مقالات مختارة

مجلس الأمن وغاز الكلور حميدي العبدالله

 

أقرّ مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي بالإجماع قراراً حمل الرقم 2235 يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بالتنسيق مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقديم تقرير وتوصيات في غضون عشرين يوماً على إنشاء آلية تحقيق مشترك، يتمّ بموجب هذه الآلية تشكيل لجنة لمدّة سنة واحدة مع إمكانية التمديد لها، للتحقيق في الهجمات التي تمّ استخدام السلاح الكيماوي فيها في سورية، ويكون من سلطات لجنة التحقيق تحديد الأفراد والهيئات والجماعات والحكومات التي يشتبه في تورّطهم ومسؤوليتهم وارتكابهم، أو المشاركة في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، بما في ذلك غاز الكلور، أو أيّ مواد كيماوية سامة أخرى. ويطالب القرار الحكومة السورية وجميع الأطراف الأخرى في سورية التعاون مع الخبراء في لجنة التحقيق وتوفير إمكانية الوصول الكامل إلى جميع المواقع والأفراد والمواد ذات الصلة في سورية للمحققين في اللجنة المشتركة، كما يدعو القرار الدول الأخرى إلى تقديم أيّ معلومات لديها حول المسؤولين والمشاركين في استخدام المواد الكيماوية كأسلحة في سورية.

هذا القرار الذي أقرّ بإجماع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بما فيها روسيا والصين وفنزويلا وهي دول صديقة لسورية، ما كان لها أن تصوّت على هذا القرار لو كان كيدياً وهدفه النيل من الدولة السورية، لكن ذلك لا يمنع من تسجيل ملاحظتين حول هذا القرار. الملاحظة الأولى، ليس ثمة ضمانة أكيدة بعدم استغلال فريق التحقيق الدولي، إذا لم يكن هناك مشاركة فعّالة لخبراء من دول تضمن عدم تواطؤ خبرائها مع أي جهات تريد حرف التحقيق، ومواكبة دقيقة وفعّالة من قبل أعضاء مجلس الأمن، لا سيما روسيا والصين، لأعمال فريق التحقيق، لأنّ مؤسسات الأمم المتحدة مليئة بالعناصر المرتبطة بالاستخبارات الغربية، ولا يمكن الوثوق بنزاهة وحيادية أيّ تحقيق يجربها المحققون والخبراء من دون مثل هذه المواكبة التي تشدّد الرقابة والمساءلة حول عمل لجنة التحقيق، وتضمن شفافية ونزاهة هذه اللجنة.

الملاحظة الثانية، سيكون من السهل الحصول على تعاون الحكومة السورية مع بعثة التحقيق الدولية، وستمكن الحكومة السورية عناصر البعثة من الوصول إلى أيّ شخص أو هيئة أو موقع يساعدها على إنجاز مهامها. لكن من يضمن تعاون التنظيمات المسلحة، ولا سيما التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» وغيرهما من تشكيلات تنظيم «القاعدة»، وهذه التشكيلات جميعها تعلن جهاراً نهاراً عداءها للأمم المتحدة ومؤسساتها، وبالتالي لن تتعاون ولن تسهل الوصول إلى الأشخاص والمواقع التي هي تحت سيطرتها، فكيف يمكن للتحقيق في هذه الحالة أن يصل إلى نتائج عملية وأن لا يكون امتداداً لتجارب سابقة، أيّ استخدام المعايير المزدوجة كما هو حال الأمم المتحدة في كلّ مقارباتها لمضاعفات النزاع في أنحاء مختلفة من العالم.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى