مقالات مختارة

أوكرانيا: بداية للحلّ أم نحو مزيد من الاضطراب حميدي العبدالله

 

صوّت البرلمان الأوكراني على مشروع قرار يمنح المقاطعات الشرقية حكماً ذاتياً، ويعيد هيكلة الدولة الأوكرانية.

جوبه القرار بغضب شديد من القوميين الذي لعبوا دوراً كبيراً في تأجيج الاضطرابات في أوكرانيا وإسقاط الحكومة المنتخبة والتسبّب بانفصال القرم وعودتها إلى روسيا، إضافةً إلى مطالبة المقاطعات الشرقية بالحصول على حكم ذاتي كامل، وسقط جراء ذلك قتلى وجرحى.

رحبت القيادات الأوكرانية في المناطق الشرقية بقرار البرلمان، وأكدت أنها مستعدة لتنفيذ اتفاقات مينسك، والأرجح أنّ تصويت وإقرار البرلمان الأوكراني مشروع الحكم الذاتي يأتي في سياق الضغوط التي مارستها الحكومات الغربية، ولا سيما الحكومات الأوروبية لإيجاد حلّ سياسي للأزمة الأوكرانية على قاعدة اتفاقات تمّ التوصل إليها أثناء الأزمة برعاية روسيا لأنّ الخيار البديل ليس في صالح أوكرانيا وليس في صالح الغرب وتحديداً الحكومات الأوروبية التي تضرّرت مصالحها الكبيرة داخل روسيا جراء العقوبات التي اتخذتها تحت تأثير التحريض الأميركي.

لكن هل إقرار البرلمان الأوكراني للتشريع الجديد، وترحيب زعماء المناطق الشرقية فيه، قد يسدل الستار على الأزمة الأوكرانية، ويعيد أوكرانيا إلى مسار التعافي من الحرب؟

إذا تمكنت الحكومة الأوكرانية من التغلب على ضغوط القوميين الأوكرانيين، فالأرجح أنّ أوكرانيا ستبدأ مرحلة جديدة في تاريخها، مرحلة قائمة على تنظيم علاقة سكانها مع دولتهم على نحو عادل، ومن شأن ذلك أن يقود إلى حال من الاستقرار افتقرت إليه منذ انفراط عقد الاتحاد السوفياتي. وبديهي أنّ أوكرانيا تمتلك مقوّمات موضوعية للنهوض والتنمية الاقتصادية، إذا توفر الحكم الرشيد، وتحقيق الاستقرار. والأرجح أنّ إعادة هيكلة مؤسسات الدولة يساعد على إرساء دعائم الحكم الرشيد، وإذا ما تمّ قهر معارضة القوميين المتشدّدين وعزلهم شعبياً فإنّ الاستقرار سوف يتحقق أيضاً، وعندها تعود أوكرانيا إلى مسار النمو والنهوض الاقتصادي.

لكن ليس من الواضح حتى هذه اللحظة، في ضوء ما جرى من مواجهة عند التصويت على مشروع الحكم الذاتي في البرلمان، مدى قدرة الحكومة الأوكرانية على احتواء وترويض معارضة القوميين المتطرفين، الذين إذا نجحوا في استقطاب تأييد شرائح واسعة سيكونون قادرين على تعطيل تطبيق قرارات الحكومة والبرلمان، وعرقلة تنفيذ الاتفاقات الدولية حول أوكرانيا.

بديهي القول إنّ القوميين، إذا لم يحصلوا على دعم خارجي، وتحديداً من الولايات المتحدة، فإن معارضتهم لن ترتقي إلى مستوى مواجهة رغبة أكثرية الأوكرانيين والإجماع الدولي على حلّ الأزمة الأوكرانية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى