دعوة تركيا لإنشاء “مناطق آمنة” في سوريا تستند إلى مشكلة احدثتها اسطنبول في الاساس: براندون توربفيل
واصلت تركيا قصفها لمراكز داعش وحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق، وذلك خلال اجتماع حلف شمال الاطلسي في بروكسل، وقد اتخذت تركيا بوضوح خطوة أخرى نحو إقامة “منطقة عازلة” و “منطقة حظر جوي” فوق سوريا .
ودعت تركيا الثلاثاء الماضي، إلى اجتماع “طارئ” لحلف الأطلسي، بموجب المادة 4 من ميثاق الحلف، والتي تسمح للدول الأعضاء بطلب عقد اجتماع للتشاور عندما تعتقد بأن هناك خطر ما يهدد سيادتها على أراضيها، أو استقلالها السياسي، أو أمنها القومي.
كما دعت تركيا الحلف للاجتماع سابقا في الـ 2003 ومرة في العام 2013. طالبة مساعدتها في تامين حدودها بسبب الأزمة في سوريا.
وتسمح المادة 4 لأي عضو من أعضاء حلف شمال الأطلسي “بطلب المساعدة” متى شعر بانه مهدد بسلامته الإقليمية أو استقلاله أو أمنه السياسي”.
ومن المفارقات، ان الأزمة في سوريا – وعلى وجه الخصوص كانت إلى حد كبير خطأ من تركيا نفسها لأنها ساعدت على تدريب وتمرير الإرهابيين عبر حدودها الى سوريا. وهكذا، فإن الأزمة هي من صنع يديها.
وكما قال تونيكرتلوتشيفي مقالته “الإنكار غير قابل للتصديق: ارهابيو داعش الغربيين جحافل في العراق“، فانه ابتداء من العام 2011 -وفي وقت مبكر من الـ 2007- قامت الولايات المتحدة بتسليح وتمويل ودعم جماعة الإخوان المسلمين وعدد لا يحصى من التنظيمات الإرهابية المسلحة لقلب نظام الحكم في سوريا، ومحاربة حزب الله في لبنان، وتقويض سلطة ونفوذ إيران في المنطقة.
وقد تم تحويل المليارات لتصل الى أيدي الجماعات الإرهابية بما فيها جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة في العراق، وما يجري الان بالنسبة “للدولة الإسلامية في العراق وسوريا” يمكن أن يرينا بوضوح أي خريطةلداعشضد حدود تركيا مع ممرات محددة تستخدممن قبلها لغزو الجنوب.
وقد آوت تركيا وقوات حلف شمال الأطلسي داعش، وسلحتهم ومولتهم عبر عملاء وكالة الاستخبارات الأميركية وبأموال وأسلحة جلبت من السعوديين، والقطريين، وأعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي أنفسهم. و”مساعدات غير فتاكة” من الولايات المتحدة وبريطانية.
وقال كرتلوتشي في مادة منفصلة، “إرهاب الناتو في العراق ذريعة لغزو سوريا“: في واقع الأمر، داعش هو نتاج مشروع مشترك بين حلف شمال الاطلسي ودول مجلس التعاون الخليجي، والمؤامرة تمتد منذ العام 2007 حيث سعى صناع السياسة الأميركية السعودية لإشعال الحرب الطائفية في جميع أنحاء المنطقة لتطهير منطقة الشرق الاوسط من ايران العدو اللدود الذي تنتشر نفوذه من حدودها، عبر سوريا والعراق، وغربا حتى لبنان وساحل البحر الأبيض المتوسط.
ويشير كرتلوتشي إلى غزو الحدود الذي تم بالتنسيق مع منظمة حلف شمال الأطلسي، تركيا، إسرائيل، وفرق الموت التي عملت كغطاء لسلاح الجو الاسرائيلي في حين سهلت تركيا غزو فرق الموت من داخل حدودها.
نضع في اعتبارنا أيضا أنه قبل الاستيلاء السريع على الأراضي من قبل داعشفي سوريا والعراق، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الأوروبية مثل دير شبيغل فأن مئات المقاتلين كانوا يتلقون تدريباتهم في الأردن من قبل المخابرات الغربية والعسكريين بغرض الانتشار في سوريا لقتال الأسد.
وقيل إنه من المتوقع أن يصل عددهم إلى حوالي 10000 مقاتل في مارس، 2013. على الرغم من أن وسائل الإعلام الغربية والأوروبية ستحاول تدوير العملية على أنها تدريب “للمتمردين المعتدلين”، وكشفت تقارير لاحقة أن هؤلاء المقاتلين كانوا في الواقع مقاتلي داعشوهؤلاء المقاتلين توجهوا في نهاية المطاف إلى سوريا عبر تركيا.
بالإضافة إلى ذلك، في 2 أكتوبر العام 2014، أقر البرلمان التركي بالسماح للجيش التركي الدخول الى الأراضي الخاضعة لسيادة العراق وسوريا، وسمح القرار أيضا للقوات الأجنبية باستخدام الأراضي التركية لنفس الغرض مما يوحي بأن قاعدة انجرليك الجوية يتم استخدامها من قبل الولايات المتحدة لشن غاراتها الجوية ضد داعش في سوريا. إلا انه في الآونة الأخيرة، ذكرت وسائل الاعلام التركية أنه تم التوصل إلى اتفاق رسمي بين الولايات المتحدة وتركيا لاستخدامها قاعدة انجرليك في حملتها ضد داعش.
وجاء التصويت على القرار بـ298 صوت لصالح استخدام القواعد التركية من اجل ضرب داعش في سوريا و98 معارضا.
