مقالات مختارة

كلينتون وترمب يتصدران المنافسة الرئاسية لكن الطريق معبّد بالاشواك د.منذر سليمان

رئاسة حبيسة اثارة المخاوف

       اوجز الرئيس الاسبق جيمي كارتر جذر مأساة الحياة السياسية الراهنة في اميركا باعتبارها تحولت الى “ثمة رشاوى سياسية،” 28 تموز/يوليو 2015، محملا المسؤولية لقادة الحزبين و”كبار المتبرعين .. الذين ظفروا بتخريب النظام السياسي بأكمله .”

ربما لم يأتِ اقرار الرئيس كارتر بجديد، بيد ان اهميته تنبع من محورية مركزه واطلاعه على كل ما يدور في كواليس الاحزاب “وكبار المستثمرين،” لا سيما اعتراضه القاطع على تركيبة المحكمة العليا الراهنة واصطفافها في محاباة كبار رؤوس الاموال.

في المشهد الانتخابي العام، برز كل من دونالد ترمب وهيلاري كلينتون في صدارة الحزبين، الجمهوري والديموقراطي تباعا، وكليهما يئن من اعباء سياسية ومسلكية تتراكم تصاعديا وتنذر بالنيل من وجهة السباق ومستقبليهما معا.

درج الحزب الجمهوري على حشد قواعده الانتخابية باثارة مخاوفها وحساسياتها “ضد الآخرين،” وكذلك الحزب الديموقراطي بشكل عام، وان اختلفت السبل والتكتيكات وفق ما تقتضيه الظروف واعتبارات التنفيذ. الواقع الثابت ان المشهد السياسي الاميركي عادة يتم “حشده وشحنه بمشاعر الخوف والكراهية” ضد القوى المهمشة اقتصاديا واجتماعيا والاقليات بشكل عام؛ بل لم يعرف نهاية “للخشية من جنون الارتياب والاضطراب.”

واثبتت الجارب التاريخية فعالية لا تنضب للحزبين لاعتمادهما عامل الخوف كاستراتيجية استعطاف واستمالة عامة الشعب “وتسخيرها لاثارة مشاعر الوطنية السطحية” بينها وثم استثمارها في البازار السياسي.

رعونة ترمب تفضح فاشية الحزب الجمهوري

       مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب لا ترف له جفن او وخزة ضمير لتوصيفات باتت ملازمة له في ترحاله: قاسي القلب، وقح، عنصري، مهرج، يكشف مكنوناته الفكرية والعقائدية دون حرج .. الخ، وربما مرادفات اخرى تنطبق عليه اشد تطرفا مما ورد. حقيقة الأمر ان تصرفات ومسلك الملياردير “تجسد” خصائص ومباديء ومنطلقات السياسة الاميركية منذ ولادة كيانها السياسي المستند الى العنف والبطش اولا. بل يلقى آذانا صاغية ونفوسا صاغرة للتقرب منه كناية عن التزامها الفكري والعقائدي بل والغريزي ايضا.

       يشار الى ان ما يسمى “الاباء المؤسسون” للكيان السياسي الاميركي يشاطرون ترمب في جملة سلوكيات وخصائص، لا سيما وانهم بالمجمل “تفاخروا بتعصبهم العنصري والثراء الفاحش والغطرسة وممارسة الرق،” فضلا عن اعتقادهم بدونية المرأة، اتساقا مع تصريحات وسلوكيات ترمب.

       الحرج والاحراج التي يتسبب بها ترمب باطلاقه تصريحات “رعناء،” في نظر بعض النخب، لم تمنعه من تصدر المشهد السياسي برمته بخلاف كافة التصورات والتوقعات السابقة. الآلة الاعلامية للحزب الجمهوري، ممثلة بقناة فوكس نيوز، استضافت ترامب برفقة معظم المرشحين الآخرين في حلقة جدالية طمعا في احراجه واخراجه عن المألوف، كما يعتقد، تنتهي بتسديد ضربة قاسية لحملته تعزله مبكرا.

غرور وغطرسة ترمب ساهمتا بعكس ذلك، وشكلتا حرجا لخصومه في الحزب الجمهوري. وقد يذهب المرء للقول ان الآلة الاعلامية برمتها تعمل على “تقليص” حجم الخسارة بعد “صمود” ترمب امام جهود التوريط.

في هذا الصدد، اوضح الرئيس الاسبق لمجلس النواب عن الحزب الجمهوري، نيوت غينغريتش، ان ترامب يحدد بمفرده قوانين اللعبة الانتخابية فهو “ليس مدين لأحد كونه ينفق من ثروته الخاصة وليس بحاجة الى تبرعات انتخابية.” واضاف ان ترمب يعد “افضل محاور اعلامي، ربما على طول عمر التاريخ السياسي الاميركي.”

ترمب جاهر باستغلاله ثروته المالية الضخمة “لشراء ولاء ونفوذ” شخصيات سياسية نافذة للحفاظ على مصالحه المتشعبة، ليس اقلها معاداته تشكيل نقابات عمالية في الفنادق والكازينوات التي يمتلكها في مدينة الملاهي لاس فيغاس. بل “تفاخر” ترمب بتأييده حملة المرشحة هيلاري كلينتون للرئاسة ماليا عام 2008، فضلا عن دعم مرشحين آخرين عن الحزب الديموقراطي.

       حذر الرئيس الاسبق جيمي كارتر، في المقابلة المذكورة، من تركيز السلطة بايدي قلة من الميسورين قائلا ان النظام السياسي “اضحى مجرد اوليغاركية (قلة سياسية)، تتمتع برشى سياسية لا تنضب تتحكم بالترشيحات للمناصب (المحورية) كمنصب الرئيس او انتخابه.” “الاوليغاركية” في ترجمة الحزب الجمهوري ومرشحه دونالد ترمب تقود الى تسلط كبرى الشركات بالمفاصل الاساسية، الأمر “الذي يتنامى في معظم المشهد السياسي العالمي.”

في الطرف المقابل، تتصدر هيلاري كلينتون قائمة مشرحي الحزب الديموقراطي، وقد يسفر الأمر عن منافسة بينها وبين الملياردير ترمب؛ ويتفوق عليها راهنا في عدد محدود من الولايات “المحورية للانتخابات،” فلوريدا مثالا، التي يطمعان للفوز بها ان كان سيكتب لأي منهما النجاح.

المشهد الانتخابي راهنا

       استعد المرشحون باكرا لتمويل حملاتهم الانتخابية بمبالغ وفيرة، غير مسبوقة، اذ استطاعت المرشحة كلينتون تكديس تبرعات مالية بلغت حتى اللحظة ما ينوف على 47 مليون دولار، جلها من كبار الاثرياء المؤيدين. المرشح جيب بوش، من جانبه، راكم تبرعات اعلى بلغت 114 مليون دولار، من قطاع كبار الاثرياء وشركات النفط. ترمب يستند الى ثروة شخصية تبلغ نحو 9 مليار دولار على الاقل، فضلا عن تأييد ذات الشريحة من كبار الاثرياء في المجتمع الاميركي.

       احدث استطلاعات الرأي التي اجرتها شبكة (سي ان ان) للتلفزة تشير الى تفوق كلينتون على ترمب بما لا يزيد عن 6 نقاط مئوية، والمساحة تضيق باضطراد. ارتفعت شعبية ترمب، عقب المناظرة المتلفزة المشار اليها، من 67% الى 79% بين صفوف الناخبين الجمهوريين والمستقلين الذين يميلون لانتخاب مرشح جمهوري، منذ نهاية شهر تموز الماضي. الملفت ايضا ان شعبيته، وفق نتائج الاستطلاعات، سجلت ارتفاعا بينا بين صفوف قطاع المرأة، من 50% الى 55%، خاصة بعد المشادة السياسية بينه وبين مقدمة البرامج في قناة فوكس نيوز، ميغان كيلي.

       واوضح استطلاع (سي ان ان) سالف الذكر ان ترامب يتقدم ثلاثة مرشحين اخرين من الحزب الجمهوري كفريق شبه نهائي في مقابل كلينتون، التي تتقدم على كافة المرشحين الاربعة في الاستطلاعات الجارية على الرغم من تقلص الفجوة بينها وبين خصومها. اللافت ان كلينتون تتفوق على المرشح جيب بوش بنحو 9 نقاط مئوية، وعلى ترامب 6 نقاط.

       القضايا “والعقبات” السياسية التي تثار امام السيدة كلينتون، بتصميم واصرار يقارب حالة الانتقام والثأر منها من قبل قادة الحزب الجمهوري في مجلسي الكونغرس، لم تسجل تراجعاً بيناً في شعبيتها. لكن هذا لا يعني ان السباق سيستمر دون عثرات بعضها قوية تنال كلا من كلينتون ودونالد ترمب، كل لاسبابه الخاصة.

ترمب يعرّي ويحرج حزبه

       احدى القضايا المحورية التي تعد “قاتلة” للحزب الجمهوري هي سياسته المناهضة للهجرة، لا سيما من دول اميركا اللاتينية والمكسيك بشكل خاص، ويعتبرها “هجرة غير مرخصة او قانونية” ينبغي تقييدها والحد منها.

       ترامب ذهب ابعد من ذلك بتوجيهه اتهامات عنصرية ضد المهاجرين، لا سيما من المكسيك، مدركا ان القضية تستقطب الاهتمام الاعلامي وهو ما احرزه منذ اعلانه دخول السباق الرئاسي. المرشحين الاخرين عن الحزب الجمهوري سعوا لاستيعاب المسألة بخجل حتى لا تنقلب وبالا عليهم، بينما مضى ترمب في هجومه وتصريحاته الفجة والاقصائية كافأه جمهوره الانتخابي بتعزيز تأييده له كونه “يعبر عن خلجات افكارهم واهتماماتهم بصدق.”

       سجل احدث استطلاع اجراه معهد راسموسن المرموق تأييد نحو 80% من مجموع الناخبين الاميركيين لسياسة ترحيل كافة المهاجرين فاقدي الوثائق الرسمية، مقابل 11% من المعارضين. ايضا اعرب نحو 34% منهم عن تأييده سياسة الرئيس اوباما لمنح المهاجرين حماية قانونية ضد الترحيل القسري، والذين يصل تعدادهم نحو 5 مليون فرد.

       مستقبل ترمب السياسي، بالرغم من نجوميته الصاعدة، ليس مضمون في ظل الالة السياسية للحزب الجمهوري التي تبحث عن مرشح يعبر عن مصالحها بشكل ادق، وبدء شحذ سيوف الهجوم عليه من زاوية خروجه على “المثل والقيم المشتركة للمحافظين؛” خاصة من خصوم متوغلين في المحافظية مثل سكوت ووكر، وبدرجة اقل، راند بول وتيد كروز.

       نقلت شبكة فوكس نيوز لقطاع الاعمال توجهات اعلامية لدى المرشحين الآخرين للبدء بحملة اعلامية متلفزة ضد ترمب، في الاسابيع القليلة القادمة، والنيل من مواقفه حول مسألة مستقبل المهاجرين الى جانب سجله واسلوبه كرجل اعمال يقتنص الفرص لتدمير خصومه.

       حملة اقطاب الحزب الجمهوري لاقصاء ترمب غير مضمونة النتائج، سيما وان القاعدة الانتخابية لا زالت تتجاوب مع التصريحات السهلة لترمب. في حال بقي ترمب مرشحا للحملة الانتخابية، وهو الاقوى من بين المرشحين الآخرين، سيضطر الحزب الجمهوري التأقلم معه والاقرار ضمنا بخسارته الانتخابات الرئاسية، وخوضها بأقوى مرشح في جعبته، كما يعتقد.

       يشار في هذا الصدد الى الحملة الرئاسية السابقة، عام 2012، التي شهدت تفوق مرشحي الحزب الجمهوري على الرئيس اوباما لبضعة اسابيع متواصلة، ومن ثم سقط الرهان عن المرشح “الافضل” لاعتقاد غالبية القواعد الانتخابية انه كان ضعيفا امام الرئيس اوباما.

عبء هيلاري كلينتون

في بداية مشوارها السياسي، عقد الستينيات من القرن الماضي، كانت هيلاري كلينتون من مؤيدي وناشطي الحزب الجمهوري، واصطفت الى دعم حملة ريتشارد نيكسون آنذاك ضد جون كنيدي؛ كما اوضحت في مذكراتها لاحقا. نقطة التحول كانت عام 1968 الذي شهد اغتيال كل من مارتن لوثر كينغ والمرشح الرئاسي روبرت كنيدي، وتحولت ببطء ملحوظ لنصرة حركة الحقوق المدنية ومعاداة الحرب الاميركية على فيتنام.

مجرد ذكر هيلاري كلينتون يثير اشمئزاز الحزب الجمهوري، لقناعات مسبقة تتعلق بسجلها المهني والسياسي. للتعرف على كنه “حقد” الحزب الجمهوري بقياداته وقواعده لهيلاري وعقلية الثأر منها تنبغي الاشارة الى الدور الموكل اليها، كانون الاول / ديسمبر1973، من قبل لجان الكونغرس بأغلبية ديموقراطية “للتحضير وادانة الرئيس ريتشارد نيكسون.” واستنفذت بضع شهور متواصلة تستمع فيها الى تسجيلات الرئيس نيكسون الصوتية التي اضطر لتسليمها للكونغرس بعد انكشاف امر وجودها. تضمنت مسؤوليتها ايضا انجاز “هيكل اداري تنظيمي” لطواقم البيت الابيض خلال ولاية نيكسون، لتحديد مسؤولية كافة الضالعين بقضية “ووترغيت.”

