من أحرق الرضيع علي دوابشة لا يختلف عن «داعش» في شيء: ناحوم برنياع
ظاهرا، جريمتا الكراهية اللتان هزتا الاسرائيليين في نهاية الاسبوع خلقتا اجماعا نادرا: الجميع، من الرئيس ورئيس الوزراء حتى آخر المعارضة، شجبوا بأشد الكلمات التي تمكنوا من ايجادها، وجميعهم وعدوا الا يهدأوا والا يسكتوا إلى أن يقدم المجرمون للحساب وتتوقف الجرائم. جميعهم هرعوا ليواسوا الجرحى، من مستشفى شيبا، حيث نقل جريحا الاحراق في دوما، وحتى مستشفى هداسا، حيث نقل جرحى مسيرة الفخار في القدس.
الخطاب الذي ألقاه وزير الطاقة شتاينتس في مهرجان طائفة المثليين في حديقة مئير في تل ابيب أمس كان يشبه على نحو مدهش الخطاب الذي ألقاه بوجي هرتسوغ قبله، والخطاب الذي ألقاه شمعون بيرس قبلهما، والخطاب الذي ألقاه يئير لبيد بعده. الكل متفقون: من احرق حتى الموت الرضيع علي دوابشة مثله كمثل داعش؛ الكل متفقون: الخوف من المثلية ظاهرة لا تطاق.
وعندها ماذا فعلنا؟ يكاد يكون لا شيء.
كنت في المظاهرتين أمس، مظاهرة «السلام الآن» في ميدان رابين، ومظاهرة الطائفة في حديقة مئير. الجمهور ـ آلاف قليلة في ميدان رابين، ممن انضم بعضهم إلى الآلاف في حديقة مئير ـ كان الجمهور الكلاسيكي لتل أبيب: الكثير من الشباب، الكثير من الشيوخ، وقلة من الجيل الوسط. واكثر مما كان هناك من إبداء للغضب، كان اكتئاب، يأس، احباط. عندما روى صلاح دوابشة، عم القتيل، من على المنصة في الميدان عن العملية التي فتكت بعائلة اخيه، كان هناك من ذرف الدمع. الرسائل السياسية غرقت في الدموع.
لطائفة المثليين مطالب خاصة بها: فهي تريد الاعتراف والميزانيات وتعديلات القانون. وهي تتوقع ان تتلقاها من ائتلاف يستند إلى احزاب ونواب يخافون المثلية. هذا التناقض صعب جدا على التسوية. الوزير شتاينتس، الذي صعد للحديث في المهرجان، استقبل بهتافات تحقير قاسية. الاحتجاج لم يكن عليه شخصيا بل على تركيبة وسياسة الحكومة التي هو عضو فيها. في هذه الحالة، كان الاحتجاج معللا تماما. وقد تصدى له على نحو جميل.
اضاف شتاينتس قبل المهرجان توقيعه على وثيقة تؤيد مطالب الطائفة. آخرون، بينهم يانون مغيل من البيت اليهودي، والذين أرادوا ان يلقوا خطابات ولكنهم لم يوافقوا على التوقيع، طلب منهم أن يبقوا في بيوتهم. لبيد، الذي يغازل في الزمن الاخير بنشاط الحاخامين، استقبل بخليط من هتافات التحقير والتصفيق. ما كان يمكنه أن يتوقع استقبالا آخر.
من زوايا عديدة تعد الطائفة المثلية قصة نجاح. مئات الفتيان والفتيان ممن ارتدوا القمصان الحمراء لشبيبة الفخار في المهرجان أمس هم شهادة حية. والمشاركة الواسعة لاعضاء حركات الشبيبة المختلفة هي دليل آخر. يخيل أن المجتمع الاسرائيلي اليوم أخف، ألطف كي يحمل بفخار رموز الطائفة المثلية من أن يحمل بفخار شعارات اليسار. مشوق أن نفحص هذه الامكانية على مدى الزمن. هذا لا يعني، بالطبع، انه أكثر أمانا أن يكون المرء مثليا من أن يكون يساريا. الفخار في جهة والامان في جهة اخرى.
السؤال هو: ما الذي يمكن عمله غير ذرف الدموع؟ فحص واع للحادثتين لا يقدمنا كثيرا. فالطعنات في مسيرة الفخار في القدس قام بها شخص واحد. بزعمه، الرب بعث به ـ وليس منظمة أو حاخاما. سطحيا، السهولة التي كان يمكن للشرطة فيها ان تعتقله تثير العجب. ولكن بالذات لهذا السبب من الصعب استخلاص الاستنتاجات.
أما العملية في دوما فيمكن أن تتبين هي ايضا كفعلة لعصبة منعزلة، هي ايضا تلقت تعليماتها من الرب وحده.
على الرغم من ذلك، لا يمكن الاكتفاء بالوعود لإلقاء القبض ومعاقبة المذنبين. القصة أوسع بكثير، وأعمق بكثير. المستنقع هو القصة، وليس المفترسين الذين يعومون فيه. في كل ما يتعلق بالإرهاب ضد الفلسطينيين، فإن الفشل المستمر لجهاز المخابرات والشرطة ينبع من روح القائد. المجرمون تحميهم مدارسهم الدينية. الحاخامون، المجتمعات الآهلة. اما الرسالة للوسط بكامله فهي ان العنف مجدٍ. في حالات عديدة الدولة تمول المجرمين بشكل مباشر أو غير مباشر.
الحقيقة غير مريحة، ولكن يجب الاعتراف بها: فالهيئات القضائية المتدنية، التي يجلب اليها المتهمون من رجال اليمين، مليئة بقضاة يبدون التفهم تجاه هؤلاء المجرمين. سلسلة من وزراء العدل حرصوا على تفضيل محاكمة المرشحين من هذا الوسط. وحظيت هذه العملية بالتعزيز في الحكومة الحالية، إذ ان وزيرة العدل ورئيسة اللجنة لانتخاب القضاة هي آييلت شكيد من «البيت اليهودي» ومندوب المعارضة من اللجنة هو رجل اليمين القومي المتطرف. شكيد هي سياسية مستقيمة ونزيهة، حسب طريقها، ولكن هذا هو عملها.
لقد اقترح هرتسوغ في خطابيه الاعلان عن سلسلة من المنظمات، من «لهفا» وحتى «لا فاميليا» منظمات إرهابية. هذا لن يحصل، ليس في هذه الحكومة. كما أن التحريض ضد اللواطيين، على لسان اعضاء كنيست اصوليين في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الخاصة بهم، لن يتوقف. كلنا نحيي عن حق الموقع الاصولي الذي اجرى لقاء مع الإرهابي شليسل، ما لم تعرفه الشرطة. ولكننا نمتنع عن السؤال لماذا جعلت مواقع اصولية شليسل بطلا آيقونة؟
مللنا التنديدات، قالت زهافا غلئون في ميدان رابين، نريد افعالا… مللنا التنديدات، قال الناطقات والناطقون بلسان الطائفة، نحن نريد افعالا. ولكن للأسف، مشكوك أن تكون هناك أفعال.
يديعوت