رغم مزاعمها بأن التصويت كان مركزه حول هزيمةداعشعلى حدودها، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وربما عن غير قصد، اعترف بأن الهدف الحقيقي لعدوان حلف شمال الأطلسي هو الحكومة السورية.
كما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية، فقد حث الرئيس رجب طيب أردوغان في جلسة البرلمان الغرب لإيجاد حل طويل الأمد للأزمات في سوريا والعراق، مشيرا إلى أن إسقاط “طن من القنابل” على المتشددين لا توفر سوى فرصة لاقامة هدنة مؤقتة.
في حين كانت“الأولوية بالنسبة لتركيا هي إزالة النظام الحالي في دمشق”، دعا اردوغان لفرض “منطقة عازلة” على الحدود التركية / السورية – التي ستنفذ من خلال فرض منطقة حظر جوي -“لضمان الأمن.”
المنطقة العازلة، وبطبيعة الحال، كانت جزءا من جدول أعمال الناتو ضد سوريا منذ بداية الأزمة التي يسيطر عليها الغرب في البلاد.
وبالفعل، بدأت المناقشة العامة لتنفيذ “منطقة عازلة” بقدر يعود إلى العام 2012، وذكر معهد بروكينغز ذلك في تقرير بعنوان “تقييم الخيارات لتغيير النظام” وذكر ان هناك جهود دبلوماسية لإنهاء العنف وايصال المساعدات الإنسانية، وخلق ملاذات آمنة وممرات إنسانية، تكون مدعومة بقوة عسكرية محدودة.
وهذا من شأنه، ان يرقى لأهداف الولايات المتحدة في سوريا. ومن هذا المنطلق، من الممكن أن التحالف الواسع مع الولاية الدولية المناسبة يمكن أن يضيف المزيد من الإجراءات القسرية لجهودهم.
واوضح معهد بروكينغز، ان هذا السيناريو يعكس ما يحصل الان في سوريا، حيث تقوم تركيا، بالتنسيق مع إسرائيل، في إسقاط الأسد من خلال إنشاء “حرب متعددة الجبهات” على الحدود السورية.
بالإضافة إلى ذلك، اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لديها معرفة قوية في سوريا، وكذلك أصول النظام السوري التي يمكن استخدامها لتخريب قوة النظام والضغط من أجل إزالة الأسد. إسرائيل يمكن أن تنشر قواتها في أو بالقرب من مرتفعات الجولان، وعند القيام بذلك، قد تحاول قوات النظام قمعها، وبذلك تصبح الحرب متعددة الجبهات، ولا سيما إذا كانت تركيا مستعدة لتفعل الشيء نفسه على حدودها وإذا كان يتم تغذية المعارضة السورية بالأسلحة والتدريب. ويمكن لهذه التعبئة إقناع القيادة العسكرية السورية بالإطاحة بالرئيس الأسد من أجل الحفاظ على نفسها.
وقد عانت تركيا لبعض الوقت من تدفق اللاجئين السوريين نتيجة الأزمة الانسانية، وقد ساعدت على ادخال فرق الموت الإسلامية الممولة من الغرب إلى سوريا عبر الحدود التركية .
كما علق تونيكرتالوتشي في مقالة بعنوان: “تركيا تستعد لسوريا؟“: نظمت تركيا عمليات العلم المزيف على طول الحدود في العام الماضي في محاولة لإشعال الحرب مع سوريا مباشرة، وعن طريق دعم الإرهابيين مما أدى إلى وقوع كارثة إنسانية يمكن التنبؤ بها الآن أكثر من داخل الأراضي التركية، وكان القصد من الولايات المتحدة ان تكون المنطقة مليئة بالمرتزقة الإرهابيين وقوات حلف شمال الاطلسي لحمايتهم، وتشكيل منطقة عازلة.
ومن الواضح أن الاجندة التركية لا تركز على مكافحة داعش، فتركيا لا تطلب المساعدة في الهجمات غير المباشرة عبر الحدود، بل تطلب الغزو العسكري.
الأتراك لا يحتاجون للمناطق العازلة التابعة لحلف شمال الاطلسي لوضع حد للإرهاب داخل بلدهم. بل يحتاجون لإغلاق الحدود مع سوريا، وعلى الفور وقف التمويل والتدريب وتسهيل عمل الإرهابيين الذين يعملون داخل الحدود التركية الى جانب القضاء على هذه المنظمات. تركيا أيضا تستفيد كثيرا من تراجع اردوغان عن سياساته الغبية، وحكومته الاسلامية الغبية على حد سواء. يجب ان تضع تركيا “الإسلام السياسي” جانبا والعودة إلى ثقافة الحكم العلماني، وأخيرا، يجب أن تتبع تركيا سياسة معقولة وعادلة تجاه الأكراد في جنوب شرق البلاد.
وبطبيعة الحال، تركيا ارسلت كل إشارة ممكنة الى حلف شمال الاطلسي لتدمير حكومة بشار الأسد العلمانية والاستعاضة عنها بحكومة مواتية لواشنطن والأوليغارشية الأنجلو أمريكية.
ومن الواضح أن “منطقة عازلة” و/أو “منطقة حظر جوي” هي بمثابة حرب واعتداء عسكري مفتوح ضد الحكومة العلمانية ذات السيادة في سورية لتنفيذ مثل هذه المنطقة ستحتاج تركيا الى ضرب انظمة الدفاع السورية.
مع إنشاء هذه “المنطقة العازلة” سيتم فتح نقطة انطلاق جديدة تسمح للإرهابيين وغيرهم من شن هجمات أعمق داخل سوريا. الشعب السوري دائما هو من يدفع الثمن.
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان