مقالات مختارة

سورية والاتفاق النووي عامر نعيم الياس

 

أبرمت إيران الاتفاق مع الدول الست الكبرى وأصبحت دولة عتبة نووية. عادت إلى الحظيرة الدولية دولةً غير مارقة ودولةً لها وضعيتها في الإقليم والعالم. المفاوضات والنهايات السعيدة التي جاءت في خضمّ الحرب على المنطقة وإعادة تشكيلها ونسف النظام الإقليمي الذي كان سائداً بها. وَصلت إلى نهاية كارثية بالنسبة إلى «تل أبيب» والنظام الخليجي الإقليمي البديل عن النظام الإقليمي السابق الذي قاد المنطقة منذ سبعينات القرن الماضي. وطبيعي أن هذه الكارثة تعتبر السيناريو الأفضل الذي يراهن عليه المحور المتحالف مع إيران، خصوصاً سورية التي تشكل عقدة المحور المقاوِم وأُس الصراع القائم حالياً على إعادة تشكيل المنطقة. فماذا عن الانعكاسات المباشرة لهذا الاتفاق على سورية؟ ماذا عن تساؤلات الشعب السوري حول الأزمة السورية ومآلاتها في ضوء الاتفاق الإنجاز بالنسبة إلى إيران؟

التفاوض الإيراني مع القوى الستّ الكبرى جاء في خضمّ الاشتباك في الميدان السوري ومن الطبيعي أن ينعكس الكباش الذي كان قائماً في الملف الإيراني على التطورات في الميدان السوري، خصوصاً أنّ واشنطن تشرف بشكل مباشر على إدارة الملف السوري والتخطيط له من كافة جوانبه، بالتنسيق مع القوى الإقليمية المعادية لسورية وإيران. وعليه، فإن سحب الملف النووي من الإطار العام للصورة سيساهم إلى حدٍّ ما في سحب أحد عوامل التوتر والمد الجزر، الذي كان قائماً في علاقة الغرب مع إيران. لكن ليس إلى الحد الذي يعني التهدئة الكلية في سورية والتراجع عن الهجوم الشامل على الكيان السوري ومن ورائه المحور المقاوم وذلك بناءً على الآتي:

ـ التفاوض بين إيران والدول الكبرى المستمر منذ 13 سنة جاء في سياق التصادم مع طهران ولم يأتِ في لحظة لا مواجهة قائمةً بها.

ـ لم تحلّ الملفات الشائكة بين إيران والدول الكبرى، إنما تمَّ التوصل إلى الاتفاق حول النووي فقط. وتضمن الاتفاق مراعاةً لوضعية إيران الإقليمية ودورها وموقعها الجيوسياسي في المنطقة. ولعل في فقرة توريد السلاح الإيراني إلى المنطقة، ما يشير إلى حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق طهران، وإدراك هذه الأخيرة أهمية الحفاظ على وضعيتها في المنطقة ودورها لا العكس.

ـ الاتفاق لا يعني الحل الأوتوماتيكي التلقائي للصِدام القائم في المنطقة ولن يكون له تأثير مباشر على الميدان أقله حتى نهاية السنة الحالية بانتظار إقرار الاتفاق رسمياً في البرلمان الإيراني والكونغرس الأميركي.

ـ تسابَق الإيرانيون والأميركيون على الاحتفال بالاتفاق والحديث عن الإنجازات التي حققها كل طرف على حساب الطرف الآخر. أو بالأحرى إغفال الفائدة المشتركة من الوصول إلى الاتفاق وفي ذلك مؤشر واضح على طبيعة العلاقة بين طهران وواشنطن.

لا حل فورياً للأزمة ولا تهدئة ميدانية ملموسة في المدى المنظور، من دون أن نُسقط هنا الجانب الاقتصادي الذي سيكون الأكثر إيجابيةً من الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى وانعكاسه الأكيد على سورية. فإيران الدولة القوية الفاعلة في المنظومة الاقتصادية والمالية الدولية أفضل بكثير من إيران المكبّلة المحاصرة. وكما جرى التفاوض في خضم صدام متبادل وفتح جبهة هنا وأخرى هناك، فإنه من المتوقع أن يستمر المخاض الذي تعيشه المنطقة بانتظار ولادة نظام إقليمي جديد أضحت إيران قطباً شرعياً فيه بعد الاتفاق.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى