مقالات مختارة

بدون اطباء نساء:تسفي برئيل

 

يصعب عدم الالتفات إلى قدرة الاختراع التي أوجدتها الحرب ضد داعش. في الاسبوع الماضي مثلا، عرض الجنرال ديفيد بتراوس، رئيس الـ «سي.آي.ايه، الذي استقال أو تمت اقالته، على خلفية الاشتباه بالكشف عن أسرار امنية، عرض اختراعا جديدا يساعد على الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية. وحسب قوله فان عددا من مقاتلي جبهة النصرة التابعة للقاعدة انضموا اليها لاسباب انتهازية. ويمكن اغراءهم لكي يتركوا التنظيم وتدريبهم وتمويلهم وارسالهم لمحاربة داعش.

بتراوس، الجنرال الذي قاد الحرب في العراق بعد سقوط صدام حسين، لم يفسر كيفية اختيار الـ سي.آي.ايه الإرهابيين «الجيدين» من بين نشطاء جبهة النصرة، وكيف ستضمن أنهم بعد حصولهم على السلاح والاموال الأمريكية لن يعودوا لمساعدة داعش أو القاعدة. وفي مقابلة مع الـ سي.ان.ان قال بتراوس إن الفكرة تستند إلى محاولة ناجحة في العراق، حيث وافق عدد من المحاربين السنيين في القاعدة على الانضمام إلى القوات الأمريكية بشكل مؤقت لمحاربة القاعدة. وقد نسي أن يقول إنه بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية 2011، عاد عدد كبير من المقاتلين السنيين إلى القاعدة وحاربوا ضد النظام العراقي الذي صنعته الولايات المتحدة.

خلافا للجمهور الواسع، يعرف بتراوس جيدا البحث الذي أجرته سي.آي.ايه في 2014 وتم نشره حينها في «نيويورك تايمز»، الذي جاء فيه أن الاعتماد على المليشيات المحلية هو سياسة خاطئة تنتهي في أحسن الحالات بفشل ذريع، وفي اسوأ الحالات تتسبب بالضرر للولايات المتحدة. الـ سي.آي.ايه ليست متلهفة لاستخدام المليشيات المحلية في سوريا والعراق، وبسبب هذا لا غرابة أن خطة التدريب التي أعلن عنها الرئيس براك اوباما، والتي خصص لها الكونغرس نصف مليار دولار، لا تتقدم بتاتا.

إن الذي يجب أن يقلق ليس فكرة بتراوس بل الاعتراف أن الادارة الأمريكية ليس لها نظرية حربية ناجعة يمكن استخدامها في مواجهة داعش أو القاعدة. النظرية تقول إن هذه حرب أبدية إلى حين قيام الكونغرس على قدميه والاعلان عن وقف الميزانيات الضخمة التي تذهب اليها. وهذا لن يحدث في العقد الحالي.

حياة داعش مستمر بشكل اعتيادي. في الشهر الماضي انتهت السنة الدراسية الاولى في كلية الطب التي افتتحها التنظيم في الموصل في العراق، وفي الرقة في سوريا. وقد بقي للطلاب سنتان فقط من اجل الحصول على لقب طبيب. ويتضح من منشورات التنظيم أن هناك طلب كبير، ومن بين 300 مرشح تم قبول 100 طالب وطالبة فقط.

لقد بادر إلى اقامة كلية الطب في الرقة ثلاثة طلاب سوريين انضموا لداعش، وبالتعاون مع متطوعين غربيين انشأوا قسما يقدم الخدمات للسكان وفيه اطباء نساء وجراحة. في القسم النسائي تعمل النساء فقط، بعد أن قال داعش بطريقته إنه محظور على الرجال معالجة النساء. وقد أعدم قبل ثلاثة اشهر الطبيب النسائي د. عبد الله شلش لأنه وجد في عيادته زبونة اجنبية.

الاطباء هم بضاعة مطلوبة لداعش. وعلى موقعه على الانترنت يطلب منهم التطوع لخدمة الدولة الإسلامية، ويمنع الاطباء من ترك المناطق التي يسيطر عليها. وقد بدأ داعش مؤخرا في أخذ الأجر على العلاج الطبي كجزء من جهوده لاغناء خزينته. واذا لم يستطع تقديم العلاج الطبي اللازم فانه يقوم بنقل المرضى والمصابين إلى تركيا مقابل 80 دولار هي تكلفة سيارة الاسعاف. خدمات داعش الطبية هي مثال على ادارة داعش المدنية في العراق وسوريا، حيث يسيطر على كل الخدمات المدنية، ولا توجد الآن أي استراتيجية بديلة يمكنها اقتلاع التنظيم من نسيج الحياة المحلي وفصل التعاون الذي يفرضه على المدنيين.

عندما يقترح الجنرال بتراوس تجميع المحاربين من تنظيمات إرهابية اخرى لمحاربة داعش، فانه يتعامل مع داعش كتنظيم وليس كسلطة محتلة تفرض التعاون على المدنيين. هذا الموقف المخطوء يستند إلى التقارير في وسائل الإعلام العالمية التي تبرز الجرائم التي ينفذها داعش في ميادين الحرب. ولا تفسر كيف ينجح التنظيم في بناء حياة طبيعية في مدن مثل الموصل والرمادي والرقة وغيرها. فهو يسمح بالتعليم والتجارة والصناعة ويقوم بتعويد السكان على نمط حياة يبدو أنه افضل من ذلك الذي يعيشه ملايين اللاجئين.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى