متى تتوقف الحرب ؟ ثريا عاصي
لنفترض أن الحرب العدوانية على سوريا توقفت. إنتصرت الدولة السورية فمنعت المعتدين من الوصول إلى مآربهم. بالإذن من الرئيس الفرنسي شارل ديغول، رئيس أسبق، الزمان غير هذا الزمان، بمناسبة تحرير باريس من الإحتلال الإلماني في الحرب العالمية الثانية. «سوريا مهانة، سوريا جريحة، سوريا معذبة.. ولكن سوريا حرة، حررت نفسها بنفسها، حررها شعبها، بمعاونة حلفائه المناهضين للإستعمار»..
بينما في حال إنتصرت المعارضة الوطنية السورية، إنتصر الإصلاحيون السوريون!. ننتظر إقتراحاتهم من أجل سوريا جديدة. عاد المناضلون الذي قاتلوا مع السوريين من حيث أتوا. رجع المقاومون إلى لبنان.
ـ نفذت المهمة في سوريا !
ـ ستبقى المقاومة في لبنان طالما أن إحتمال غزو المستعمرين الإسرائليين قائمة! وطالما أن الفرقاء اللبنانيين جميعاً لم يلتزموا ويقسموا. ما قيمة القسم؟ قيمة القسم بأن يتصدوا يداً واحدة، دون تمييز بحسب الإنتماء الطائفي والمذهبي والأصل المناطقي، لأي عدوان يرتكبه المستعمرون الإسرائيليون، بجميع الأساليب والسبل المتاحة. اللبناني، لبناني على كامل الأرض اللبنانية. لبنان وطن سيد ومستقل. لا للتدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية، تحت أي عنوان. إنه حلم!
لنفترض أن هذا كله صار معطى ملموساً، حقيقياً. ما هي النتائج التي ستترتب عليه؟ هل هذا يكفي لدفع أذى المستعمرين الإسرائيليين عنا؟ طبعا لا! هل يوصلنا هذا إلى حل للقضية الفلسطينية؟! القصد هنا، ببساطة هو حق الفلسطينيين في العيش في فلسطين، كمواطنيين عاديين متساويين في الحقوق والواجبات مع الإسرائيليين، من الجيل الثاني أو الثالث؟ طبعا لا! لأن هذا يعني أن المستعمرين الإسرائيليين تخلوا عن سياسة التمييز العنصري (الأبارتهايد) التي تمارسها دولتهم ضد الفلسطينيين، وعن نهج الإستعمار الإستيطاني، وعن هدف «الدولة اليهودية» الذي يجسد العنصرية المتغولة بأبشع صورها، ويفضح كذب وخداع حلفائها في أميركا وأوروبا. الذين يزعمون أنهم المدافعون عن الحريات وحقوق الإنسان في هذا العالم، وهم في الواقع بالضد من ذلك!
مجمل القول ان المستعمرين الإسرائيليين لن يقبلوا بأن تبقى المقاومة في لبنان. فهذا يعني أنه ما يزال هناك عائق يحول دون إلغاء حق الفلسطينيين اللاجئيين بالعودة إلى فلسطين. وأن الظروف غير مؤاتية من أجل إلغاء حق العودة عن طريق صفقة بين الزعامة الصهيونية من جهة ونظم الحكم العربية من جهة ثانية. العائق هو هذه المقاومة الموجودة في لبنان ! من الطبيعي إذن أن يحاول المستعمرون الإسرائيليون، وأصدقاؤهم في تكتل دول «الإعتدال العربي»، التطبيعيون، أي دول الخليج أساساً، الذين سيطروا على جامعة الدول العربية، فصار آل سعود يدّعون أحقية تمثيل « العالم العربي» والنطق باسمه، والتوكل بالحفاظ على الأمن في أرجائه ! الشرطة !
لا أظن أنه يصعب علينا أن نتصور الخطط التي يمكن أن يطبقها أعداء المقاومة في لبنان بقصد القضاء على هذه الأخيرة. لا شك في ان المستعمرين الإسرائيليين يضعون في حسابهم إحتمالية معاودة الحرب ضد لبنان، على غرار الغزو في 1982 والحرب في تموز 2006. الرأي عندي في هذا السياق أن القضاء على المقاومة العربية بوجه عام وعلى المقاومة السورية – اللبنانية بوجه خاص هو الهدف الأساسي للحرب على سوريا. يبقى أخيراً، ويا للأسف، ورقة الحرب المذهبية، حرب «السنة» ضد «الشيعة». ترجمتها هي: «حرب آل سعود وتكتل الإعتدال من أجل فرض التطبيع مع المستعمرين الإسرائيليين فرضاً»! لا بد حتى تكتمل الصورة، من أن نلفت النظر أيضاً إلى أنه ليس مستبعداً أن يحاول المستعمرون العمل على إغراق المقاومة في وحول منازعة شيعية ـ شيعية. هذا حدث في الماضي، ومحتمل أن يحدث من جديد ! جميع اللبنانيون يعرفون ذلك، يعرفون أن المسيحيين اقتَتَلوا، والشيعة احتربوا، والسنة أيضاً تباغضوا، وأن الفلسطينيين اللاجئيين يغزون بعضهم بعضاً في مخيمات اللاجئيين. إن إقحام الديانات في لبنان على وجه الخصوص وبلاد العرب بوجه عام، ما هو إلا خداع ونفاق.
(الديار)