سوريا تكسر عاصفة الوهم
غالب قنديل
كما لوكانت الأسطوانة ذاتها كل عام في الصيف ومع شهر رمضان لكنها هذه المرة أديرت على هدير عاصفة العدوان الأميركي السعودي على اليمن وبتوحيد صارم لحلف العدوان ، ونجحت الهجمة في بعض الاختراقات الميدانية غير البسيطة وعندما تبث الأوهام مع بعض الوقائع الصحيحة تكون فرص انتشارها أكبر وهذا ما أثار قلقا جديا عند الكثير من الوطنيين لكن المؤشرات التي تحملها الأحداث مؤخرا تشير إلى أن عاصفة الوهم تتبدد في فضاء سوريا وبفضل صمودها الملحمي شعبا وجيشا ودولة وطنية مقاومة .
أولا في الأسبوعين الأخيرين شهدت معظم محاور القتال السورية معارك عنيفة بدون استثناء وانجلت عن فشل متكرر لهجمات الجماعات الإرهابية التي حققت في السابق سلسلة اختراقات بعدما حظيت بدعم واسع ومنسق من دول حلف العدوان انطلاقا من غرف العمليات التركية والأردنية ومن إسرائيل مباشرة وحيث أغدقت الحكومتان القطرية والسعودية مبالغ طائلة وخصصت جهودا مشتركة مع تركيا والأردن وإسرائيل وتحت الإشراف الأميركي لتوحيد الجهود وتركيزها في مسعى صريح لمحاولة تعديل التوازنات على الأرض غايتها فرض نصاب تفاوضي جديد وكسر الإرادة الوطنية الاستقلالية الصلبة التي يعبر عنها الرئيس بشار الأسد وقد رافق هذه المحاولة ضجيج إعلامي يتكرر منذ العام 2011 عن فرصة متخيلة لقلب الطاولة في سوريا .
اللافت للانتباه انه في هذه المرة وكما في المرات السابقة ترافقت التحركات الميدانية مع محاولات سياسية للإيحاء باختراقات في جبهة حلفاء سوريا من خلال تسريبات مكثفة صاحبت زيارة محمد بن سلمان إلى موسكو واستوجبت خروج الرئيس فلاديمير بوتين بموقف قوي داعم للرئيس الأسد ولدوره منعا لأي تأويل تسربه السعودية او توحي به ومع استمرار التسريبات المتعلقة بموقف إيران التي لم يوقفها تصاعد التواصل الإيراني السوري ولا المواقف القوية الصادرة عن طهران حول ثبات التضامن مع سوريا ولا هجومية حزب الله الصارمة في تبني فكرة الشراكة في الدفاع عن القلعة السورية التي تحمي محور المقاومة في المنطقة وتصد خطر الإرهاب التفكيري عن العالم كله.
ثانيا يتضح ان فشل الهجمات الأخيرة التي شنتها الجماعات المسلحة والتكفيرية هو دليل على فعالية الخطة التي نفذتها القيادة العسكرية السورية في إطار التركيز والانتشار للتحصن في مواقع وخطوط ترفع القدرات الدفاعية للجيش العربي السوري وتمنع تعرضه للاستنزاف او خوضه لمعارك مضاعفة الكلفة في بعض المواقع المحاصرة بينما يتحمل اعباء الانتشار الواسع في آلاف النقاط التي تبارى الخبراء في معاهد الدراسات العسكرية العالمية بإحصائها وبتقدير ما تقتضيه من جهود وعديد وقدرات لوجستية لضمان صمودها على مدى سنوات متواصلة .
الفشل الذي وقع خلال الأسبوعين الأخيرين تكرر هو نفسه في جبهات الجنوب والشمال والوسط بينما يحقق الجيش العربي السوري وبالشراكة مع المقاومة اللبنانية والوحدات الشعبية السورية نجاحات مهمة في مواقع نوعية كجرود القلمون والجبهة الجنوبية حيث كان لهبة السويداء الشعبية إلى السلاح تأثير كبير معنويا وميدانيا خلال الأيام القليلة الماضية وكذلك ظهرت إنجازات ميدانية للجيش العربي السوري والقوى الشعبية المقاتلة في محاور حلب ودير الزور وإدلب والحسكة وريف حماة.
هذه الحصيلة الميدانية تشير حتى الساعة إلى احتواء الاندفاعة الهجومية لحلف العدوان وعصاباته وثبات الجيش العربي السوري والمقاومة في مواقع يجري تحصينها وتوسيع دائرتها في جميع جبهات القتال وهو ما يؤسس لمرحلة مقبلة تتيحها التعبئة الشعبية المتصاعدة لمزيد من الجهود والقوى ولحشد قدرات إضافية ترفع من إمكانات الجيش والمقاومة الشعبية .
ثالثا تعزز التلاحم بين الجيش والشعب خلال هذه الفترة الصعبة من المعارك بسقوط جميع الأوهام التي روجت على نطاق واسع حول فرص الحياد او عدم الانخراط في القتال وإمكانية التعايش والمساكنة تحت سلطة جماعات التكفير وخصوصا جبهة النصرة القاعدية وتحالفاتها في أي من المناطق السورية وهو ما سخر حلف العدوان لترويجه جهودا وقدرات إعلامية ضخمة وأدوارا سياسية إقليمية خصوصا مع اقتراب المعارك والهجمات من محافظة السويداء التي أكد أهلها مجددا هويتهم السورية العربية المقاومة وأسقطوا خطط التحييد بعدما سقطت تحت أنظارهم أكاذيب الأمان القاعدية الجنبلاطية في محافظة إدلب وهكذا قلبوا الميزان بهبة شاملة إلى السلاح تنتقل تداعياتها الواقعية إلى الجولان والجليل المحتلين فضحا لعلاقات القاعدة بإسرائيل .
مساحة الأمان السورية الوحيدة هي المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة الوطنية وقواتها المسلحة حيث تتواجد غالبية ساحقة من الشعب العربي السوري وهي خليط معبر عن جميع التلاوين السورية وهذا ما يفسر نزوح الأهالي إليها من مناطق سيطرة الإرهابيين والجماعات المسلحة التي فضحت الأحداث لجميع السوريين انها تقيم سلطة إرهاب وقتل جماعي وتناحر على السلب والنهب وتلك هي حقيقة مشروع دول العدوان على سوريا التي ترطن بالكلام عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وتدعم عصابات التكفير وواجهات المرتزقة والجواسيس لتدمير الدولة الوطنية السورية ولسلب استقلالها الذي هو أغلى ما حققه السوريون في تاريخهم المعاصر.