مقالات مختارة

أضاليل طائفية في الهجوم على مشروع ردم الحوض الرابع المهندس إيلي فرحات

 

وكأنه لا يكفي المسيحيين الأزمات الكبرى التي يتخبّطون فيها على المستوى السياسي من خلال ربط الإستحقاق الرئاسي بكل الصراعات الدائرة في المنطقة، وبالمصالح والتسويات الإقليمية، حتى أتى من يزرع الشكوك والإنقاسامات في صفوفهم، ويستهدفهم في لقمة العيش وفي مصالحهم الإقتصادية، وذلك طمعاً ب”حفنة من الفضة” لمقايضة ملف إنمائي ضخم بمصالح آنية خاصة من خلال ذرّ الرماد في عيون الرأي العام. وعلى هذه الخلفية، تحاول بعض الأبواق إطلاق تلفيقات تحريضية وتضليلية لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة، كونها لا تستند إلى أي حقائق حسّية، إنما هي تنطلق من غايات وأطماع مادية بحتة لطالما تعوّد عليها المسؤولون، كما اللبنانيون، عند أي استحقاق إقتصادي أو مالي يحظى بمتابعة متخصّصة داخلياً وخارجياً. فما هي القصة الحقيقية لمشروع ردم الحوض الرابع الذي تحوّل إلى عنوان بارز في الإعلام خلال الأشهر الماضية.

ألبس مشروع ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت طابعاً طائفياً مئة بالمئة، بعدما حاولت جهات متضرّرة منه إطلاق الإتهامات بحقه، مصوّرة أنه يستهدف بشكل خاص الدور المسيحي في المرفأ، وفي لبنان عموماً، حتى وصل بعضها إلى الحديث عن إساءة للكيان برمّته، وهي اتهامات أقلّ ما يقال فيها أنها تهدف إلى ضرب مشروع إنمائي يستفيد منه ما يزيد على ال70% من المسيحيين، وبالتالي، فإن الإساءة الفعلية هي بحق هؤلاء المستفيدين الذين سبق وأن أبلغوا وجهة نظرهم إلى المرجعيات الأساسية في الطائفة لتوضيح ونقل الصورة الحقيقية لما يجري في الحوض الرابع.

وإزاء هذا الواقع، تساءلت أوساط مسيحية بارزة ومواكبة لهذا الملف، عن سبب هذه الهجمة التي تُخاض تحت عنوان مسيحي وتخفي في طياتها أهدافاً مشبوهة تصوّب على الدور المسيحي في المرفأ، من خلال سيناريو تضليلي مدروس يسعى لحصر المواجهة داخل الشارع المسيحي، وذلك لسحب أي حظوظ قد يستفيد منها المسيحيون في المستقبل جراء هذا المشروع. ونبّهت هذه الأوساط من خطورة الإنزلاق في هذا المخطّط التضليلي، خاصة وأن أكثر من مسؤول روحي وسياسي مسيحي كان يعارض إتمام عملية الردم، عاد وتراجع عن معارضته بعدما اطّلع وفوجئ بالتفاصيل والأرقام المحدّدة لهذا المشروع التي تؤكد أنه يصبّ في مصلحة الإقتصاد الوطني عموماً، ومصلحة المسيحيين خصوصاً، سواء في المرفأ أو في العاصمة بيروت.

وذكّرت الأوساط نفسها، بما سبق وحقّقته عملية الردم السابقة للحوض الخامس، الذي أمّن مئات فرص العمل، وساهم في إحراز العديد من الإنجازات لكافة الجهات العاملة في المرفأ. مشيرة إلى أن هذه العملية رفعت قدرة المرفأ من استقبال 200 ألف حاوية نمطية، إلى مليون و240 ألف حاوية سنوياً، مما جعل من المرفأ مركز مسافنة ومنافسة لكبريات الشركات العالمية، خاصة بعدما رفع مداخيل الدولة من 7 مليارات ليرة سنوياً إلى 120 مليار ليرة، محقّقاً تمويلاً ذاتياً بالصيانة والتطوير وفق الحاجة.

تطوير مرفأ بيروت والإستثمار فيه يؤدي لاستيعاب البواخر المتطوّرة التي تُقدّر حمولتها من 30 إلى 50 طناً بكلفة قليلة ووقت محدود هو الأساس في المشروع، كونه سيحقّق الفائدة للتاجر والمستأجر، ويؤمّن محطة مرفأية جديدة متعدّدة الإستعمالات، تجمع حركة البضائع العامة وحركة المستوعبات معاً. سيؤدي مشروع الردم إلى استحداث رصيف متطوّر بطول 500 متر وبعمق 15،5 متراً، ليحلّ مكان الرصيفين اللذين يبلغ عمقهما 11 متراً فقط، بالإضافة إلى تأمين باحة إضافية خلفية للتخزين تصل مساحتها إلى نحو 130 ألف متراً مربعاً، مما سيمكّن السفن التي تدخل إلى مرفأ بيروت من العمل ليلاً ونهاراً في تفريغ وتحميل حمولتها، وبالتالي، مما سيؤمّن إستيعاب حركة البضائع التي سترتفع في السنوات المقبلة. وخلافاً لكل ما تردّد من شائعات بالنسبة لعمل الشاحنات في المرفأ، فمن المنتظر أن يؤدي إستحداث محطة جديدة إلى رفع ساعات العمل إلى 24 ساعة، مع الإبقاء على عمل الشاحنات على مدار 9 ساعات يومياً، وهو ما سيساهم حكماً في توفير العديد من فرص العمل في المرفأ.

إن تطوير المرفأ في الظروف الراهنة يُعتبر من الأولويات لتمكين لبنان من مواكبة عمليات تطوير المرافئ الجارية في المنطقة، خاصة بعدما تم اكتشاف كميات هائلة من الغاز، وخصوصاً في إسرائيل وقبرص وتركيا، حيث انطلقت الإستعدادات لجعل كافة مرافئها قادرة على استقبال البواخر الضخمة والحديثة التي تفوق حمولتها ال50 ألف طناً من الشحن العام والمختلف.

إن تغليب المصلحة المسيحية العامة على بعض المصالح الخاصة لقوى وتيارات باتت معروفة، لا سيما وأنها تعمل على تحريض المراجع المسيحية على رفض هذا المشروع الضخم تحت ستار واهن وغير واقعي هو استهداف الدور المسيحي في المرفأ، مع العلم أن كافة القوى المسيحية، وبشكل خاص الوفد المنتدب من بكركي الذي اطّلع ميدانياً على المشروع، قد أبدت ارتياحها لمنفعته العامة لكل الطوائف من دون استثناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى