عزيزي حزب الله ثريا عاصي
لن أتوقف عند الشكليات. حتى المساجد تحولت في هذا الزمان، من بيوت منذورة لله إلى معابد خصوصية لهذه الطائفة أولتلك الطريقة، إلى حد ان المراقب بات في شك من أن المسلمين إلَههم واحد ونبيهم واحد. صراحة هذا أمر لا يهمني. ولكن بحسب إطلاعي المحدود والمتواضع، على المسائل الفقهية، تجعل العقيدة المسلمين إخوة جميعاً، لا فرق لعربي على أعجمي، وإن الإسلام هوحزب الله. يوجد أناس يكذبون على أنفسهم. مجمل القول أننا حيال مسألة معقدة في منطقة تتنازع فيها أحزاب كثيرة، يدعي كل منها أنه حزب الله، وأن الآخرين هم أحزاب المشركين.
مهما يكن وبغض النظر عن ميولي الفكرية والسياسية، وانطلاقا من كوني على يقين من أن الوطن يختلف جذرياً عن القبيلة، وأن قوانين التعايش الوطني يخترعها الوطنيون معاً، بحسب متطلبات العيش المشترك. علماً ان هذه الأخيرة تتغير وتتبدل تبعاً للظروف المحلية والدولية. لا تتنزل قوانين التعايش الوطني من السماء. القول ضد ذلك هو غلط، أو هو تعبير عن تكلس عقلي لا يسمح بتمييز الوطن عن القبيلة، فيؤدي حتماً إلى خراب البلاد وإفتراق الناس. رسالات السماء توجهت إلى الفرد، تعليماً وتربية وتهذيباً. الفرد الصالح غنى للوطن وليس ذباحاً! إذن إنطلاقا من اقتناعي بضرورة فصل الدين عن الدولة، حتى لا تـُلغى هذه الأخيرة ولا يُشوّه الدين فيصير أداة عدمية، أني مدينة كلبنانية لحزب الله. أفصح عن هذا الموقف، إنسجاماً مع حرصي على لبنان الذي أتمنى أن يصير وطناً سيداً حراً تسوده العدالة!
ـ إني مدينة للمقاتلين الذين واظبوا على مناوشة قوات المستعمرين الإسرائيليين في جنوب لبنان حتى أجبروها على إغلاق معسكرات التجميع والإعتقال، والإنسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية التي كانت تحتلها، بعد أن فشلت في أن تفرض اتفاقية على شاكلة إتفاقيات كامب دافيد وأوسلو ووادي عربة على الحكومة اللبنانية!
ـ أنا مدينة أيضا للمقاتلين الذي ذهبوا إلى سوريا، ليتصدوا إلى جانب السوريين الوطنيين والجيش العربي السوري، للولايات المتحدة الاميركية التي تشن حرباً بمعاونة آل سعود والحكومة التركية، وبواسطة جيوش الوكالات الأمنية الغربية، التي جندت المرتزقة من كل حدب وصوب كما فعلت في العراق. ذلك بقصد تمزيق النسيج الاجتماعي الوطني السوري، تدمير سوريا، كشرطين لازمين لإنهاء وجود الدولة السورية، محواً لما تمثل هذه الأخيرة في الوجدان السوري تاريخياً وحضارياً! أسلمت الوكالات الأمنية الغربية أسماءها!
ما أود قوله في الواقع، هوأن كوني علمانية لا يمنعني من مناصرة مقاتلي حزب الله عندما يتصدون لمقاومة المستعمرين الإسرائيليين وعندما يهبون إلى القتال ذوداً عن سوريا! من البديهي أن الهدف هو أن أطرح موقفي هذا للحوار والامتحان. إستناداً إلى رأي يقول بضرورة ولزوم التوفيق والمناسقة بين الأمانة للشراكة الوطنية من جهة وبين الإلتزام العقائدي، وتحديداً الإلتزام بالمعتقد الديني، في مسألة الدفاع عن النفس وعن البلاد بوجه عدو غاشم وماكر، من جهة ثانية. بكلام أكثر وضوحاً وصراحة، إن المطلوب هوالتوفيق بين الفرد المؤمن دينياً وبين مجموع سكان البلاد.
في الختام، إذا كان نضال حزب الله ضد المستعمرين وأعوانهم يوجب على الوطنيين في لبنان وسوريا معاضدته بجميع الوسائل والأساليب، ذلك لا يعني أن مناصري حزب الله إنضموا إلى صفوفه، أو انهم باتوا مقتنعين بأن جزب الله، هو حزب الله الوحيد! وبأن الجماعة التي يؤمن أعضاؤها بمعتقد ديني قادرة على ممارسة السلطة الوطنية بحسب المعتقد المذكور.
من المعلوم وباعتراف قيادته نفسها، أن حزب الله هو جزء من الثورة الإسلامية التي أطلقها سنة 1979، من إيران، الإمام الخميني. لا حرج على قائل أن الثورة الإسلامية إلتزمت على الدوام بمصلحة الدولة الإيرانية في جميع المجالات، بحيث جعلت من إيران دولة متقدمة علمياً وصناعياً وفكرياً، استطاعت ثني المستعمرين الغربيين عن الإعتداء عليها. ما يدل على أن إدارة الدولة في ايران، هي إيرانية وليست إسلامية.
إن ذروة العطاء هي الدفاع عن الناس وعن البلاد حتى الشهادة، بوجه المستعمر المتغول، وأبغض تجليات سوء الخُلُق هي تصرفات موظفٍ في إدارة رسمية، يطلب رشوة من الناس! مجمل القول إن الثورة الإسلامية في إيران قدمت للإيرانيين وللدولة الإيرانية خدمات جليلة. لا نستطيع القول في المقابل، ان الثورة الإسلامية قامت بنفس الدور في لبنان، وأن الموظفين المتعاطفين معها قدموا نموذجاً يحتذى به. كأننا لم نتعلم من تجربة المقاومة الفلسطينية! ولم نفهم بعد الثورة الإسلامية!
(الديار)