مقالات مختارة

لوبي درزي مشبوه يتحرك بين واشنطن وباريس رضوان الذيب

 

بعد مجزرة قلب لوزة في حق دروز ادلب على يد جبهة النصرة وقائدها عبد الرحمن التونسي، قفز الملف الدرزي الى الواجهة، واصبح مثار اهتمام عالمي، وهذا ما يؤكد بأن تسليط الضوء الاعلامي على الموضوع الدرزي يخفي مؤامرات كبيرة جداً واعادة احياء الطرح القديم الجديد باقامة الدولة الدرزية «جيب سعد حداد» جديد من درعا وصولاً الى السويداء والقنيطرة وحاصبيا وشبعا وجرود راشيا لحماية دولة اسرائىل. وهذا الطرح ليس للمناورة في ظل الاجتماعات لشخصيات درزية اكاديمية في واشنطن وصولاً الى فرنسا وبرعاية دولية وبغطاء اسرائىلي من قبل شخصيات درزية في فلسطين المحتلة.

وفي المعلومات التي رددها مسؤولون سوريون كبار في العام 2010، انهم تلقوا تقارير دولية عن تحضيرات لتقسيم سوريا والبداية من جبل العرب، ويتمثل باقامة الدولة الدرزية في جنوب سوريا لحماية اسرائىل، وهذه المعلومات نقلت لشخصيات لبنانية وتم الكشف عن مصدر هذه التقارير، حتى ان مسؤولاً سورياً كبيراً اشار بانه لا يمكن اسقاط سوريا مهما فعلوا الا من الخاصرة السورية «الرخوة» في الجنوب عبر الدخول الاسرائيلي المباشر لارتكاب مجازر وتحضير الارض لاقامة «الدولة الدرزية».

وفي المعلومات «ان اجتماعات لشخصيات درزية اكاديمية من لبنان وسوريا وفلسطين والاردن جرت في جامعة جورج تاون في اميركا ومنذ اكثر من 3 سنوات وما زالت متواصلة لتحريك مشروع تقسيمي تفتيتي، علماً أن الاجتماعات تتركز على عنوان اساسي: أين الدروز مما يجري في المنطقة؟ ومن يحميهم؟ وما هي ضمانتهم؟ ودغدغة مشاعرهم بأن الدولة الكردية على الابواب، والدولة العلوية على الساحل، والدولة السنية في حلب «الموصل» وبالتالي ليس امام الدروز الا تحصين اوضاعهم في السويداء واقامة منطقتهم العازلة وفي حماية دولية امتداداً من درعا الى حاصبيا مع منفذ على البحر وتحويل الدروز الى حرس حدود لاسرائيل والاشتباك مع المقاومة وخلق خطوط تماس مع القرى الشيعية في الجنوب.

وهذا المشروع وحسب مصادر متابعة كانت عقبته الاساسية قوة سوريا وجيشها، وبالتالي فان ما يجري في سوريا من اضعاف للجيش وللدولة سيؤدي الى تسويق فكرة الدولة الدرزية.

هذه المعلومات ما كادت تدخل «رأس» اي عاقل، لولا التطورات الاخيرة في ظل عروض اسرائىلية هائلة وتدخل مباشر بشؤون دروز سوريا. وبدأت معالم هذا التحرك عبر ارسال رسالة الى دروز حضر وفيها عرض من قبل الدولة العبرية بان يعمل الدروز على طرد الجيش السوري من حضر، مقابل ضمانات من الجيش الاسرائىلي بعدم دخول «حضر» وهذا العرض نقله شيخ عقل الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة موفق ظريف لاهالي حضر وتم رفضه، علماً أن لجنة التواصل الدرزية الشيخ علي صعدة حذر من بعض الممارسات الدرزية لشخصيات ومن بينهما النائب الدرزي ايوب الفرا مستشار نتنياهو وغيرهم، كما حذر من بعض الدعوات لدروز فلسطين المحتلة الامتثال لقرار دولتهم وعدم التصدي لسيارات الاسعاف التي تنقل جرحى النصرة، وان اي درزي يخالف ذلك سيتعرض للعقوبات، وتم اعتقال اكثرمن 20 شاباً درزياً.

الأخطر من كل ذلك قيام الشيخ موفق ظريف بجولة شملت واشنطن ودولاً اوروبية ومن بينها فرنسا والالتقاء بشخصيات تشكل «لوبي درزي» مشبوه مدعوم من واشنطن وفرنسا واسرائىل وتم النقاش معهم حول مستقبل الدروز، كما ارسل موفدا حضر اجتماعا درزيا في تركيا لمعارضين سوريين وبعض شخصيات درزية لبنانية تقيم في بلاد الاغتراب وناقش الملف الدرزي بكل تشعباته.

واللافت ان موقف ظريف يطرح مع المسؤولين الغربيين حماية الدروز في فلسطين المحتلة. وتدخل قوات التحالف الدولي لحماية جبل العرب ومنع داعش والقوى التكفيرية من الاقتراب من قرى الجبل، علما ان نتنياهو طرح الملف الدرزي مع رئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية ديمبس وضرورة حماية هذه الاقلية في سوريا وكان لافتا ايضا قيام السفير الفرنسي من فلسطين المحتلة بزيارة للشيخ ظريف في منزله بعد عودته من جولته الخارجية واكد له السفير الفرنسي حرص بلاده على دروز سوريا وتقديم المساعدات المطلوبة لهم وفتح ابواب فرنسا امام اي درزي سوري اذا قرر التوجه الى باريس هذا التحرك المشبوه، وهو موضوع متابعة من المحور الداعم لسوريا وتحديدا ايران وروسيا وسوريا وحزب الله ويعرفون جيدا هذا المخطط التقسيمي وبالتالي فهناك قرار من روسيا وايران وسوريا وحزب الله بان سقوط القنيطرة من رابع المستحيلات، حتى لو حصلت حرب كبرى، وان الجيش السوري تم تعزيزه بشكل كبير وباحدث الاسلحة، فيما دروز القنيطرة موقفهم واضح وصلب الى جانب دولتهم وجيشهم وكل من يدافع عنهم ويرفضون ان يتحولوا الى لاجئين، وعملاء مهما كانت التكاليف وهم يفهمون حجم المؤامرة الكبرى، كما ان وفوداً من شخصيات درزية سورية زارت السفارة الروسية وان الوفد حصل على تطمينات روسية وهذا ما ادى الى افشال الهجوم الكبير على درعا بعد ان تبلغ الاردن رسالة واضحة، ممنوع اسقاط السويداء، وهذا ما يفسر ايضا الاهتمام الروسي بدروز لبنان ودورهم وكذلك ايران.

وبالتالي فان روسيا وايران وسوريا وحزب الله والوطنيون الدروز وكل الحلفاء قادرون على اسقاط هذا المخطط الذي جندت له كل العملاء وان دروز سوريا ثابتون على معادلاتهم، وكذلك فان القيادات الدرزية اللبنانية مع المرجعيات الدينية سيمارسون هذا المنحى الانتحاري، وكما سقط المشروع الاسرائيلي عام 1982 في حرب الجبل سقط المشروع الاسرائيلي في سوريا مهما كانت التضحيات. لكن ذلك يتطلب ايضا من الدروز ومن كل قياداتهم رؤية واضحة لما يجري وقراءة موحدة لمواجهة مشروع ابادتهم والطريق الوحيد للمواجهة قتال التكفيريين وجيش العدو لحماية الارض والعرض والمقدسات. وهو الطريق الوحيد وهناك مشهدان امام الدروز مشهد «نبل والزهراء» وهو مشهد الصمود ومشهد الايزيديين في العراق، لكن الاكيد والحتمي ان الدروز سيدافعون عن ارضهم كما كانوا طوال التاريخ وهذا هو دورهم.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى