السويداء في خطر ومطار الثعلة لم يسقط زياد حيدر
مع اقتراب المجموعات المسلحة للمرة الأولى منذ بداية النزاع في سوريا إلى مسافة كيلومترات قليلة من السويداء، يزداد القلق على دروز سوريا في هذه المنطقة وان يكون مصيرهم مشابهاً لمصير دروز ادلب، الذين ارتكبت «جبهة النصرة» مجزرة ضدهم أمس الأول، ذهب ضحيتها حوالي 30 شخصاً.
واستطاعت القوات السورية، أمس، صد هجوم كبير على مطار الثعلة العسكري، الذي يعتبر أحد أهم خطوط الدفاع عن السويداء، فيما فتحت السلطات السورية نافذة جديدة للمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي من المرجح أن يزور دمشق بداية الأسبوع المقبل، بعد انقطاع طويل، وإشارات جافة تبادلها الطرفان مؤخراً.
ولا تقتصر مخاوف دمشق من معركة تضطر إليها مدينة السويداء، وتضع كل المنطقة الجنوبية في هوة الضياع، بل تتعداها، إلى ما هو أكثر تهديداً، عبر تبلور الهويات الطائفية لهذا الصراع، واكتسابه شرعية ميدانية صريحة.
ووفقا لتقديرات محلية، يبلغ عدد سكان السويداء من الدروز نصف مليون شخص، فيما يقطن جبل السماق حوالي 18 ألف درزي، و20 ألفاً في جبل الشيخ ومثلهم في الجولان المحتل.
ووفقا لمستشار أحد مشايخ العقل في السويداء أشرف الجرماني، فإن ثمة «قلقاً في السويداء، يتوّجه خوف أكبر»، بسبب عدم تسلح المنطقة بما يكفي من السلاح، والتراجع الميداني الذي حصل للجيش، كما أن ثمة تخوفاً من «انقسام داخلي» يعمل البعض على «تقديمه على طبق من فضة للأعداء، لتسهيل مهمتهم».
وأمس، فيما كانت حامية مطار الثعلة تقاوم الهجوم عليها، كانت جماعات أهلية ودينية في السويداء تعمل على تنظيم صفوفها، ولا سيما أن 12 قذيفة هاون سقطت على المدينة حتى مساء أمس، مخلفة جرحى وقتلى، ومعززة الانطباع بأن معركة قريبة باتت وشيكة.
وحاولت ما يسمى بـ «الجبهة الجنوبية» التي تضم فصائل مسلحة، في بيان، طمأنة الدروز. واعتبرت أن «أبناء السويداء هم إخوتنا وأهلنا واننا لم ولن نقاتلهم»، مضيفة أنها «تمد يدها للأهل والإخوة في محافظة السويداء، وفي جميع المناطق السورية من أجل مواجهة خطر داعش».
وبعد ساعات من بلبلة إعلامية أثارتها تصريحات لقياديين في مجموعات مسلحة في الجنوب عن سيطرة المسلحين على مطار الثعلة، عاد المسلحون ونفوا هذا الأمر.
ونفت دمشق ايضاً سيطرة المسلحين على المطار. ونقلت وكالة الأنباء السورية – «سانا» عن مصدر عسكري ان «وحدات من الجيش والقوات المسلحة أحبطت عدة محاولات تسلل للإرهابيين إلى مطار الثعلة، وأوقعت بينهم مئة قتيل على الأقل ودمرت لهم عشرات العربات المصفحة».
وكانت «جبهة النصرة» قد ارتكبت مجزرة في قرية لوزة في ريف إدلب، ذهب ضحيتها 30 درزيا على الأقل، وذلك بعد رفض مواطنين من القرية السماح لقيادي في «النصرة»، يحمل الجنسية التونسية، من مصادرة منزل بحجة أن صاحبه موال للنظام.
من جهة ثانية، فتحت السلطات السورية نافذة جديدة للمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي من المرجح أن يزور دمشق بداية الأسبوع المقبل، بعد انقطاع طويل، وإشارات جافة تبادلها الطرفان مؤخراً.
وعلمت «السفير» أن دمشق تتوقع زيارة المبعوث الدولي منتصف هذا الشهر، علما أن طلب الزيارة جاء من دي ميستورا، بهدف وضع السوريين في «صورة مشاوراته المكثفة في جنيف» مع أطياف المعارضة والموالاة والجهات الإقليمية المعنية بالأزمة السورية.
وأبلغت الخارجية السورية مكتب دي ميستورا، «بعد تفكير»، موافقتها على زيارته، بعدما شابت الوسط الديبلوماسي شكوك في رغبة دمشق استقبال المبعوث الأممي، وذلك إثر تصريحاته الأخيرة، التي طالب فيها الحكومة السورية بوقف «الهجمات بالبراميل المتفجرة» على حلب، وأقوال أخرى نسبت إليه «عن عدم وجود دور للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل العملية السياسية»، تأكدت «الخارجية السورية من عدم دقتها».
وشبه ديبلوماسيون ردة فعل مسؤولين سوريين على تصريحات دي ميستورا بردة الفعل التي حصلت على تصريحات زميله السابق الأخضر الإبراهيمي، حول «ضرورة تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة يستبعد عنها الأسد» والتي قطعت حبل الثقة مع الأخير، في نهاية العام 2012.
وقال ديبلوماسي غربي، لـ «السفير»، إن دي ميستورا سيشرح «تصريحاته المثيرة للجدل» للجانب السوري، مدافعاً «عن مبدأ التسوية السياسية الذي ينتهجه». وقال آخر إن الجانب السوري ربما يجد في زيارة دي ميستورا «فوائد يجنيها» في ظل التراجع الميداني الذي أصيب به الجيش السوري مؤخراً.
ووفقا للمصدر ذاته، ينسجم «ترحيب» دمشق بالمبعوث الأممي مع طلبها من الجانب الروسي قبل أسبوعين تنظيم جولة ثالثة من المحادثات السياسية بين الحكومة والمعارضة في موسكو. كما تحرك الزيارة «آمالا بإنعاش العملية السياسية، وتعكس انفتاحاً سورياً على الحوار مجدداً».
ووفقا لمسؤول سوري، تحدثت إليه «السفير»، فإن مجمل المؤتمرات التي تجمع «أبناء اللون الواحد من المعارضة» سواء «جرت في كازاخستان أو مصر، ولاحقا في السعودية»، تتحدث عن «تسوية سياسية» إلا أنها جميعها «تفتقد العنصر الأساسي في تحقيق تسوية سياسية وهو التمثيل الرسمي».
وأعرب المسؤول عن اعتقاده أن «الرهان يبقى لدى خصوم سوريا على العامل الميداني، وإحداث تغيير جارف في ميزان القوى على الأرض»، متسائلاً «ما الذي يمكن أن يجنيه حل سلمي لا تتوفر فيه كل الأطراف المؤثرة» في إشارة إلى الحكومة السورية.
(السفير)