مصر: قانون جديد لمكافحة الإرهاب حميدي العبدالله
أقرّت السلطات المصرية قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب، تضمّن القانون الجديد عقوبات تصل إلى الإعدام بحق كلّ من يقدّم الدعم للتنظيمات الإرهابية. لكن السؤال هل هذا القانون يغيّر من مجرى الصراع الدائر بين الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة ومؤيديها وبين التشكيلات المعارضة المسلحة وغير المسلحة بما في ذلك تنظيمات القاعدة؟
من الواضح أنّ السلطات المصرية لم تكن بحاجة إلى قانون جديد لمكافحة الإرهاب، فالأحكام الصادرة بحق قادة جماعة «الإخوان المسلمين» لدورهم في دعم التنظيمات الإرهابية كانت في غالبيتها أحكاماً بالإعدام، واستندت الأحكام الصادرة عن المحاكم المختلفة إلى مواد من القانون المصري حتى قبل صدور قانون مكافحة الإرهاب الجديد، وبالتالي لم تكن هناك من حاجة إلى إصدار هذا القانون، إلا إذا كانت الأحكام السابقة تفتقر إلى الأساس القانوني وجاء صدور القانون الجديد لتحصينه قضائياً ولكن بمفعول رجعي.
لكن من الواضح أنّ ما يعوز مصر لقهر الإرهاب والقضاء عليه استراتيجية أمنية وعسكرية واقتصادية وسياسية أكثر شمولاً من قانون لمكافحة الإرهاب. فوجود هذا القانون في ظلّ وجود ظاهرة الإرهاب أمر طبيعي، حتى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عندما تعرّضت لهجمات إرهابية، وضعت قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب، لكن ما تحتاجه مصر إضافة إلى قانون لمكافحة الإرهاب استراتيجية جديدة يأتي في مقدمتها:
أولاً، إعادة النظر بسياستها الرسمية المعتمدة حالياً، إذ إنّ استمرار تحالف الدولة المصرية، أو اعتماد سياسات ترضي الغرب وبعض حكومات المنطقة، سيبقى عقبة كأداء تحول دون قدرتها على قهر الإرهابيين وتغيير البيئة الحاضنة لهم التي تحظى بدعم الحكومات الغربية وبعض حكومات المنطقة ولا سيما الحكومتين التركية والقطرية.
ثانياً، إذا ظلت السياسات الاقتصادية في مصر تعتمد على المعونات التي تأتي من الخارج، سواء كان هذا الخارج الولايات المتحدة أو المملكة العربية السعودية، فإنّ التنمية لن تحدث ولا تستطيع المعونات أن تنهض بأعباء هذا العدد الكبير من سكان مصر الذي يصل إلى حدود 90 مليوناً، فما الذي يمكن أن تفعله المليارات المحدودة التي تأتي من هذه الدول، فضلاً عن أنّ هذه المعونات مشروطة بشروط سياسية تجعل القدرة على الحسم ضد التنظيمات الإرهابية وداعميها المحليين أمراً في غاية الصعوبة في ظلّ الدعم الذي تحصل عليه من بعض الدول الغربية وبعض حكومات المنطقة، إضافة إلى الضغوط التي تتعرّض لها السلطات المصرية وتحدّ من قدرتها على تنفيذ القوانين والأحكام الصادرة، بما في ذلك الأحكام الصادرة ضدّ الإرهابيين أو ضدّ قادة جماعة «الإخوان المسلمين».
(البناء)