ماذا لو أعلن التكفيريون «إمارة عرسال»؟ نبيل هيثم
تؤشر الوقائع الميدانية المتسارعة في الجرود الى ان الاستحقاق العرسالي لم يعد انتظار حصوله يتطلب الكثير من الوقت، بل اصبح داهماً.
«حزب الله» تمكن، حتى الآن، من أن يقطع شوطا بعيدا جدا، في المهمة العسكرية التي ينفذها في جرود عرسال، وبسلاسة فاجأت حتى الحزب نفسه، لا سيما لجهة التقدم السريع الذي يحققه مقاتلو الحزب في مقابل الانهيار المريع للمجموعات التكفيرية.
هذا التقدم يقرب أوان «الاستحقاق المنتظر» كما يقول مواكبون لمعركة الجرود، لكن السؤال في اي اتجاه ستنحو الوقائع المقبلة؟
بالتأكيد، ليس من ناحية دخول «حزب الله» الى البلدة، ولا حتى من باب المحاولة، فهذا امر من المحرمات التي حددها الحزب لنفسه في هذه المعركة، خاصة أنه قد ثبت في الاجواء العرسالية معادلة عسكرية شديدة الوضوح، وملموسة من قبل كل المتتبعين لهذا الميدان، وتقول: «المقاومة للجرود.. والجيش لعرسال»، وتأتي ترجمة دقيقة لما قاله السيد حسن نصرالله نفسه حينما اعلن صراحة ان ما يعني «حزب الله» هو الجرود وتحريرها من الاحتلال التكفيري، واما البلدة فمن مسؤولية الدولة.
واذا كان الجزء الاول من المكافحة الجردية للمجموعات التكفيرية قد حقق فيه الحزب ما وضعه لنفسه من حدود عسكرية واستراتيجية وسياسية واطبق على نحو 70 في المئة من المساحة الاجمالية للجرود التي تحتلها تلك المجموعات، اقله منذ «غزوة» 2 آب 2014، فإن الجزء الثاني من تلك المكافحة، يتعلق بالبلدة نفسها، وهنا تكمن العقدة، خاصة ان هذا الجزء محكوم بمجموعة عناصر، لكل منها دوره وتأثيره في مجريات الامور:
الاول، هو الجيش، وسواء نال غطاء سياسيا او غير سياسي، سيشكل رأس حربة المواجهة لتلك المجموعات، وفي معركة مفصلية وحاسمة، تطوي نهائيا كل ذكريات «غزوة آب» ومآسيها، وتفتح على صفحة حددت قيادة الجيش عناوينها الاساسية: «الجيش في اعلى جهوزيته امام هذا الخطر، لن يُسمح للارهابيين بالعبث بأمن عرسال والتلاعب بمصير اهلها وأخذهم رهائن، كما لن يُسمح لهؤلاء بالمس بوحدة لبنان واختطاف تعايشه وتهديد استقراره، لإقامة إمارتهم»!
الثاني، تيار «المستقبل»، الذي سيجد نفسه مع الاستحقاق العرسالي المنتظر، امام امرين:
إما ان يؤكد اتهامه باعتماد سياسة النعامة ودفن الرأس في الرمال او المزايدة او الاستثمار السياسي، وبالتالي عدم النظر الى عرسال ووجع اهلها، بحجم الخطر الذي يتهددها من قبل المجموعات الارهابية. وهذا معناه تقديم حصانة عن قصد او غير قصد لتلك المجموعات.
واما ان يشكل مانعا وسدا امام اية محاولة لدفع العنوان العرسالي الى الانفجار، وهذا يوجب السعي الى استرداد عرسال التي كانت يوما حاضنة جماهيرية له، ولكنها اليوم حاليا امام هيمنة العنصر السوري التكفيري عليها وعلى مواردها وعلى اقتصادها وعلى كل شيء فيها. ولعل اقصر الطرق الى ذلك تكون عبر الذهاب الى حل يحمي البلدة، ويساهم «المستقبل» في تأمين مرتكزاته السياسية وغير السياسية.
الثالث، المجموعات التكفيرية، فبمعزل عن لجوء مسلحي الجرود الى عرسال، فهم موجودون فيها، وثمة ادلة دامغة: التصفيات التي تحصل من حين الى آخر، عمليات الخطف، المحاكم، الاماكن الممنوع الاقتراب منها حتى من ابناء البلدة… وبحسب تقرير امني رسمي «هناك مصنع للمفخخات لا يجرؤ احد على الاقتراب منه».
الرابع، ابناء عرسال، المغلوب على أمرهم، عينهم على الدولة، وعبّروا عن ذلك قبل أيام عندما نثروا الارز والورود على الجيش، ولا يزالون يتلمسون سبيل الخلاص من السجن المفروض عليهم من قبل تلك المجموعات، سواء من تلك المتمركزة في الجرود او تلك التي الموجودة فيها من غير ابناء البلدة. ولسان حال الشريحة الكبرى في البلدة: «لسنا شركاء في حرب نرفضها بالمطلق ضد اهلنا في القرى المجاورة». علما ان المجموعات الارهابية قد سبق لها ان حاولت بعد «غزوة آب»، اشراك العراسلة في عمليات ارهابية ضد بعض القرى المجاورة، وتحديدا اللبوة، الا أنهم رفضوا ذلك.
المسلحون موجودون في عرسال، وانضم اليهم آخرون من الجرود، وقد يؤدي الضغط العسكري من قبل «حزب الله» في الجرود الى لجوء مَن في الجرود الى البلدة، واما نقطة الخطر الكبرى فتكمن في مخيمين للنازحين السوريين يقعان خارج البلدة لناحية الجرود، وتسميهما المصادر العسكرية اللبنانية «معسكرين» لانهما يضمان اعدادا كبيرة من المسلحين مع عائلاتهم وكان لهم الدور الكبير في «غزوة آب» ضد الجيش.
وسط هذه الصورة ، يخشى العراسلة مما يلي:
ـ ان تجعل تلك المجموعات البلدة حصنا لها ونقطة تهديد للجوار، ومنطلقا للاعتداء على الجيش اللبناني وكذلك ضد القرى والبلدات المجاورة. مع اتخاذ اهل البلدة دروعا بشرية لها، ولذلك تداعيات خطيرة على البلدة واهلها الى حد سقوط ما تعتبر اليوم «محرّمات».
ـ ان تبادر المجموعات التكفيرية الى اللعب بمصير البلدة، كأن تعلن عرسال «إمارة» لها. وهو امر سبق ان ابلغه ابو مالك التلي الى بعض العراسلة في اعقاب «غزوة آب» بأن «عرسال لم تعد تابعة للدولة اللبنانية بل لامارة المسلمين».
ولكن، هل في الامكان اطفاء الفتيل قبل اشتعاله؟
يقول مرجع امني: كان يصح السؤال لو ان المسلحين هم خارج عرسال، ولكنهم اليوم في داخلها، وأعداد اضافية تتسلل اليها من الجرود، ولكن ثمة سبيلا وحيدا الى اطفاء الفتيل، يتم ذلك عبر تسوية لا بد منها تزيل من جهة ما تسمى «معسكرات» النزوح، وتخرج من جهة المسلحين بشكل نهائي من عرسال عبر «طريق ما»، يتأمن لهم بتعاون محلي اقليمي، وبالاتفاق مع الجانب السوري.. الا ان تلك التسوية مجرّد احتمال تبدو حظوظه ضعيفة جدا.
أميركا توافق على بيع 6 طائرات للبنان
أخطرت وزارة الخارجية الاميركية الكونغرس، أمس الأول، أنها وافقت على صفقات أسلحة محتملة (لا اتفاقات فعلية) قيمتها 462 مليون دولار مع لبنان.
وتشمل الصفقة المحتملة بيع ست طائرات للدعم الجوي من نوع إيه ـ 29 سوبر توكانو، إضافة إلى محركات ومعدات مرتبطة بها والدعم والتدريب.
وقالت الوزارة إن الطائرات ستتيح للبنان قدرة أكبر على الدفاع عن قواته البرية والتعامل مع التهديدات الأمنية داخل البلاد وعلى الحدود.
(السفير)