نتائج الانتخابات التركية والحرب على سورية حميدي العبدالله
ليس خافياً على أحد أنّ تركيا حزب العدالة تلعب دوراً رئيسياً في الحرب على سورية، سواء من خلال فتح حدودها للإرهابيين الأجانب، أو مدّهم بالسلاح، أو باستضافتها غرفة عمليات مشتركة دولية إقليمية توجه وتقود الحرب الإرهابية على سورية. كما أنّ تركيا لعبت دوراً كبيراً في تعطيل الحلول السياسية للأزمة القائمة في سورية، واعترضت على جميع محاولات البحث عن حلّ سياسي يحقن دماء السوريين ويوقف مسلسل تدمير بلادهم.
لا شك أنّ نتائج الانتخابات التركية، سيكون لها تأثير كبير على مجرى الأحداث الميدانية، لا سيما في هذا التوقيت، حيث الرهان الدولي والإقليمي على دور تركيا في التصعيد الذي شهدته محافظة إدلب، والاستعدادات لتصعيد مماثل في محافظة حلب.
وجّهت نتائج الانتخابات ضربة قوية لهذه المخططات بمعزل عن المآل الذي سترسو عليه الأوضاع في تركيا. ذلك أنّ حزب العدالة والتنمية بات الآن تحت رقابة شديدة من الأحزاب الثلاثة المعارضة، والتي تتقاطع سياستها في رفض سياسة أردوغان في سورية، وتحديداً دعمه للتنظيمات الإرهابية، سواء المصنّفة إرهابية دولياً والمصنفة معتدلة، ولأنّ أجهزة الدولة التركية الأمنية والعسكرية كانت متحفظة على سياسة حكومات حزب العدالة والتنمية في سورية بالأساس وبذلت جهوداً كبيرة لعرقلة هذه السياسة، وطوردت عقاباً لها على ذلك، والتغييرات التي شهدتها الشرطة والاعتقالات التي طاولت عدداً كبيراً من أفرادها بذرائع مختلفة، ذلك لم يعد من الممكن الاستمرار فيه، لأنه ليست هناك حكومة أو سلطة شرعية يمكن أن تغطي أعمالاً تشبه الأعمال التي كانت تقوم بها حكومة حزب العدالة والتنمية، حتى وإنْ كان ذلك بشكل سري مغطى بتصريحات كثيفة من قادة حزب العدالة والتنمية وأعضاء في الحكومة تتحدّث عن مؤامرة خارجية، حيث جاءت اتهامات إرسال الأسلحة إلى سورية في سياق هذه المؤامرة.
قد يكون حزب العدالة والتنمية عبر وجوده في السلطة لفترة تزيد عن 13 عاماً قد قام باختراق كبير للأجهزة العسكرية والأمنية، ويستطيع توظيف مواقع أنصاره في هذه الأجهزة لمواصلة الدعم الذي يقدّمه للجماعات الإرهابية في سورية، ولكن ذلك لن يكون بالصراحة والجرأة والإقدام والحجم الذي كان في السابق عندما كان حزب العدالة والتنمية ينفرد بالسلطة، وأيّ تراجع في تقديم الدعم للجماعات الإرهابية، وفتح الحدود لها من شأنه أن ينعكس إيجاباً على توازن القوى الميداني في سورية لمصلحة الدولة والجيش السوري، لا سيما في هذه الفترة الحساسة، حيث كانت الاستعدادات على قدم وساق من أجل تصعيد هجمات التنظيمات الإرهابية على جبهات كثيرة في سورية.
اليوم، باتت أولوية حزب العدالة والتنمية تتركز على الوضع الداخلي هذا أولاً، حتى وإنْ لم يقم الحزب بمراجعة سياسته واستخلاص العبر والدروس من الهزيمة الانتخابية، وإذا حافظ على وحدته، لأنّ البعض يتوقع، احتمال حصول انشقاقات داخل الحزب، وقدرة الحزب على تمرير الدعم للجماعات الإرهابية من خلال إكراه مؤسسات الدولة على ذلك باتت ضعيفة ثانياً، وهذا سيكون له تأثير كبير على ما يجري في سورية والعراق، ولا سيما السياسات التي تشكل موضع خلاف بين الأحزاب الرئيسية التي وصلت إلى قمة البرلمان.
(البناء)