ريف إدلب الغربي: أول هزيمة لـ«جيش الفتح» محمد بلوط
تلال ريف ادلب الغربي ساحة أول واكبر هزائم «جيش الفتح». المعركة التي خاضتها على مدار الأيام الأربعة الماضية، وحدات الجيش السوري على محاور سهل الغاب في ريف حماه الشمالي الشرقي، ومحور زيزون في ريف ادلب الغربي، انتهت بانتصار، يبين الحدود التي لا يمكن لـ «جيش الفتح» أن يتجاوزها من ريف ادلب نحو سهل الغاب جنوباً، وغرباً نحو ريف اللاذقية والساحل.
وإذا ما تأكد زخم الهجوم المعاكس للجيش السوري في الساعات المقبلة، فالأرجح أن يكون هدف العمليات الوصول مجددا إلى جسر الشغور، شريطة النجاح في تثبيت خطوط الإسناد، القريبة من المدينة. ووصلت طلائع الجيش السوري إلى السرمانية، على بعد 10 كيلومترات جنوب غرب مدينة جسر الشغور، فيما تقاتل وحدات أخرى، لاستعادة الفريكة التي تقف على بعد سبعة كيلومترات، جنوب شرق المدينة.
الهزيمة التي لحقت بالجماعات التي وحدتها قبل أربعة أشهر لحظة تنسيق وهجوم مضاد سعودي ـ قطري ـ تركي، تبدو مضاعفة في لحظة ارتباك تركي كبير في الشمال السوري، بسبب ترتيب الأولويات باتجاه منع التمدد الكردي في ممر جرابلس ـ منبج ـ الباب لتحقيق التواصل مع الإدارة الذاتية في عفرين وترسيم جدار لكيان كردي يمتد 800 كيلومتر، ثم احتواء «داعش» بدرجة اقل، تحت ضغط الحليف الأميركي.
فبعد الهزيمة التي لحقت بـ «جيش الفتح»، لا يبدو مستبعدا أن تطفو على السطح الخلافات بين «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» ـ بعد أن لعب تمدد الجبهة في ادلب دوراً مهماً في تأجيل انفجار الخلاف بين تلك المجموعات ـ والمنافسة المستمرة على إدارة ادلب وغنائمها، حيث لا تبدو «النصرة» قادرة وحدها على إدارتها من دون المجموعات الأخرى، لا سيما «أحرار الشام»، فيما تستعر التصفيات التي تعصف بها بعد قيام «جند الأقصى»، حليف «النصرة»، باغتيال مازن قسوم، قائد «فيلق الشام» في ريف حلب الشمالي .
وتواجه «النصرة» حرباً متزايدة من طيران التحالف الذي قصف مقارها في إعزاز، بعيد خطفها العقيد المنشق نديم حسن قائد «الفرقة 30 مشاة»، التي دربت عناصرها الستين الاستخبارات الأميركية في تركيا، وذلك بعد ساعات من دخولها إلى إعزاز.
ورغم أن الخلافات الحلبية لم تنتقل كليا إلى ادلب، إلا أن وجود الوحدات المقاتلة نفسها على الجبهتين، سيسهم في تفخيخ «جيش الفتح»، لا سيما بعد أن قامت «النصرة» بنقل قوات كبيرة من وحداتها المرابطة في ريف ادلب، وتعزيز غرفة عمليات «أنصار الشريعة» شمال غرب حلب. وقد لا تبقى الخلافات دون انفجار مع حشد «النصرة» في ريف حلب الشمالي لتعزيز حضورها في مواجهة معركة ممر جرابلس ـ منبج ـ الباب المقبلة، مع إقصائها وترشيح «أحرار الشام» للعب دور القوة الرديفة للجيش التركي، لاحتلال هذه المنطقة، إذا ما نجح الأتراك في إخراج «داعش» منها، قبل أن يعمل الأميركيون على دفع الأكراد لاحتلالها، باعتبارهم ركيزة عملياتهم البرية الوحيدة التي باتت تحظى بثقتهم، رغم كل الصراخ التركي.
وأبدى الجيش السوري وحلفاؤه من الحرس الثوري و«حزب الله»، مرونة بالغة في مواجهة الهجوم الذي بدأه «جيش الفتح» الثلاثاء الماضي، إذ استطاعت وحداته، تنظيم انسحاب منظم، والعودة بعد 48 ساعة من احتواء الهجوم إلى الرد بهجوم معاكس قاده العقيد سهيل الحسن، وتمكن في وقت قياسي من التقدم في سهل الغاب، واستعادة خربة الناقوس والمنصورة، والدخول إلى زيزون ومحطتها الحرارية وسدها، ومرج الزهور، فمداخل الفريكة، بعد قليل من إنهاء عبدالله المحيسني، رئيس «مركز دعاة الجهاد»، خطابه إلى «المجاهدين» في قلب المحطة التي دمر القتال جزءا واسعا منها. كما لعب توزيع محاور الهجوم دوراً كبيراً في تشتيت «جيش الفتح»، واحتواء موجات الهجوم التي كانت تعتمد على مجموعات صغيرة، تقوم بإشغال الجيش، إذ شن الجيش هجماته عبر ثلاثة محاور من سهل الغاب، ومن محور قرقور في ريف ادلب باتجاه زيزون، الفريكة، تل حمكي.
وتقول مصادر من المعارضة في المنطقة إن أكثر من 180 قتيلاً قد سقطوا، بينهم 110 أجانب ينتمون إلى «جبهة النصرة» و «أحرار الشام»، و «الحزب الإسلامي التركستاني» (الاويغور الصينيون). كما قتل السعودي محمد مفلح الزهراني وهو قائد ميداني لأحد معسكرات تدريب «جند الأقصى». وقتل الجيش السوري في معركة زيزون عبد المجيد المطيري وهو من أوائل العرب الذين قاتلوا في أفغانستان.
وسقط مقاتلون ينتمون إلى وحدة هندية، يقول مصدر معارض إن أفرادها قدموا من قطر عبر تركيا، ودفع المقاتل منهم خمسة آلاف دولار، للوصول إلى جسر الشغور والانضمام إلى معارك ادلب.
ولعب الطيران السوري دوراً أساسياً في منع المهاجمين من تثبيت خطوط الإسناد، أو التمركز في التلال، لا سيما في تل خطاب، وتل اعور، والمشيرفة، والمنطار. وخلال العمليات تقدم الجيش لحماية الطرق الالتفافية بين حماه، فسهل الغاب، فريف اللاذقية، فسيطر على تل اعور، الذي دارت فيه معارك طاحنة، بعد هجوم معاكس شنته مساء مجموعات «جيش الفتح» لاستعادته، فيما حاولت مجموعات أخرى التقدم نحو حاجز «الفورو» شمال جورين. وخاض الجيش ليلا معارك صعبة لتثبيت مواقعه في تل حمكي.
(السفير)