مقالات مختارة

قانون مع وقف التنفيذ: يوسي ميلمان

 

معارضوه، بل ومن ليسوا كذلك أيضا، يهزأون احيانا بوزير الدفاع موشيه بوغي يعلون من خلف ظهره بجموده، الذي يختلط احيانا بادعاء الحق. يمكن أن نعزو ليعلون ميزة اخرى، ولكن شيئا واحدا لا يمكن ان نأخذه منه. استقامتة ونزاهته. وبالتأكيد مقارنة باشخاص كثيرين في الساحة السياسية، ممن يسير خداعهم امامهم.

زعماء البيت اليهودي ايضا ـ الوزراء نفتالي بينيت، آييلت شكيد واوري ارئيل ـ لا يغيبون عن قائمة الدهاء للسياسيين. فهم غاضبون على يعلون بسبب أمره للجيش ولحرس الحدود تنفيذ امر محكمة العدل العليا ومنع استمرار البناء غير القانوني في منزلي دراينوف في مستوطنة بيت ايل، وكذا الامر باخلاء المتظاهرين من القلعة في سانور (المستوطنة التي سبق ان اخليت) يشعل إوار غضبهم. ولكن الحقيقة هي أن البيت اليهودي برئاسة بينيت عطل نواياه ضد يعلون منذ عهد الحكومة السابقة، ولا سيما في حملة الجرف الصامد.

يثبت يعلون، وليس للمرة الاولى، بانه رجل وسياسي ذو فكر يميني يحرص على الحفاظ على القانون واحترام المحاكم. «من يعتقد اني سأنتهك القانون ـ مخطيء! لن اسمح بالتسيب»، غرد امس في حسابه على التويتر، مؤكدا «عملت وأنا اعمل من اجل الاستيطان في يهودا والسامرة، بما في ذلك في بيت ايل، والاغلبية سوية العقل والرسمية تعرف هذا».

بين سطور التغريدة تختبىء رسالة اكثر بروزا. في نظره، البيت اليهودي، بمقاعده العشرة في الكنيست وعضويته في ائتلاف بنيامين نتنياهو كف عن ان يكون جزءا من الاغلبية سوية العقل والرسمية. يمكن السير بعيدا في هذا التفسير والتقدير بان برأي وزير الدفاع لا يختلف بينيت وحزبه عن فتيان التلال، عن جمعيات اقامة الهيكل مكان المساجد بعد هدمها، عن حارقي المساجد والكنائس وعن كل اولئك الذين يسمون «هاذين» و «مسيحانيين».

إن المواجهة بين وزير الدفاع والبيت اليهودي تجسد بقوة اكبر الفجوة ـ الحزبية، الايديولوجية والدينية ـ بين وزير الدفاع، الذي تربى في حركة العمل وتسلل بالتدريج إلى اليمين في الليكود، وحزب المستوطنين. فضلا عن ذلك، فالمواجهة تمثل الحراكات الباطنية العميقة للتطرف اليميني في اسرائيل.

في السياقات الداخلية لحركة اليمين المتطرف نحو افق اكثر تطرفا، فان مفاهيم مثل القانون، العدل، الاخلاق والمحاكم تصبح مرنة جدا. ولا يجدر احترامها الا إذا كانت تخدم اهدافهم.

وحسب ذات المنطق فاننا نجد الوزير اوري ارئيل يصلي في الحرم في التاسع من آب. وزير يفعل ذلك يتصرف بعدم مسؤولية. فالحرم هو احد الاماكن الاكثر تفجرا على وجه الكرة الارضية، ووزير في الحكوم، حتى لو كان يؤمن بحق اليهود في الصلاة فيه لا يجب أن يتصرف كآخر المتهورين؛ مثل تلك المستوطنة، أبيا موريس، التي هتفت «محمد خنزير» واشعلت هذا الاسبوع نارا كبيرة.

ولكن يحتمل أن تكون النار الاكبر لا تزال امامنا. فاذا تبين بالفعل ان ابو مازن يعتزم الاستقالة من منصب رئيس السلطة الفلسطينية احتجاجا على انعدام التقدم نحو السلام، فليس فقط لن يبعد اليوم الذي تتوق فيه دولة اسرائيل له، بل سنكتشف بان النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني يتقدم بخطوات كبرى نحو الجولة التالية.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى