إيران دون قنبلة تخيفهم أكثر ! ثريا عاصي
أخيراً، تم التوصل إلى إتفاق بين إيران من جهة والدول الكبرى من جهة ثانية على حل المسألة المعروفة باسم الملف النووي الإيراني، الناتجة عن اعتراض أميركي وأوروبي غربي على تجاوز برامج الأبحاث في إيران في المجال النووي، درجة تمكن حكومة هذه البلاد من صناعة ذخائر ذات قوة تدميرية بالتفاعل الذري .
هذا ما نعرفه من وسائل الإعلام . المطلوب إذن هو أن يكتفي الإيرانيون بمستوى متواضع من البحث العلمي في حقل الذرّة . منطقياً لن يستطيع الإيرانيون أن يصنعوا في سنة 2015، سلاحاً ذريّاً يتعادل مع الأسلحة المماثلة التي تطورها باطّراد مراكز الأبحاث العسكرية في بلاد الغرب، منذ أربعينيات القرن الماضي (ألقى الأميركيون أول قنبلة ذرية على هيروشيما سنة 1945). الإيرانيون يعرفون ذلك طبعاً، لذا أعلنوا أنهم ضد السلاح النووي بالمطلق، وهم يدعمون أية سياسة دولية هدفها نزع هذا السلاح بصورة شاملة وكاملة ! هم محقون في ذلك . من البديهي أن الدول الكبرى تعلم أيضاً، أن الإيرانيين لا يشكلون خطراً نووياً ضد أحد . وحدهم المستعمرون الإسرائيليون، وبالتالي الدول الغربية التي مكّنت الأخيرين من حيازة سلاح نووي، يشكلون هذا النوع من الخطر . إنهم يحصنون ما يضمرون للسكان الأصلانيين من عدوانية وكراهية عنصرية، بالرؤوس النووية التي ساعدتهم الدول الغربية في الحصول عليها . هذه الدول نفسها التي تريد أن تفرض على الإيرانيين قيوداً في مجالات البحث العلمي . السلاح النووي درع ضد الهزيمة العسكرية !
إذن المشكلة مردّها إلى مزاعم الدول الإستعمارية الغربية، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، إن الإيرانيين يكذبون عندما يقولون أن السلاح الذري لا يهمهم وأنهم لا يريدون صنعه . يستتبع ذلك أن على الإيرانيين إظهاراً لحسن نواياهم، أن يفتحوا مراكزهم البحثية أمام لجان المراقبة الدولية، مقابل رفع العقوبات الإقتصادية المفروضة عليهم، وإعادة أموالهم المجمدة في الخارج، التي يبدو أنها تصل إلى مبالغ كبيرة جداً . لجان مراقبة ! العراق .
يقول خبراء أن المستعمرين الإسرائيليين عبروا عن غيظهم الشديد تجاه الرئيس الأميركي، كونه بحسب اعتقادهم، أراد هذا الإتفاق مع إيران . أما سبب ردة الفعل الإسرائيلية فإن أصلها في أن إيران تدعم حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي، والدولة السورية . إذن المسألة بالنسبة لإسرائيل، ليست السلاح النووي . كأن الفرنسيين، رغم تشددهم و بذلهم أقصى الجهود لم يفلحوا في تضمين الإتفاق المعني شروطاً على إيران بالكف عن دعم هذه الأطراف المناوئة لإسرائيل .
هناك، استناداً إلى تحليلات خبراء أيضاً، طرف ثان هو آل سعود، مستاؤون إلى أبعد الحدود من التطورات الإيجابية في موضوع الملف النووي الإيراني . ليس لأنهم كانوا خائفين من القنبلة الذرية الإيرانية، ولكن خشية من إيران المتحررة من القيود الإقتصادية ومن الأخطار العسكرية التي من المحتمل أن تصير نموذجاً للدولة الشرقية الإسلامية العصرية في آن . ما يعني أنها ستمثل تحدياً كبيراً للكيانات الخليجية المهترئة العائمة على النفط والغاز ! قد يؤدي ذلك إلى يقظة الجماهير الشعبية في هذه الكيانات، التي تعيش في ظلمات القرون الوسطى لا تجد عملاً، لا تستفيد من مشفى ولا تجد مدرسة يتعلم فيها أبناؤها . ولكنها تؤمر بإعطاء البيعة أمام صورة الملك الجديد، وتساق إلى المساجد بسياط شرطة الأمر بالمعروف (المطاوعية) ويـُطلب منها إبداء إعجابها بمعجزات آل سعود ! ويفرضون على الرجل أن يُرخي شعر لحيته .. مسكينة الشام !
(الديار)