من أين نبدأ! العلامة الشيخ عفيف النابلسي
كلّ السلطة السياسية شاهدت ما حصل للمتظاهرين الغاضبين الساخطين في شارع المصارف وساحة الشهداء. هؤلاء لم ينزلوا إلى الشارع لولا شعورهم بالمهانة والإذلال. لا كهرباء منذ عشرات السنين، لا ماء، النفايات في الطرقات، تضخم، بطالة، شباب يائس، دستور لا يُعمل به، قوانين يتمّ تجاوزها مراعاة لهذا النافذ وذاك.
الشعب يئس من الفساد ويتطلع بصورة بائسة إلى وجوه لا يرى فيها أيّ أمل للتغيير، وسؤال الشعب متى ينتهي هذا الوضع الكارثي؟
متى يتمّ التوقف عن الهدر والسرقات؟ متى يترفّع السياسيون عن المهاترات ويلزمون حدود مسؤولياتهم.
أكبر العوائق التي تمنع أيّ إصلاح في البلد هو الطائفية التي تظهر تباينات جدية في طريقة مقاربتها من قبل الزعماء.
إحداث تغيير في مرحلة قصيرة أمر مستبعد، ولكن أي حراك يجب أن لا يتحوّل إلى مجرد أحلام متبدّدة.
لقد نزل العمال والمعلمون من أجل المطالبة بإصلاحات جزئية تتعلق بحقوقهم المكتسبة، ومع ذلك لم يحصلوا على النتيجة المرجوة نتيجة التكوين الطائفي والمصالح الطائفية داخل السلطة.
ونتيجة البنية السياسية الراهنة فإنّ الإصلاح الجذري يبدو غير واقعي على الإطلاق غير أنّ البقاء في هذا الوضع أمر غير مقبول بأيّ شكل من الأشكال.
كلبنانيين نفتقر إلى الوحدة الداخلية وإلى قضايا جامعة، وهذان عاملان ضروريان لإنجاح أيّ تحرك.
وما زلت اعتقد أنّ مشكلتنا أعمق بكثير من حلّ ملف هنا وملف هناك، على رغم أنّ معالجات ملفات بعينها بات حتى أمراً عسيراً. إذاً من أين نبدأ؟ من قانون انتخابات حديث يعيد إعطاء الحق للمواطن بالاختيار الصحيح. قانون يعيد إنتاج سلطة مسؤولة تحمل هم المواطنين، لا سلطة طائفية تنظر كيف تعزّز مواقعها الشخصية والطائفية.
قانون انتخابات يعطي الحق لكلّ لبناني بأن يكون مواطناً في وطن لا عنصراً في قبيلة.
قانون انتخابات يسمح بتداول السلطة على قاعدة وطنية وليس على أساس حيثية طائفية.
قانون يفسح المجال للبلديات أن تقوم بمهام تطوير وتنمية المجتمعات الداخلية والريفية بحيث لا تكون السلطة مكرّسة بيد شخص واحد أو زعيم واحد. يقول: أنا ربكم الأعلى!
(البناء)