إسرائيل وحماس والسلطة: يوسي بيلين
اتفاق هدنة لفترة طويلة مع حماس، مقابل اعطاء امكانية لاعمار وتنمية القطاع، هو الفكرة الاكثر معقولية في الظروف الصعبة الناشئة. اما السلام في هذه اللحظة، فمتعذر، من ناحية حماس؛ فالمنظمة غير مستعدة لان تتنازل، بشكل مبدئي، عن استخدام السلاح كي تحقق اهدافها، وبالمقابل يمكنها أن تستند إلى عدد لا ينتهي من السوابق التاريخية التي اضطرت فيها محافل إسلامية لان تسلم باعدائها لفترة محدودة.
من ناحية إسرائيل، يسمح مثل هذا الوضع بفرضة للهدوء في الجنوب على مدى بضع سنوات، واذا لم تلتزم حماس بكلمتها، فبوسع إسرائيل أن تتراجع عن الخطوات التي ستتخذها حسب اتفاق الهدنة. ولكن إذا لم تعالج مشكلة الضفة الغربية، فمن شأن وقف نار كهذا ان يصعد العنف الحماسي هناك وان يمس بالتعاون الامني مع السلطة الفلسطينية.
مثلما كان هذا خطأ من جانب رئيس الوزراء الاسبق، اريئيل شارون، الاكتفاء بالانسحاب من غزة وبخطوة رمزية فقط في الضفة الغربية، وتجاهل الحكم الجديد للرئيس محمود عباس، هكذا ايضا فان تكرار خطوة مشابهة من جانب بنيامين نتنياهو من شأنه ان يؤدي إلى أن نخسر في الضفة الغربية ما نربحه في غزة.
اذا كان صحيحا أنه تجري محادثات غير مباشرة مع حماس على وقف نار وتطبيع، فثمة ضرورة لحوار موازٍ مع السلطة الفلسطينية. واضح أن م.ت.ف لا تتحمس للشائعات عن اتفاق قريب بين إسرائيل وحماس. وهي ترى في ذلك تحقيقا لتهديد «فرق تسد» ومنح جائزة للإرهاب، في ظل تجاهل الجهة الفلسطينية الشرعية، التي توجد في تنسيق امني مستمر مع إسرائيل وتعمل في المستوى السياسي الدولي (حتى لو لم تستطب إسرائيل ذلك) في ظل التنكر للإرهاب والكفاح ضده.
على م.ت.ف أن تتلقى منا اطلاعا على المحادثات (غير المباشرة على ما يبدو) مع حماس، واذا كان ممكنا الوصول إلى توفقات حول وقف النار بواسطة السلطة الفلسطينية أو م.ت.ف (والتي هي شريكتنا الرسمية للاتفاقات السياسية مع الفلسطينيين) ـ فافضل. تسوية سياسية، ولو جزئية، مع م.ت.ف حيوية بحد ذاتها، لضمان الخطوة في غزة. اما اتفاق ثنائي مع حماس فكفيل بان يكون مريحا لحكومة إسرائيل الحالية: والدليل هو أن محافل في اليمين ايضا اعربت عن تأييدها للخطوات الليبرالية تجاه قطاع غزة. فبعد كل شيء ـ إسرائيل سبق أن تنازلت عن القطاع، واذا ضمن الهدوء، وان كان مؤقتا، فسيكون ممكنا، ربما، اقناع دول في العالم بالاعتراف في أن القطاع لا يوجد تحت مسؤوليتنا.
ولكن هذه وردة وشوكة فيها: هدنة في غزة من شأنها أن تفاقم اعمال حماس في الضفة، وان كان فقط لاجل أن تبرر، في نظر مؤيديها، استعدادها لاتفاق مؤقت مع إسرائيل، فيما أن السلطة الفلسطينية من شأنها، بسبب الاحساس بان إسرائيل تفضل التسوية مع حماس على الحوار معها، ان تقلص التنسيق الامني. في مثل هذا الوضع سيكون ضرر الاتفاق اكبر من نفعه.
إسرائيل اليوم