بقلم غالب قنديل

“لا شيء مهم سياسيا “

syrrr

غالب قنديل

العبارة التي وردت في خطاب الرئيس بشار الأسد ألقت بدلو ماء مثلج على الكثير من الرؤوس التي دارت فيها روايات كثيرة سربت ونشرت عن استدارات تركية مرتقبة وعن اتصالات سعودية سورية مباشرة ام غير مباشرة وفقا للرواة وبوساطة روسية تزايد الكلام عنها منذ تصريحات الرئيس بوتين خلال استقباله الوفد السوري برئاسة الوزير وليد المعلم وكذلك مع المعلومات المسربة عن تحضيرات جديدة لجولات حوار في موسكو او جنيف تتزامن مع رقصة دي ميستورا العاثرة بين صيغ المبادرات القاصرة فماذا أراد الرئيس الأسد بهذه العبارة غير التشديد بقوة على أولوية النفير الشعبي للقتال إلى جانب الجيش وقوات الدفاع الوطني وتركيز الجهود على التحول إلى مرحلة هامة من الحرب الشعبية لتحرير سوريا بكامل ترابها الذي هو عنوان المرحلة وحيث كما جزم الرئيس الأسد أن العبرة في الميدان.

أولا ينطلق الرئيس بشار الأسد في التعامل مع الاتصالات والعروض من رؤية منهجية ترسم وحدة القياس التي ينبغي الحكم من خلالها على حقيقة المواقف التي تتخذها الدول الأجنبية والإقليمية المتورطة في العدوان على سوريا وهي القاعدة التي سبق للرئيس ان اعلنها : نعاين الأفعال لا الأقوال وبالذات في سلوكيات الولايات المتحدة ودول الناتو وتركيا والسعودية وقطر التي تنضوي في حلف عدواني إجرامي ضد سوريا وقد اعتبر الأسد منذ سنوات ان شرط الجدية في مجابهة الإرهاب ومنع ارتداده الذي حذر منه الرئيس السوري مبكرا هو تجفيف موارد الإرهاب وإغلاق جميع منصات الحرب على سوريا وتفكيكها واتخاذ تدابير رادعة صارمة ضد كل من يقدمون التسهيلات والدعم اللوجستي والإعلامي والسياسي والمالي لجماعات التكفير الإرهابي داخل الدول المتورطة جميعا.

“لا شيء مهم” خارجيا لأن الدول المتورطة في العدوان لم تغير سلوكها والرئيس الأسد يحكم على الأفعال وليس على الأقوال الصادرة علنا او المسربة في الكواليس وهذا يجري في صلب التنسيق السوري الوثيق مع الشريك الاستراتيجي الروسي الذي يسعى لحث الحكومات المتورطة إلى التحول ولكنها واقعيا لم تتخذ أي خطوة عملية مقنعة في طريق الارتداد ولأن الرئيس الأسد أراد ان يفهم المناورين انهم يخطئون حين يتوهمون ان سوريا ستهرول إليهم لمجرد تلويحهم بقبول التواصل معها فلائحة الشروط السورية طويلة لأن ما يريده الشعب السوري هو وقف العدوان وليس اتصالات لا نفع منها إلا تبرئة المجرمين من تبعات الدم السوري ولأن الرئيس الأسد أعلن سابقا وبكل وضوح ان أي علاقة مع حكومات العدوان لها شروطها حتى لو تراجعت وفي المقدمة موافقة الشعب العربي السوري على كل خطوة تتخذها الدولة الوطنية السورية فقد تحدث في خطابه عن ضرورة اعتراف المتورطين بجريمتهم بحق سوريا واتخاذهم خطوات عملية حازمة في طريق تجفيف الموارد ووقف التورط السياسي والاعلامي والعملي في العدوان على سوريا قبل ان ينالوا شرف التعاون معها لمكافحة الإرهاب حيث تمثل سوريا القوة العالمية الأولى وصاحبة الريادة والتي لاغنى عنها في طليعة أي جهد دولي جدي في هذا المجال.

ثانيا أما في الحوار السوري السوري فلا شيء جديد مهم سياسيا لأن الخارطة التي عرضها الرئيس الأسد في خطابه عن تلاوين المعارضة الخارجية وخياراتها لم تتبدل فلم يخلع العملاء أسيادهم ولم يتخلى الانتهازيون عن ميوعتهم وتنفعهم السياسي والارتزاقي والوطنيون على ثباتهم تحفظ الدولة الوطنية خطوط اتصالها بهم على قاعدة العمل المشترك في مقاومة العدوان الاستعماري ودحر عصابات الإرهاب اما المصالحات المحلية وعمليات العفو المتلاحقة التي يقودها الرئيس الأسد ويرعاها فهي تحقق نجاحات مستمرة في جميع انحاء سوريا وتعظم من درجة انخراط السوريين في ملحمة الدفاع عن الوطن .

طبعا تخيل كثيرون في سوريا ومن أصدقائها ان خط تسويات دولية إقليمية سيفتح فور توقيع الاتفاق حول المشروع النووي الإيراني لكن الرئيس بشار الأسد يدرك مسبقا بوعيه الاستراتيجي وبما يعرفه عن تفاصيل أروقة التفاوض مع إيران وروسيا والصين ان الأمور ستبقى لفترة غير قصيرة بعد الاتفاق في عهدة الميدان السوري ولا تسويات كبرى بل استمرار للصراع وللمواجهة بأشكال متغيرة وما يحقق خلاص سوريا هو نهوضها مع حلفائها بأعباء انتزاع النصر وكسر المخطط العدواني وإجبار حلف العدوان على الرضوخ لهزيمته وفشله وهكذا تعودت سوريا ان تصنع انتصاراتها وان تفرض إرادتها إقليميا ودوليا فالرئيس الأسد رفض جميع العروض والصفقات التي تمس مصالح سوريا الوطنية والقومية واستقلالها وهو ثابت على هذا النهج وما تحمله الشعب العربي السوري حتى اليوم دفاعا عن استقلال بلاده ومصالحها الوطنية والقومية العليا يستحق الثبات والصمود والتضحية حتى الانتصار الحاسم .

لا يمكن لأي كان ان يتهم الرئيس الأسد بإغلاق أبواب الحلول السياسية وهو الذي أطلق عشرات المبادرات واتخذ مئات الخطوات والقرارات لفتح خطوط الحوار والتعاون الوطني في سبيل الدفاع عن سوريا وتجاوب مع كل مبادرة طرحت للوصول إلى حلول سياسية ولو من باب إلقاء الحجة وكسب قناعات الواهمين من أبناء الشعب العربي السوري وما يقض مضجع خصوم الأسد هو كونه مصمم على أولوية التصدي للإرهاب وعلى رفض التدخلات الأجنبية من أي مصدر اتت وهو يمسك بلائحة التزامات فاحصة لمواقف الجميع محصنا بصدقية عالية لروايته عن حقيقة ما تتعرض له سوريا التي أنكرها الأعداء وهم يتلعثمون في الاعتراف بها مؤخرا بعدما بلغت حرائق الإرهاب المستخدم ضد سوريا أطراف أثوابهم وقلوبها احيانا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى