حزب الله ومذمة الناقصين
غالب قنديل
يتبدى الانحطاط الاجتماعي في لبنان والبلاد العربية بأوضح تجلياته عبر اللغة الرثة الذاهبة صوب الردح والشتيمة في بعض الخطاب السياسي والإعلامي وخصوصا ذاك الخطاب الذي يستهدف حزب الله بما يكشف تدهور خصوم الحزب المقاوم في المنطقة وداخل لبنان إلى هاوية إفلاس وعجز سقيمة بحيث تكاد السياسة تختفي كليا من مضمون ما يعارضون به فعل المقاومة الريادي في ردع الكيان الصهيوني على جبهة لبنان ومساهمتها المشتركة مع الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري في منظومة الردع على جبهة الجولان وما يعترض به هؤلاء فعل المقاومة النوعي ودورها الحيوي في مجابهة الإرهاب التكفيري على أرض سوريا ولبنان.
أولا الحملات الهادفة لشيطنة المقاومة وتشويه سمعتها هي ثمرة تخطيط اميركي صهيوني طويل منذ ظهورها في اعقاب الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 تحت رعاية الولايات المتحدة التي قادت القوات الأطلسية وجلبت أساطيلها إلى بيروت لرعاية حكم 17 أيار العميل الذي أذعن للهيمنة الاستعمارية الصهيونية .
اشتدت تلك الحملات مع تصاعد المقاومة وتقهقر الاحتلال الصهيوني على الأرض اللبنانية وبلغت أعلى درجاتها شراسة وخصصت لها موازنات مالية ضخمة منذ العام 2000 حتى اليوم واعتراف جيفري فيلتمان بصرف نصف مليار دولار على الحملات الإعلامية ضد الحزب في غضون سنوات قليلة من عمله كسفير للولايات المتحدة في لبنان يقدم فكرة عن حجم التجنيد وشراء الذمم ومساحات الدعاية الإعلامية الذي تديره المخابرات ووزارة الخارجية الأميركية لهذه الغاية .
ثانيا يضاف إلى الجهد الأميركي والغربي المباشر ( البريطاني الفرنسي خصوصا ) ما تقوم به الصناديق الخليجية التي تمول احزابا ومؤسسات إعلامية لبنانية وعربية مكلفة بقسط من الحملات ضد المقاومة وما كشفته وثائق ويكيليكس السعودية ليس سوى القليل من الحقيقة الفعلية لسيل الموازنات والتعليمات شبه اليومية المكرسة لتصعيد الحملات ضد حزب الله .
تلعب السفارات الغربية والخليجية دورا مهما في إدارة تلك الحملات إلى جانب مكتب التواصل الأميركي الذي يمد خيوطه وشبكاته في المنطقة مصدرا التوجيهات لكثير من المؤسسات والأشخاص وهو نجح في نسج شراكات شملت بعض الجهات الإعلامية التي تظهر تعاطفا مع المقاومة يتم التأثير على توجهاتها بغواية صفقات مالية قطرية او سعودية او كويتية او إماراتية بالتوجيه الأميركي وبهدف الحد من اندفاعها وحرارة التصاقها بالمقاومة ولتحييدها.
ثالثا مع نفاذ ذخائر الحملات المعادية للحزب واتضاح فاعلية دوره في حماية لبنان من الخطرين الصهيوني والتكفيري امام الجمهور يطلب من الجوقة المتورطة والمستأجرة استهداف الحزب بصورة غير مباشرة وبالتفاف سياسي من خلال التشهير بالدولة الوطنية السورية والترويج لجماعات التكفير الإرهابية بتقديمها على انها معارضة سورية او جماعات شعبية مظلومة في التغطية الخبرية والحوارات السياسية وحيث يجري اعتماد مصطلحات ودس معلومات وظيفتها طمس حقيقة الجحافل القاعدية متعددة الجنسيات للطعن بمصداقية رواية حزب الله عن طبيعة القتال الذي يخوضه في سوريا كما روجت خلال العامين الماضيين كمية كبيرة من الشائعات والأكاذيب لتدعيم خرافة التململ في ما يطلق عليه خبراء الدعاية الأميركيون قواعد حزب الله بهدف المس بالمعنويات ومحاولة التأثير على معنويات جمهور المقاومة باستثمار وقع استشهاد المقاومين في القتال ضد الإرهاب.
اللافت في حركة خصوم الحزب خلال الأشهر الأخيرة هو تصدر من يمكن تسميتهم بجوقة السفهاء الذين يتوسلون الشتائم ويقدمون نصوصا هي أقرب إلى التهريج السياسي منها إلى النقاش الفكري او المجادلة المنطقية في خيارات حزب الله ومواقفه وبالكاد تظهر في تلك النصوص والمواد الإعلامية المكرسة للحملات على الحزب فكرة واحدة جديرة بالنقاش او محاولة جدية لمجادلة منطق الحزب ومواقفه وخياراته ونظرته لأوضاع لبنان والمنطقة .
رابعا رب قائل إن تلك الحملات التي نوصفها هي فعل طبيعي من خصوم سياسيين يخالفون الحزب والمقاومة في النظر إلى الصراع العربي الإسرائيلي وإلى ما يجري في سوريا وهذا نظريا صحيح لوكان ما يحصل هو مجادلة ومحاجة بالمنطق مبنية على قواعد السجال السياسي الطبيعي أي مقارعة الحجة بالحجة لكن ما يحصل اليوم يشير إلى خواء جعبة الخصوم من الحجج ولذلك فاضت بالشتائم والأكاذيب وبتعميم التحريض ونشر الأحقاد المذهبية بعدما ثبت ان الخطر والتهديد التكفيري للبنان تقلص فعليا وجرى لجمه بنتيجة دور الحزب في سوريا وداخل لبنان وبالتعاون بين المقاومة والجيش وان ردع الحزب للخطر الصهيوني يحمي البلاد من نوايا مبيتة قائمة ومستمرة تشهد بها المناورات المتواصلة لجيش العدو وان حزب الله ضمن بقوته في الجبهتين الصهيونية والتكفيرية وبعقلانيته السياسية في الداخل اللبناني رسوخ حالة الاستقرار النسبي التي يهددها فجور اللصوصية التي تمارسها شرائح الرأسمالية اللبنانية الفاجرة التي تتصدر قائمة خصوم الحزب والمتحاملين عليه.
بين عمالة وارتزاق للخارج وإفلاس سياسي وعجز عن توليد الأفكار والحجج لم يبق في رصيد الحملات ضد حزب الله سوى مذمة “الناقصين” لكننا لا نزعم الكمال للمقاومة أوللحزب فالفعل الإنساني مشوب باحتمال الخطأ بحكم طبيعته والكمال لله وحده في عقيدة حزب الله وأعرافه أليس كذلك ؟ .