كيف نقول نكبة بالفارسية؟: تسفي برئيل
«الاتفاق النووي مع إيران تراجيديا»، قال وزير الدفاع السابق موشيه يعلون. يمكن الهدوء. فالتراجيديا ليست كارثة وطنية ، وبالتأكيد ليست كارثة، يمكن أن تكون كارثة محتملة لأن إيران ستضطر إلى ضبط النفس عشر سنوات إلى أن تتحقق الكارثة النووية وهذه غمضة عين في تاريخ الشعب اليهودي. طالما أن الاتفاق النووي غير أبدي، فهو مجرد قصاصة ورق، وهذا ما يؤمن به نتنياهو. إيران التي ستحصل هذا العام على 100 مليار دولار، وبعد خمس سنوات تستطيع استيراد السلاح المتقدم وتستمر في دعم الإرهاب، حظيت الآن بالاعتراف الدولي. نظام آيات الله وبعد عشر سنوات سينتج قنبلة نووية موجهة مباشرة إلى اسرائيل فقط.
هذه الادعاءات هي الأساس للمصيبة التي نزلت على اسرائيل، من أقصى اليسار ومرورا بالوسط وحتى أقصى اليمين. لا، نتنياهو يرفض الاقتراح الأمريكي، لا تقدموا لنا المساعدات ولا السلاح المتقدم من اجل ارضاء ضمائركم، «لا يمكن تعويضنا عن الاتفاق». إذا كانت هناك معاناة، فلتكن حتى النهاية، إذا هُزمنا فسنلعق جراحنا، وسنحارب في الكونغرس بما تبقى لنا من قوة، وسنصوغ رسالة اتهام شديدة ضد الرئيس الأمريكي المسلم، السني بالطبع، الذي وقع على قرار الحكم مع الدولة الشيعية. توجد للولايات المتحدة الآن طريق واحدة لضمان أمن اسرائيل: الغاء الاتفاق والاعتذار عن الخطأ التاريخي.
منذ هذه اللحظة لا يهمنا ما كتب في الاتفاق. تكون أو لا تكون مياه ثقيلة في مفاعل «أراك»، كم من اجهزة الطرد المركزي ستستمر بالدوران، أي أبحاث يستطيع الإيرانيون عملها، فنحن أصلا لم نوقع على الاتفاق وحكومتنا رفضته بالاجماع دون سؤالها عن رأيها. هذه المرة الشيطان ليس في التفاصيل بل في المجموع. أي دليل أكبر من ذلك على أن كل العالم ضدنا وأن اسرائيل دولة محاطة بالأعداء، ليس فقط من يتحدثون العربية والفارسية بل ايضا متحدثو الانجليزية والفرنسية والالمانية والروسية والصينية. لا حاجة لاقامة لجنة تحقيق كي تفحص لماذا هُزمنا. لأننا لم نُهزم، فنحن حاربنا حتى الرمق الاخير وببطولة وتصميم، أقلية في مواجهة الأغلبية، قمنا بتجنيد الكارثة وتشمبرلين واتفاق ميونيخ وكوريا الشمالية الخائنة، وسرنا مع أختنا السعودية ووضعنا عبوة جانبية في الكونغرس الأمريكي. لكن جولييت وعمليق توحدا من اجل تدميرنا. والله، كما في الكارثة، تركنا الآن ايضا. لقد تمت خيانتنا لكننا لم نُهزم، هذه نكبتنا.
مثل خراب الهيكل، منذ الآن سيقسم الاتفاق النووي تاريخ شعب اسرائيل إلى قسمين: قبل التوقيع وبعده. أو كما قال العسكري يعلون «قبل التراجيديا وبعدها». لأنه منذ الآن فقد تحول الاتفاق من وثيقة قانونية إلى رمز وطني. الامتحان الأهم للبطل الاسرائيلي سيكون معارضته للاتفاق. كتب التاريخ ستكتب من جديد وسيجند الشعراء لكتابة القصائد ضد ألبيون الخائنة والولايات المتحدة المتلونة، وسيتقنع الاطفال في عيد المساخر بقناع أوباما، وهامان سيترك نكلام في الخزانة، لأن إيران ليست هي العدو، يوجد لدينا سلاح أمريكي وقدرة تنفيذية واستخبارية ضدها. كان في استطاعتنا الانتصار على إيران لو أزالوا القيود عن أيدينا.
المفارقة هي أن الاتفاق عمل على تقريب اسرائيل من إيران. «الصراع ضد الولايات المتحدة سيستمر بعد الاتفاق»، قال الزعيم الاعلى علي خامنئي. ولم يكن في استطاعة نتنياهو صياغة ذلك بشكل أفضل. الاثنان يعتبران أن سياسة الغرب تتآمر ضد دولتيهما. ومنذ الآن يصعب القول من مِن الاثنين يحتقر أوباما أكثر، زعيم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط أو آيات الله في طهران.
هآرتس