إرهابي منذ الآن أنه سيجد أمامه 104 بنود، لا بد أن ينطبق أحدها على أفعاله.

من المهم معرفة كم من «الإرهابيين الجدد» سيضافون بفضل الغموض الذي يلف بعض بنود القانون الجديد. البند 27 مثلا، الذي ينص على أن «من يفعل شيئا يعبر عن تضامنه مع تنظيم إرهابي، بما في ذلك الدعاية والنشر، التأييد والمديح، رفع العلم، مسرحية أو نشر اشارة، إسماع أو نشر شعار أو نشيد، إذا كان بشكل علني، فان حكم ذلك ثلاث سنوات سجن، بشرط أن يؤدي النشر أو ظروفه إلى تنفيذ عملية إرهابية أو مخالفة عنيفة». المشكلة تكمن في الخاتمة. كيف يمكن معرفة إذا كان التأييد والتشجيع سببا لتنفيذ عملية إرهابية؟.

على فرض أنني مخرج مسرحي، لا يهم من أي طائفة، وأعرض أمام جمهور عربي تعذيب جندي إسرائيلي لشاب فلسطيني. فهل كان شرطي سينتظرني خارج القاعة؟ أنا لم أحرض على الإرهاب، ولكن هناك «احتمالية معقولة» أن يأخذ أحد المشاهدين الالهام لتنفيذ عمليات إرهابية. واذا كنت نحاتا ينحت نصبا تذكاريا لضحايا النكبة ـ هل من المتوقع أن يتم اعتقالي لثلاث سنوات؟ صحيح أنني لا اؤيد أي تنظيم أو عمليات إرهابية، لكن توجد في هذا النصب «احتمالية معقولة» لتشجيع الاعمال الإرهابية.

صحيح أن القصة مع العرب الإسرائيليين بسيطة ومريحة، فليس هناك حاجة تقريبا لاثبات «الصلة المعقولة» بين التأييد للإرهاب وبين استعدادهم لتنفيذ العمليات. هذه الامكانية تكمن لديهم منذ الولادة. في المقابل، المشكلة مع اليهود معقدة، بل ومعقدة جدا. لنفرض أنني الفنان الذي عمل النصب التذكاري لباروخ غولدشتاين، أو الحاخام المحترم الذي كتب «نظرية الملك» أو يهودي أحرق ولد اسمه محمد أبو خضير (لأنه لم يتم الكشف بعد عن قتلة عائلة دوابشة. لكن سيتم اكتشافهم في يوم ما)، أو مجرد «جابي ثمن». حسب قانون الإرهاب الجديد فانني ملائم لجميع المعايير لمنفذ العمل الإرهابي، أو على الأقل مؤيد للإرهاب. فهل ستتم محاكمتي حسب هذا القانون؟.

«شارة الثمن» لم يتم اعتباره تنظيم إرهابي. لذلك استطيع كتابة اغاني تمجده، وتلحين الاغاني له. كيف تستطيع النيابة الاثبات أنني اؤثر بأفعالي على يهود آخرين لكي يُقلدوني؟.

ألم يكرهوا العرب قبل أن أكتب «كهانا على حق»؟ ألا يستمروا في كراهية العرب حتى بعد ازالة النصب التذكاري لغولدشتاين؟ أنا في نهاية المطاف حلقة صغيرة في سلسلة طويلة.

لم أقنعكم؟ سأقدم لكم اذاً الدليل القاطع. هل تعرفون وزيرة الثقافة ميري ريغف؟ إنها ليست بحاجة إلى قانون الإرهاب، وهي تعرف كيف تكشف الإرهاب والتحريض على الإرهاب عن بُعد. وقد قالت هذا الاسبوع في حديث لها لمن ستقدم الدعم: من يرفض وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية (باستثناء ناطوري كارتا بالطبع)، ومن يحرض على العنف والإرهاب (باستثناء الاعشاب الضارة)، ومن يعتبر يوم الاستقلال يوم حداد، ومن يمزق أو يهين علم الدولة أو رمز الدولة، ومن أيد أو دعا لمقاطعة إسرائيل. إذا قمت بإحراق ولد أومسجد، وكتبت أنه يجب قتل الأغيار، فلن تكون مشمولا في القائمة. إبنِ مسرحا وأقم متحفا واطلب الدعم.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى