تركيا: سياسة خلط الأوراق حميدي العبدالله
بدلاً من أن تعترف تركيا حزب العدالة والتنمية بخطأ سياستها في دعم التنظيمات الإرهابية، وتحديداً تنظيم «داعش»، وأمام انقلاب «داعش» على داعمها التركي بعد أن توجّست منه تغييراً في سياسته إزاءها بعد فشل حزب العدالة والتنمية في انتخابات 7 حزيران الماضي، لجأت الحكومة التركية إلى سياسة خلط الأوراق، أي وضع داعش التنظيم الإرهابي على قدم المساواة مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، والمقاتلين الأكراد في سورية، فالهجمات التي شنها الطيران التركي كانت شكلياً موجهة ضدّ تنظيم داعش، ولكنها في واقع الحال كانت تركز على ضرب معاقل حزب العمال الكردستاني، سواء في شمال العراق أو داخل الأراضي التركية، إضافةً إلى قصف الدبابات التركية لمواقع وحدات الحماية الكردية داخل الأراضي السورية، هذا القصف الذي يؤكد أنّ المستفيد الأساسي منه تنظيم «داعش» كون وحدات الحماية الكردية في هذه المناطق هي القوة الوحيدة التي تقاتل تنظيم «داعش» وحققت نجاحات كثيرة في مواجهته.
وواضح من خلال التصريحات التي أدلى بها المسؤولون في الولايات المتحدة أنّ السياسة التركية الحالية حظيت بدعم وموافقة إدارة أوباما، وهذا أيضاً ما عكسته الانتقادات التي وجهها مسعود البارزاني إلى حزب العمال الكردستاني، وتلوح في الأفق صفقة واضحة أنه مقابل انخراط تركيا أردوغان بالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضدّ «داعش» في سورية والعراق، قرّرت الولايات المتحدة تجديد سياستها بتصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية والوقوف إلى جانب الحكومة التركية ضده، الأمر الذي سيكون له بكل تأكيد تداعيات كثيرة، ولا سيما على التعاون القائم بين وحدات الحماية الكردية والولايات المتحدة في العمليات العسكرية ضد «داعش» في المناطق التي تحاذي الأراضي التركية.
حزب العدالة والتنمية يهرب من مأزق تشكيل الحكومة باتجاه سياسة خلط الأوراق، ويراهن من خلال ذلك على إرضاء جميع الأطراف المؤثرة في الرأي العام التركي، ولا سيما مراكز النفوذ الأميركية داخل تركيا على أمل أن يقود ذلك إلى إجراء انتخابات نيابية جديدة تعيد هيمنة الحزب، والتركيز على حزب العمال الكردستاني هدفه، حرمان حزب الشعوب الديمقراطية من نسبة المقترعين له التي تزيد عن 10 في المئة والتي كانت وراء فشل حزب العدالة والتنمية في تحقيق الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة الجديدة.
لكن هل حسابات أردوغان وحزبه ستقود إلى ما يطمحون إلى تحقيقه أم أن حساب الحقل سوف يختلف عن حساب البيدر؟
هذا ما سنتعرّف عليه في مقال لاحق؟
(البناء)