تدافعون عن ماذا؟: جدعون ليفي
عن ماذا تدافعون؟ ومن اجل ماذا تحاربون؟ ما الذي تصمدون وراءه الآن، السياسيون القوميون والإعلام الذي يحرض ضد العالم؟ لماذا تغطون الأعلام القاتمة أو أعلام «اورانج» باللون الابيض والازرق للقومية؟ هل يسأل أحد لماذا بدأت المقاطعة بضعضعة إسرائيل، وهل هناك شيء يستحق كل ذلك؟.
كالعادة، هناك اسئلة لا تُسأل أصلا، لأن مراجعة النفس هي مؤشر على الضعف. لهذا تجد التفسير الذي يعفي من المسؤولية: المقاطعة سقطت علينا من السماء، قوة عليا من الكراهية لإسرائيل. الطريقة الوحيدة لمحاربة ذلك هي الرد بالحرب. اجابات صهيونية مناسبة (احيانا عنيفة) موجودة دائما وبوفرة، لكن الاهتمام دائما يكون بالنتائج وليس بالاسباب. هكذا حدث مع الإرهاب، وهكذا حدث مع موقف العالم حيث سارع هرتسوغ إلى اطلاق اسم «إرهاب من نوع جديد» (عندما تطرق لاقوال مدير عام «أورانج»). محظور أن نتنازل للعالم. هذا جيد جدا. لكن ما هو الشيء الذي يحظر التنازل عنه؟ نحارب المقاطعة. لكن لماذا وبسبب ماذا حدثت؟.
إسرائيل تدافع الآن من اجل الحفاظ على الوضع القائم. إنها تحارب كل العالم من اجل الدفاع عن مدرسة الشراسة التي تخرج منها أجيال من الشباب للتصرف بشكل حيواني: قتل النساء والاطفال والرضع، النباح عليهم، الدوس عليهم واهانتهم. فقط لأنهم فلسطينيون.
إنها تدافع عن استمرار سياسة الفصل العنصري في المناطق المحتلة، حيث يعيش شعبان أحدهما فاقد لجميع الحقوق. وتدافع عن مبرراتها لذلك ـ الدمج بين قصص التوراة والمسيحانية والتضحية، إلى جانب الأكاذيب. وتدافع عن «القدس الموحدة» التي ليست سوى وحش جغرافي، يتم الفصل فيه ايضا. وتدافع عن حقها في تدمير غزة كلما رأت ضرورة لذلك، والابقاء عليها مثل غيتو، وأن تكون سجان السجن الأكبر في العالم.
يدافع الإسرائيليون عن حقهم في مواصلة الاستيطان، مصادرة الاراضي وقطع الاشجار، الاستمرار في خرق القانون الدولي الذي يمنع الاستيطان، الاستمرار في ادارة الظهر للعالم الذي لا يعترف بأي مستوطنة. ويدافعون الآن عن حقهم في اطلاق النار على الاطفال الذين يرشقون الحجارة وعلى الصيادين الذين يبحثون عن لقمة العيش في بحر غزة. وعن حقهم في خطف الناس من أسرّتهم في الليل في الضفة الغربية. وعن حقهم في اعتقال المئات بدون محاكمة والابقاء على الأسرى السياسيين وتعذيبهم.
عن هذا هم يدافعون، ومن اجل هذا يحاربون ـ عن بلاد لم يزوروها منذ سنوات ولا يهمهم ما يحدث فيها. هذه هي الجرائم وهذا هو العقاب. هل اعتقد أحد أن إسرائيل ستستمر في كل ذلك دون أن تُحاسب؟ أن لا تكون معزولة؟ واضعة اليد على القلب. وكما يقولون: ألا تستحق إسرائيل العقاب؟ ألم يتعامل معها العالم بشيء من التسامح؟
أورانج أو صودا ستريم، المقاطعة الاكاديمية أو مقاطعة الفنانين ـ هذه عقوبات سهلة، والعقوبات ستزداد صعوبة كلما امتنعت إسرائيل عن استخلاص الدروس المطلوبة. الامر ليس عبارة عن لاسامية كما تحاول إسرائيل تصويره، وانما الاحتلال. الاحتلال هو مصدر اللاشرعية.
من حق الشعب محاربة العالم. من حقه الدفاع عن حقوقه (التي ليست حقوقا) والاعتقاد أنه يدافع عن وجوده. لكن هل يعرف الإسرائيليون عن ماذا يدافعون الآن؟ وعن ماذا لا يريدون التنازل؟ هل هذا جدير ويستحق في رأيهم؟ هذا النقاش غير موجود أصلا هنا.
هآرتس