لماذا أعاد بوتين التأكيد على دعم سورية والرئيس الأسد؟ حميدي العبدالله
في منتدى «سان بطرس بورغ» الاقتصادي، حرص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التأكيد على مواقف روسيا الثابتة من الأزمة في سورية، وبعث هذه المرة برسائل إضافية.
ما دفع الرئيس الروسي إلى إعلان مواقفه السياسية في مؤتمر اقتصادي، ولا سيما إزاء سورية؟ حدثان بارزان:
الحدث الأول، الشائعات التي راجت في الآونة الأخيرة، وتحديداً بعد المكاسب التي حققتها الدول التي تشارك في الحرب على سورية على جبهة إدلب، حيث حمل وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري وجهة نظر الغرب المعروفة في كيفية حلّ الأزمة السورية والتي تقوم على فكرة حلّ بمعزل عن الرئيس بشار الأسد، حيث ذكرت تقارير صحافية، وقد أكد هذه التقارير ديبلوماسيون روس، أنّ كيري أبلغ المسؤولين الروس بأنّ تطورات الميدان الأخيرة تفرض عليهم مراجعة موقفهم من الأزمة السورية والتخلي عن سياسة دعم الدولة السورية الممثل الشرعي الحقيقي للشعب السوري، أو على الأقلّ للغالبية التي شاركت في الانتخابات الرئاسية في تموز عام 2014. وفي ذلك الوقت حرصت موسكو على التأكيد أنّ موقفها لن يتغيّر حتى وإنْ حصلت التطورات الميدانية المشار إليها. لكن يبدو أنّ موسكو وجدت أنّ التأكيد على عدم حدوث تغيير في مواقفها من دمشق غير كافٍ، ولا بدّ من دعمها بتأكيد إضافي على أعلى المستويات، ولهذا حرص الرئيس بوتين على القول إنّ موقف روسيا ثابت من الأزمة السورية، وحذر من محاولات تكرار السيناريو الليبي والعراقي في سورية.
الحدث الثاني، زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى موسكو وتوقيع سلسلة من الاتفاقات. يبدو أنّ تقدير موسكو للموقف أنه بعد هذه الزيارة سيتمّ الحديث في وسائل الإعلام عن تبدّل في الموقف الروسي من الأزمة السورية، يذهب بعيداً في المغالاة إلى حدّ تكريس الاستنتاج بأنّ روسيا قد غيّرت مواقفها من الحكومة السورية، لذلك وبعد أقلّ من 24 ساعة على استقبال الرئيس الروسي لوزير الدفاع السعودي، حرص الرئيس بوتين شخصياً على تأكيد عدم حصول أيّ تغيير في الموقف الروسي للحؤول دون أيّ تأويلات صحافية أو سياسية، أو حروب نفسية تشيع أنّ موسكو قد تخلت عن دمشق.
لكن إضافةً إلى هذه الرسائل الواضحة والقاطعة التي حملتها تصريحات الرئيس بوتين في منتدى «سان بطرس بورغ» ثمة هدفان أساسيان لهذه التصريحات:
الهدف الأول، عكس يقظة روسيا واستعدادها الواضح والحازم لمنع تكرار السيناريو العراقي والليبي في سورية، والمقصود بذلك امتناع روسيا عن اتخاذ موقف حازم في معارضتها لسياسة الدول الغربية، سواء عبر مجلس الأمن، أو العمل من خارج تفويضه، لذلك كانت عبارة الرئيس بوتين، لا يجوز تكرار سيناريو العراق وليبيا، في سورية، وهذه رسالة واضحة وحازمة في ضوء تجدّد الدعوات لإقامة منطقة حظر جوي في سورية.
الهدف الثاني، تأكيد روسيا ليس فقط على شرعية الرئيس بشار الأسد المنتخب من قبل الشعب السوري، بل وأيضاً أنّ أية إصلاحات سياسية في سورية، وبديهي أيّ تسوية للأزمة القائمة، ستكون تحت قيادة الرئيس بشار الأسد وبالتعاون معه، وهذا أوضح وأصلب موقف تتخذه روسيا وعلى أعلى المستويات منذ اندلاع الأزمة في سورية قبل أربع سنوات، وحتى يومنا هذا.
الأرجح أنّ مسار الأزمة السورية سياسياً وميدانياً، بعد هذه المواقف الحازمة، سيكون مساراً يختلف عما كان عليه خلال السنوات الأربع الماضية لمصلحة الدولة والشعب السوري.
(البناء)