تقرير: لا ضمانات لمحاكمة عادلة في محاكمة الأمين العام للوفاق
تم استدعاء أمين عام جمعية الوفاق الوطني الاسلامية الشيخ علي سلمان أمام الجهات الأمنية، فحضر مؤكداً استعداده لدفع الضريبة في قيادته المطالب السياسية في البلاد، بتحقيق الديمقراطية، والانتقال إلى الملكية الدستورية، وصدر القرار باعتقاله، فكان بعض المجتمع الدولي يطالب بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، بينما كان قرار الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان صريحاً منذ البداية في ضرورة الإفراج الفوري عن الشيخ علي سلمان، ذلك أنه معتقل رأي، وحبسه حبس تعسفي، بما يوجب الإفراج الفوري غير المشروط عنه، وقد تكرر هذا الموقف.
للمجتمع الدولي الذي يطالب بضمانات المحاكمة العادلة، ما هي ضمانات المحاكمة العادلة؟؟
يقسم المختصون ضمانات المحاكمة العادلة بالضمانات قبل المحاكمة، وأثناء المحاكمة، وبعدها، ونقف هنا أمام مرحلتين من مرحلة المحاكمة.
أولاً : ضمانات ما قبل المحاكمة :
1 – الحق في الحرية : أمين عام الوفاق معتقل أكمل 5 أشهر ونيف، بينما جميع المعنيين بحقوق الإنسان في المجتمع الدولي، وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة والمفوضية السامية اعتبروا أن اعتقال الشيخ علي سلمان اعتقال تعسفي، يجب الإفراج عنه فوراً. فهل توافرت هذه الضمانة؟؟
2 – حق المحتجز في الحصول على المعلومات الخاصة بقضيته : كرر المحامون كثيراً أنهم حرموا من الاطلاع على محضر التحريات وملف القضية قبل التحقيق، رغم أن هذا الحق مقرر في قانون الإجراءات الجنائية البحريني، فتغافلت عنه النيابة العامة. وملف القضية يشهد بطلب المحامين المتكرر قبل وبعد كل جلسة تحقيق الاطلاع على الملف، ولم يصدر القرار إلا قبل جلسة التحقيق الأخيرة التي كانت حول أوراق جديدة لم يتم الاطلاع عليها أيضاً.
3 – حق المتهم بالاستعانة بمحام قبل المحاكمة : وهذا الحق الذي تكرر النيابة العامة حفظه في كل بياناتها إنما يكشف مفهوماً غير جدياً لهذا الحق، فأن تعتبر تمكين هيئة الدفاع من الالتقاء بالشيخ علي سلمان قبل 10 دقائق من بداية كل جلسة تحقيق في مكان لا تتوافر فيه الخصوصية للعلاقة بين المحامي والموكل، ودون اطلاع المحامين على أوراق القضية، فأي حق تمت كفالته، وما عسى هيئة الدفاع أن تناقش الأمين العام للوفاق في القضية، لمدة عشر دقائق عن وقائع لا يعرفونها، فهل هذا هو حق الاستعانة بالمحامين الذي يفهمه المجتمع الدولي؟
4 – الحقوق والضمانات أثناء التحقيق : على من يدعي توافر ضمانات المحاكمة العادلة في محاكمة أمين عام الوفاق أن يجيب : هل ساعات التحقيق المطولة وأوقاته، والتي امتدت أكثر من ثمان ساعات، تعتبر مناسبة ولا تقوم على إرهاق الشيخ علي سلمان، بينما اعتبر امتداد جلسة التحقيق مع شاهد الإثبات لأقل من ثلاث ساعات، مع رفض غالبية أسئلة الدفاع الموجهة له، إرهاق للشاهد!! وهل كان التحقيق يقصد منه الوصول للحقيقة؟ وهل ضمانات المحاكمة العادلة تقوم على توجيه التحقيق للبحث عن أدلة الإدانة دون أدلة البراءة؟ وهل استجلاء الحقيقة وقرينة البراءة تقوم على قبول اقتطاع العبارات، وحملها أكثر مما تحتمل؟
ثانياً : الضمانات أثناء المحاكمة :
1 – الحق أمام المساواة أمام القانون والمحاكم : أجابت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها عن النظام القضائي في البحرين عن مدى توافر هذا الأمر، فالمحكمة ذاتها التي تلتمس الأعذار، وتبحث في أدلة البراءة، وتجعل من الشك قرينة لصالح المتهمين من قوات الأمن، ذاتها تفسر القانون تفسيراً موسعاً في مواجهة المعارضين، ولعل مقارنة بين جلستي استجواب شاهد النيابة العامة، وشهود النفي تعطي الصورة في توافر هذه الضمانة، وكذلك الحال مع السماح للنيابة العامة بالترافع، ومنع هيئة الدفاع، والشيخ علي سلمان من الدفاع.
2 – الحق في النظر العلني للقضايا : ولعل قائمة الأسماء للمسموح لهم حضور جلسات المحاكمة التي عقدت تعطي الجواب الأبلغ في توفير هذه الضمانة، ويمكن لممثلي بعض الصحافة الحرة، والمنظمات الحقوقية الإجابة على هذا السؤال، أما عن الوفاق، فقد حرمت قياداتها ومسئولوها من حضور جلسات المحاكمة، وكذلك أهل الشيخ علي سلمان، عدا شخص أو شخصين.
3 – افتراض براءة المتهم : ويجدر التساؤل هنا: هل تم التعامل مع الشيخ علي سلمان بالبراءة الأصلية؟ أم أنه منع حتى من مناقشة أدلة البراءة، فلم تسمع الخطب التي تدحض الاتهام، وتثبت الكيدية، فهل هذه الإجراءات تتفق مع قرينة البراءة؟؟!! أما النيابة العامة، فهي أكثر من أخلّ بهذه الضمانة، بأن ملأت الصحافة، منذ اليوم الأول لاعتقال الشيخ علي سلمان، بخلق رأي عام مضاد لموقف أمين عام الوفاق، ولن يفهم من تحوير المعاني وتحميل الخطب ما لا تحتمل، وإلحاقه بعبارة أن الشيخ علي سلمان أقر بأنه ألقى الخطب، إلا إخلالاً واضحاً في قرينة البراءة.
4 – حق المتهم في أن يدافع عن نفسه بنفسه أو من خلال محام يترافع عنه: والجلسة الأخيرة تضع الجواب أمام التساؤل عن توافر هذه الضمانة، فقد منع الشيخ علي سلمان من الدفاع عن نفسه، كما منعت هيئة الدفاع عن الدفاع، هذا فضلاً عن التفتيش الذي أخضع له المحامون، خلافاً لإجراءات سير المحاكم، وحملات التشهير والتعدي في الصحافة المحسوبة على الدولة، وإساءاتها المتعمدة لهيئة الدفاع بغية ثنيها عن القيام بدورها.
5 – الحق في استدعاء الشهود ومناقشتهم : وفي هذه الجزئية، فقد رفضت المحكمة استدعاء وزير الداخلية ورئيس الأمن العام ابتداء، أما جلسة استجواب شاهد الإثبات، فإن محضر الجلسة سيظهر مدى توافر الحق بمناقشة الشاهد، مع رفض توجيه الغالبية العظمى من أسئلة هيئة الدفاع، ورفض مواجهة الشاهد بالخطب وما تضمنته حقيقة خلاف ما اجتزأ واقتطع.
بعد كل ذلك، هل يرى المنصفون توافر ضمانات المحاكمة العادلة.