قليل جدا ومتأخر جدا: يوسي ملمان
يبدو أن «الشاباك» والجيش الاسرائيلي وجهاز الامن، ولا سيما رئيس الحكومة ووزير الدفاع، قرروا رفع الغيار. اقتحامات البؤر الاستيطانية أمس في عدي عاد والبلادم، التي شملت تفتيش عدد من البيوت واعتقال تسعة للتحقيق واصدار اوامر الاعتقال الاداري ضد نشيطين من اليمين المتطرف، تشير إلى ادراك المؤسسة السياسية الامنية أن هناك خطر حقيقي من هؤلاء العشرات من اليهود المشتبهين بالاعمال الإرهابية أو التخطيط لاعمال كهذه.
البؤرة الاستيطانية عدي عاد توجد بقرب قرية دوما التي نفذ فيها القتل قبل عشرة ايام لأب وابنه من عائلة دوابشة.
البؤرتان اللتان اقتحمتهما الشرطة و«الشباك» والجيش الاسرائيلي تعتبران معقلا للإرهاب اليهودي. الاثنان اللذان صدر ضدهما أمر الاعتقال، مئير اتنغر وافيتار سالونيم، يعتبران زعماء المجموعة التي ليس لها اسم، لكن لها هدف واضح. صحيح أن هذه المجموعة تتحدث عن التمرد على اسرائيل باعتبارها دولة ديمقراطية، إلا أن نيتها اثارة الاستفزاز العنيف على أمل أن يتسبب ذلك بردود افعال للفلسطينيين عن طريق الانتفاضة، الامر الذي سيدفع الدولة إلى قمعها بالقوة.
الاول الذي صدر ضده امر اعتقال اداري في الاسبوع الماضي هو مردخاي ماير، حيث يشتبه «الشباك» بعلاقته في حادثة حرق كنيسة الخبز والسمك في طبرية. وفي «الشباك» والشرطة يعتقدون أن اتنغر وسالونيم يرتبطان ايضا بحرق الكنيسة، وربما بالعملية المفزعة في دوما، التي نأمل أن لا يزداد عدد ضحايا أكثر من اثنين، وأن ينجح الاطباء في انقاذ الأم التي تصارع على حياتها.
بعد توصية «الشباك» التي وقع عليها وزير الدفاع موشيه يعلون حسب القانون، صدر أمر الاعتقال الاداري. هدف الاقتحامات والاعتقالات الادارية ثلاثيا: الاول، التضييق على المشتبه فيهم. من هذه الجهة الاقتحام يُذكرنا بسلوك الشرطة عندما تتصرف ضد مشتبه فيهم جنائيين، حيث يقوم الشرطي بفحصهم كلما التقى بهم. وللاقتحام هدف عملياتي ايضا. حتى إذا كان الاحتمال ليس كبيرا ـ فان معرفة المشتبه فيهم بالإرهاب كيفية عمل الشرطة و»الشباك» وهم يقومون بالتدرب على ذلك، فان التفتيش في البيوت سيساعد دائما على أمل أن يخطيء شخص ويترك بصمة أو علامة تساعد في التحقيق أو كدليل ضده.
الهدف من الاعتقال الاداري دائما هو الاحباط، ابعاد قادة المجموعة وقطع الصلة بينهم وبين العالم الخارجي بعامة وبينهم وبين اصدقاءهم بخاصة. إن استخدام هذه الوسيلة اشكالي، ومن ناحية مبدئية هي ليست جيدة في دولة ديمقراطية. لكن الديمقراطية لا يمكنها الصمت أمام قتلة سياسيين وايديولوجيين خارجين على القانون.
مع ذلك، ما تم عمله حتى الآن هو للأسف متأخر جدا وقليل جدا، لأن القانون يميز بين الفلسطينيين المشتبه فيهم بالاعمال الإرهابية وبين المواطنين الاسرائيليين المشتبه فيهم بأعمال مشابهة. يتم استخدام وسائل جسدية ونفسية صعبة ضد الفلسطينيين في حالة الاشتباه بـ«قنبلة متكتكة»، وتتم محاكمتهم في المحاكم العسكرية في المناطق، في حين تتم محاكمة الاسرائيليين في المحاكم المدنية في الدولة. تتم ادانة وعقاب الفلسطينيين بشكل جماعي مثل اغلاق البيوت وهدمها، في حين أن الاسرائيليين محصنين من هذا العقاب. خلال الـ 48 عام من الاحتلال تطورت في اسرائيل بالتدريج آلية قضائية لا يتم بحسبها ضم المناطق للسيادة الاسرائيلية، لكن القانون الاسرائيلي يسري على الاسرائيليين الذين يعيشون في المناطق. وهذا بخلاف ما هو متعارف عليه في القضاء، حيث أن القانون يسري على الجغرافيا.
يتم اتخاذ الخطوات بشكل متأخر لأنه كان يفترض اتخاذها قبل اكثر من ثلاثين سنة، عندما تم الكشف عن التنظيم السري اليهودي الاول الذي استهدف رؤساء البلديات في الضفة الغربية. من المؤسف أن أب وابنه سقطا ضحايا للإرهاب اليهودي كي تفهم الدولة أنه إذا لم تقض عليه فانه سيتسبب بانهيارها. مع ذلك فان الذي يأتي متأخرا أفضل من الذي لا يأتي أبدا.
معاريف