عدنان إذ يفرض أجندته على العدو د. فايز رشيد
الشيخ خضر عدنان هو نموذج للمقاوم الوطني الفلسطيني في سجون العدو الصهيوني. فهو خاض إضرابين مفتوحين: الأول , استمر ثمانية أشهر , واضطر العدو لإطلاق سراحه. وبعد فترة وجيزة , تنكر العدو كالعادة لاتفاقه , وقام باعتقاله !. الإضراب الثاني استمر شهرين واضطر العدو إلى الاتفاق معه على إطلاق سراحه في 12 تموز/يوليو القادم مع الالتزام بشرط عدنان :أن لا يتم اعتقاله مرة ثانية بموجب القانون الإداري, سيىء الصيت والسمعة.
إضراب عدنان الأول هو أطول إضراب لكل الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال منذ عام 1967 وحتى اللحظة.قرأتُ مقالات كثيرة عنه, فمن عرفوه يشيدون بدماثته وصلابته وصبره ,وهو غير متعصب لحركته،يجادل بهدوء ولا يفرض رأيه على أحد،مستمع جيد لمحدثيه،فلسطيني عربي وطني وقومي حتى العظم.جرى اعتقاله أول مرة منذ سنوات طويلة،وأوقفته إسرائيل بموجب الاعتقال الإداري , بمعنى:يُسجن لفترة 6 أشهرأو سنة وقبل انتهائهما يجري تمديدهما , وهكذا دواليك،فيقضي المعتقل في السجن عشرات السنين في سجنه دون توجيه تهمة إليه،وفقط لمجرد الشك فيه.هذا القانون هو من مخلفات الاحتلال البريطاني الغاشم لفلسطين،وإسرائيل تعتقل كثيرين من الفلسطينيين بموجبه.
الشيخ خضر, أعاد إلى الأذهان الإضرابات السابقة التي قام بها السجناء الفلسطينيون, احتجاجاً على العزل الانفرادي, وقد استمرت مددا طويلة, لكن سلطات السجون وبطريقة غادرة وخسيسة ,أفهمت اللجنة العليا للسجناء مرارا(وهي المسؤولة عن الإضرابات): أنها استجابت لكل طلبات السجناء, وأنها ستوقف العزل الانفرادي, فأخذت اللجنة قرارت بفك تلك الإضرابات.كذلك تعهدت إسرائيل للوسطاء المصريين الذين ساهموا في الطلب من اللجنة إنهاء الإضراب في كل مرة, لكن الدولة الصهيونية كعادتها:لا تقيم وزناً لوعودها وتعهداتها ,فبعد فك كل إضراب تعود إلى ممارسة العزل الانفرادي للكثيرين من المعتقلين , وهذا ما حصل مع بطل شعبنا الأسير خضر عدنان.
في هذا الصدد نقول: لقد ثبت للعدو: بأن معتقلينا في كل إضراباتهم الفردية والجماعية: موحدون, يناضلون من أجل قضيتهم الوطنية الفلسطينية, ثم بعد ذلك يأتي الانتماء التنظيمي.لا نريد كشعب فلسطيني أن تنعكس حالة الانقسام القائمة في الخارج, إلى داخل السجون ,فمعتقلونا(كلهم ومن جميع الفصائل) حوّلوا السجون إلى مدارس نضالية للقضية الوطنية،ومحطات للصمود الفولاذي في وجه العدو الصهيوني, الذي يهدف إلى تفريقهم وكسر شوكتهم وإذلالهم.
الشيخ خضر عدنان كان قد هرّب مع محاميه بعض الكلمات ,فهو لم يُضرب عن الطعام نتيجة حالة يأس, بل مثلما يقول بالحرف الواحد:”أنا لا أسير نحو العدمية, بل أدافع عن كرامتي وعن كرامة شعبي المستباحة،وعن حقوقه المغتصبة”.بهذه الجمل المليئة بالكبرياء الوطني يعلل أسيرنا البطل لإضرابه الطويل.
لقد رفضت الحكومة الإسرائيلية في البداية, الطلب الذي قدمه محاميه لها،والذي طالب بإطلاق سراحه حرصاً على حياته،فهو لم يعد قادراً على الوقوف وخسر الكثير من وزنه ،وهو مصاب بوهن عضلي كبير،وبعدم قدرته على القيام بأية حركة تتطلب أدنى الجهد.المحكمة الصهيونية أيدّت السلطات في استمرار اعتقاله.الذي نود أن نسأله:لو أن يهودياً في إحدى دول العالم قام بمثل إضرابي خضر عدنان, فما هي ردود فعل دول العالم؟بالتأكيد:سيكون الجواب:تقوم الدنيا ولا تقعد!.
أقول ذلك وفي الذاكرة إضرابات عن الطعام قام بها يهود إبّان الحقبة السوفياتية،كان حينها يقف العالم على قدميه وبخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.إبّان وجود جلعاد شاليط في الأسر لدى حركة حماس،أخذت حكومة نتنياهو قراراً بتحويل حياة الأسرى الفلسطينيين إلى جحيم،وكأنها كانت عظيمة من حيث الظروف؟رغم إطلاق سراح شاليط في صفقة تبادل الأسرى وقد كان يعيش في ظروف سبع نجوم،يتزايد التشديد على أسرانا!.
نعم لقد استطاع أسيرنا البطل فرض شروطه وأجندته على العدو.. نعم , هكذا هم الأسرى الفلسطينيون في سجون ومعتقلات العدو الصهيوني…مقاومون,أبطال,لا ينال العدو من إرادتهم, موَحدون , فلسطينيون عرب , إنسانيون. كل التحية لهم ولأسيرنا الشيخ خضر عدنان.