قادرون على التغيير
فاطمة طفيلي
السبت 29 اب 2015 هو الموعد المنتظر لاثبات اننا بالفعل لم نعد نحتمل هذا الكم الهائل من المتاجرة بحياتنا بصحتنا وبحقنا بالحياة اللائقة كبشر وكمواطنين، وقد آن الأوان لنرسم بدايات جديدة كشعب محب للحياة كافح وناضل في أشد الظروف وأصعبها وتخطى أزمات كانت بنظر الآخرين بمثابة نهايات محتومة، تمكّنا من تخطيها. كيف لا وقد أثبتنا على مدى سنوات أننا أقوياء قادرون على تحدي المستحيل، والمثال ما زال قائما وغير بعيد، فمنذ أيام كانت ذكرى الانتصار، الذي حققه اللبنانيون شعبا وجيشا ومقاومة على أشرس عدو في تاريخنا المعاصر، عندما أسقطنا معا مقولة “العين لا تقاوم المخرز”، التي طالما خوفونا بها بهدف تييئسنا وإحباطنا ونهينا عن طريق الصمود والمقاومة، وها هم مقاومونا يواصلون الطريق ذودا عن الوطن وأهله من خطر الإرهاب التكفيري الوجه الآخر للعدوان المستمر منذء ظهور بني صهيون وبدء مخططاتهم للمنطقة.
صحيح أن رائحة النفايات مؤذية ومقرفة، لكن روائح الفساد المستشري، والذي يفوح من كل الملفات والعناوين أخطر وأدهى، والملف كان النقطة التي جعلت الكيل يطفح لفجاجة الطروحات المقدمة من ساسة تعاهدوا على استغبائنا وتقاسم المغانم على حسابنا دون خجل أو وازع من ضمير، فلتكن البداية من هنا من هذا الملف، وليكن التحرك مدويا بشعارات تطرح في صلب الموضوع، وبطلبات محددة تعيد الامور الى نصابها، باعتماد الآليات العلمية والمنطقية الايسر والأسهل، والتي تنطوي على إيجابيات كثيرة، أولها تشارك المسؤوليات بين المواطن والسلطة المحلية أي البلدية بالعمل على فرز النفايات من المصدر، وتسليمها للبلديات التي تستكمل العمل عليها بالطرق العلمية المعروفة والمختبرة، وفي ذلك مزيد من فرص العمل على الاقل للمنتسبين الى البلديات من موظفين وشرطة وعمال، والبلديات موجودة وقادرة، ومن بينها الكثير ممن بادر للعمل على الموضوع وأعطى المثال الحي، لكن يلزمه المزيد من الدعم، المتوفر أيضا، عندما يرضى المعنيون بالإفراج عن مستحقات البلديات لتفعيل عملها، واتخاذ القرار باعتماد هذا الحل.
الجدال في السياسة سيبقى عقيما والتمييز بين البشر مثار خلاف دائم، فلماذا يستمر التركيز على هذه العناوين، طالما أننا متفقون على أن تنوع الآراء والانتماءات مصدر غنى وتميّز، وطالما ان لدينا من الطاقات الشبابية الفاعلة والمتخصصة ما يكفي، وهي وإن بدت مُربَكة في بداياتها، نتيجة قلة الخبرة وحداثة العهد بالعمل والتحركات الميدانية، إلا أنها بالتأكيد لن تضل طريقها إذا اجتمعنا على دعمها وتبنيها وإطلاق الحوارات الايجابية معها انطلاقا من المصلحة الوطنية، لا تنقصنا الكفاءات ولا الخبرات، وحتى بين الساسة ثمة العديد من ذوي الايدي النظيفة والهموم الوطنية. لندع بعبع الخوف من السياسة وأهلها، ولتكن المبادرة الى المحاسبة قاعدة العمل الاساسي وعنوان الاختيار وليكن التغيير منطلقا اساسيا يجعلنا رقباء على كل مسؤول أيا كان انتماؤه، والجدارة والكفاءة ونظافة الكف هي المعايير الوحيدة لاستمراره في المسؤوليات العامة وفي خدمة الوطن والمواطن.
لندع الفرقة جانبا ونتحد خلف شبابنا فنرسم معا طريقنا الواضح باتجاه دولة العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتمثيل السياسي الصحيح.
صمتنا طويلا عن حقوقنا، صبرنا الى ان ملّ الصبر منا، تحملنا الكثير من المعاناة، وما من فائدة ترجى ان استمرينا على هذه الحال.
المرحلة حاسمة والتحديات كبيرة، وقد بلغنا الحد الفاصل بين الأمل المتجدد وملامحه المبشرة في الحراك السلمي المتنامي، وبين اليأس القاتل إن قعدنا أو فشلنا، وفيه دمار أحلامنا وضياع مستقبلنا ومستقبل وطننا.
إنها فرصتنا للتغيير، فلننطلق الى الساحات.