هدنات اليمن حملة علاقات عامة حميدي العبدالله
هذه هي الهدنة الثالثة التي يعلن عنها في اليمن، ولكن مصير الهدنة الثالثة لن يختلف عن مصير سابقتيها، أيّ لم يتمّ احترامها حتى لساعات قليلة.
أسباب الهدنات الثلاث كانت من قبل المملكة العربية السعودية عبارة عن حملة علاقات عامة هدفها امتصاص الغضب اليمني والدولي.
الهدنة الثالثة كانت مبرّراتها لا تختلف عن الهدنتين السابقتين، فاليمنيون يقولون إنّ السعودية أعلنت عن الهدنة لأسباب ثلاثة:
ـ السبب الأول، تحويل الانتباه السياسي والإعلامي من التركيز على سقوط المدنيين في الغارات التي يشنها الطيران السعودي، ولا سيما الغارة التي استهدفت مدينة تعز، لقطع الطريق على أيّ إدانات واستنكارات دولية لما يجري، وفعلاً أدّى الإعلان عن هدنة جديدة، إلى تحويل الاهتمام الإعلامي عن الحديث عن الخسائر في صفوف المدنيين إلى الحديث عن الهدنة ومدى قابليتها للتنفيذ، وقد نجحت نسبياً حملة العلاقات العامة على هذا الصعيد.
ـ السبب الثاني، الحؤول دون تبلور مبرّرات تدفع اليمنيين إلى اتخاذ قرارات استراتيجية، ومعروف أنّ القيادات اليمنية وعلى رأسها السيد عبد الملك الحوثي، زعيم حركة أنصار الله، هدّدوا باللجوء إلى خيارات استراتيجية إذا ما استمرّت الغارات السعودية على اليمن، وتتراوح هذه الخيارات بين إعلان حكومة وسلطة رئاسية جديدة في اليمن وبين هجوم عسكري بري واسع على مواقع الجيش السعودي في مناطق جيزان ونجران وعسير والاستيلاء عليها، أو على الأقلّ نقل ثقل الحرب إلى داخل الأراضي السعودية.
ـ السبب الثالث لإقدام المملكة العربية السعودية على إعلان الهدنة، وفق تفسير اليمنيين لها، هو ذاته السبب الذي دفع الأمم المتحدة للإعلان عن الهدنة الثانية، أيّ تأكيد جميع الأطراف موافقتها عليها ليتبيّن لاحقاً أنّ موافقة الرياض جاءت في سياق محاولة لخلق حال من الاسترخاء في صفوف الجيش اليمني واللجان الشعبية، والقيام بهجوم واسع في مدينة عدن أدّى إلى السيطرة على مناطق واسعة من المدينة كانت خاضعة لسيطرة الحوثيين والجيش اليمني.
هذه هي الأسباب الثلاثة التي كانت خلف الهدنات الثلاث، لأنّ الهدنة الأولى التي جرى التعبير عنها بالإعلان عن انتهاء «عاصفة الحزم»، وبدء «عملية إعادة الأمل» أيضاً كانت في سياق مماثل في حينها، حيث كان أنصار لله والجيش اليمني مستعدّون لتوسيع نطاق الحرب إلى داخل الأراضي السعودية، وجاء الإعلان عن إنهاء «عاصفة الحزم» ليعيد خلط الأوراق ويجهض التعبئة التي كانت تمهّد لاحتمال شنّ اللجان الشعبية والجيش اليمني هجوماً على الأراضي السعودية المحاذية لليمن في المقاطعات التي كان حولها نزاع بين اليمن والسعودية تمّت تسويته في عهد الرئيس علي عبد الله صالح.
لا شك أنه من الآن وصاعداً بات من الصعب الإعلان عن أيّ هدنة إنسانية، لأنّ هذه العملية فقدت مصداقيتها، ولم يعد ثمة مجال لوقف ما يجري في اليمن إلا عبر اتفاق سياسي ينهي الحرب بشكل كامل.
(البناء)