في السنوات الاخيرة حققت كلينتون شبه اجماع داخل الحزب الديموقراطي بأهليتها الانتخابية منذ نهاية عهد زوجها الرئيس بيل كلينتون قبل 15 عاما، واستمر نجمها في الـتألق عقب الانتخابات الرئاسية لعام 2008، توجتها بتسلم حقيبة وزارة الخارجية الاميركية. تلقت هيلاري سلسلة هزات وعقبات منذ توليها وزارة الخارجية ادت الى بعض التراجع في زخم التأييد لها داخل اوساط الحزب الديموقراطي.

       اتخذت قرارها للتحضير للسباق الرئاسي مبكرا، استنادا الى عناصر استراتيجية بلورتها بعناية سوية مع زوجها مفادها انه يتعين على الحزب الديموقراطي ابداء تفهما اكبر لمصالح الشركات الكبرى وانتهاج سياسات “نيو ليبرالية” محورها تبادلات السوق دون قيود او كوابح، والتي تم ارساءها في عهد الرئيس بيل كلينتون باستحداث “مجلس قيادة الحزب الديموقراطي،” باشراف الرئيس كلينتون ونائبه آل غور.

ونقل عنها اعدادها لتولي حقيبة وزارة الخارجية لمدة اربع سنوات، 2008-2012، تستقيل بعدها لتتفرغ لجهود الاعداد للحملة الرئاسية بعد انجازها خبرة فريدة في مجال السياسة الخارجية تميزها بشدة عن معظم المرشحين المحتملين في الطرف المقابل، وتنال ترشيح حزبها بسلاسة افضل.

       تعثر مسيرة هيلاري السياسية لها ابعاد موضوعية، ابرزها افتقادها للمهارات السياسية العالية المشهودة لزوجها بيل كلينتون، وظهورها الاعلامي “المتشنج” احيانا مما يحرمها من حرارة التعامل برفق مع جمهورها، وميلها للسرية. انعكس ذلك بوضوح على تدني عدد الحضور لمحطاتها الانتخابية التي لم يتعدى عدده بضع مئات مقابل الآلاف لسماع خصمها عن الحزب الديموقراطي، برني ساندرز.

       نجاح المسيرة السياسية ايضا يولد بعض الامتعاض وعدم الحماس داخل طواقم الحملة الانتخابية، وهو ما خبره الثنائي كلينتون خلال مسيرتهما الطويلة. بيد ان هيلاري باتت تعاني من عدم وفاء بعض افراد طواقمها مبكرا، وحرمها من نصائح وارشادات اساسية موكلة لاعضاء الفريق، لا سيما كشف احد اهم مساعديها عن وجود خادم بريد الكتروني خاص تحتفظ به اثناء توليها منصب وزيرة الخارجية ولا يخضع لمواصفات السرية المطلوبة، كدليل يستخدم ضدها لانتهاكها القوانين المعمول بها – كما يقال.     استغل الحزب الجمهوري الأمر الى ابعد مدى طمعا في تحقيق اختراق سياسي يؤدي الى ابعادها عن الحلبة السياسية.

       على الرغم من مشاعر الابتهاج داخل اوساط معارضي كلينتون، والترويج لامكانية تصرفها باستقلالية عن متطلبات مهامها في وزارة الخارجية، الا انها لا تزال تتمتع بتأييد اغلبية الناخبين. واوضح احد استطلاعات الرأي الحديثة ان حجم تأييدها بلغ نحو 56%، بارتفاع طفيف عما سجله في شهر آذار الماضي. الاتهامات لا زالت تلاحقها، كما اسلفنا، وادت الى تخلي بعض القاعدة الديموقراطية عن دعمها من نسبة 71% في شهر آذار الماضي الى 63% في الوقت الراهن. اما في اوساط الناخبين المستقلين فقد حافظت كلينتون على معدلات تأييدها البالغة 37%.

       روج خصوم كلينتون ايضا الى ان مكتب التحقيقات الفيدرالي “ينوي” اجراء تحقيق بطابع جنائي فيما يخص المراسلات الالكترونية وخادم البريد الالكتروني الخاص بها، بغية التيقن من “عدم انتهاكها للقوانين السائدة او قيامها بتضليل متعمد للاجهزة المختصة،” وتعميق ازمة الثقة مع الناخبين.

       الجدل الدائر يخدم ايضا خصمها المرشح عن الحزب الديموقراطي، برني ساندرز، الذي شهد تأييدا مضاعفا لحملته بين القواعد الانتخابية وتقلص حجم الفجوة مع هيلاري الى 18 نقطة مئوية، في احدث استطلاع للرأي اجرته شبكة (سي ان ان) للتلفزة منتصف الاسبوع الجاري.

       تعثر حملة كلينتون يشكل قلقا بالغا لبعض قادة الحزب الديموقراطي وخشيتهم من تحولها الى عبء يثقل كاهل الحزب ويقوض سمعته وقدرته الانتخابية، مما دعاهم للنظر باحتمال انضمام نائب الرئيس جو بايدن الى الحملة الانتخابية، كحل استباقي لتعثر حظوظها، بينما يتوفر اجماع حول تفوق بايدن على دونالد ترمب في ولاية فلوريدا المركزية التي تراجعت فيها كلينتون بعض الشيء. البعض الآخر يزعم انه يسمتزج اراء نائب الرئيس الاسبق آل غور لدخول حلبة السباق الرئاسي ان تطلب الأمر.

       امام تعثر هيلاري وميلها للتعميم والسرية والتقدم الحذر من كافة القضايا الهامة يبقى دونالد ترمب يوجه اتهاماته يمينا ويسارا غير عابيء بالتداعيات، كاحد اهم العوامل المميزة للمرشح الساعي للتفاعل مع تطلعات وتوقعات الناخبين التحلي بالصراحة والوضوح.

       تعكف الماكنة السياسية للحزب الديموقراطي، قادة ومؤثرين، على دراسة افضل الخيارات التي تضمن خروج الحزب من شرنقته الراهنة، بوجود هيلاري او عدمه.

خلاصة المشهد

       من غير المتوقع ان نشهد تغيرا على مسار ووجهة السياسة الخارجية للحزبين، كما يدل عليها الوضع الراهن. في جانب الحزب الجمهوري ومرشحه ترمب، حال فوزه، سيمضي في تنفيذ سياسات تهدد وتستفز الخصوم والمؤيدين معا كونها تأتي من جوهر برنامج الحزب عينه مع الفارق انه لن يخضع “للفلترة او تخفيف اللهجة” او العناية باعتبارات وحسابات الآخرين.

       كلينتون، ان استمرت في السباق الرئاسي، ستطبق سياسات متشددة ايضا، مع فارق في التكتيك وسلاسة الخطاب السياسي، واعلاء كلمة اقطاب الحرب داخل السلطة السياسية.

       غني عن القول ان كليهما، ان بقيا لنهاية الحملة، يتمتع بمزايا وخصائص تصب في خانته صالحه؛ ويحمل تناقضات واعباء متباينة قد تطيح بهما معا قبل او اثناء انعقاد مؤتمري الحزبين العام المقبل.

       فيما يخص كلينتون فان مركز قوتها يكمن في ضعف الحزب الديموقراطي، ليس في البعد البنيوي فحسب، بل في قدرته على بلورة وصياغة سياسات خاصة به تعيد اليه ألقه التاريخي السابق بالاصطفاف الى جانب مطالب الطبقة الوسطى وتاييد الشرائح المهمشة بتطوير برامج رعاية اجتماعية تنهي قبضة اليمين في الحزبين.

       على صعيد المنافسين المحتملين من الحزب، لا تعاني كلينتون من منافسة انتخابية حقيقية، سيما وانها المرأة المؤهلة في مواجهة رجال ثلاثة (ساندرز غور وبايدن) الذين يعانون مسبقا من كسب تأييد القاعدة الانتخابية، بل قد يؤدي ترشيح اي منهم الى عزوف الناخبين الديموقراطيين عن الادلاء باصواتهم باعداد كبيرة.

       في المدى المنظور، ان تحققت كوابيس هيلاري وقوضت حملتها الانتخابية فان ذلك سينسحب تلقائيا على مصير الحزب الديموقراطي برمته. في الطرف المقابل، تتوفر للحزب الجمهوري عدة خيارات بديلة عن دونالد ترمب قد تستطيع الهاب حماس القاعدة الانتخابية.

       في ظل تلك اللوحة تتضح ميزة الحزب الجمهوري في استبدال ترمب والحفاظ على قدر معقول من حظوظ الفوز بالانتخابات الرئاسية؛ بينما تتلاشى تلك الميزة من امام الحزب الديموقراطي ومواجهة حملة منافسات قاسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى