تركيا: ماذا لو فاز حزب أردوغان فوزاً ساحقاً؟ حميدي العبدالله
أظهرت استطلاعات الرأي تراجع مؤيدي حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان أكثر من 10 في المئة، كما أظهرت استطلاعات الرأي حصول حزب «الشعوب الديمقراطي» على نسبة 10 في المئة وقد تصل إلى 12 في المئة وهو الأمر الذي يشكل تهديداً جدياً لبقاء حزب العدالة والتنمية في السلطة.
وفي ضوء استطلاعات الرأي لم يعمد أردوغان إلى خرق الدستور والقيام بحملات انتخابية لصالح حزبه، إذ يحرّم الدستور على رئيس الجمهورية الانحياز ويلزمه بالحياد في الحملات الانتخابية وحسب، بل شنّ حملة قمع متعدّدة الأشكال ضدّ خصومه، منفذاً 126 اعتداء ضدّ مكاتب حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردي، كما سجل اعتداء علني واضح على مرشحي حزب الشعب الجمهوري وهدّد الصحافيين علناً، بما في ذلك محرّرين في صحيفة «جمهوريات». ويخشى المعارضون، قياساً بتجارب انتخابية سابقة، أن يلجأ إلى التزوير في الصناديق أسوة بما حدث في الماضي عند انقطاع الكهرباء في بعض المراكز الانتخابية لحظة فرز الأصوات.
إذا ما فاز حزب أردوغان في هذه الانتخابات عن هذا الطريق، طريق التزوير وإرهاب المنافسين فإنّ ذلك سوف يعني الآتي:
أولاً، بالنسبة إلى الأكراد، تبدّد الرهان، وانتفاء القناعة بالقدرة على نيل حقوقهم سلمياً، فمن لم يتح لهم المشاركة في إطار الجمهورية وفي إطار الدولة التركية الموحّدة أن يمارسوا حقوقهم لن يعطيهم أي حقوق، لا سيما أنّ ما يطالب به الأكراد أعلى من حرية التصويت في الانتخابات، وهذا من شأنه أن يخلّ بتوازن القوى داخل حزب الـ pkk بين عبدالله أوجلان الذي يعطي للمسار السياسي الأفضلية على أمل أن يفضي ذلك إلى إخراجه من السجن، وبين صقور pkk الذين يراهنون على انتزاع الحقوق عبر الكفاح المسلح. وفي حال عاد حزب pkk إلى اعتماد خيار الكفاح المسلح، فإنّ واقع المنطقة الجديد وانتشار الفوضى والسلاح، يمكنه هذه المرة من تحقيق تقدّم أوسع بكثير مما حققه في الماضي، وستواجه تركيا ظروفاً قاسية، وتصبح قاب قوسين أو أدنى من الحرب الأهلية.
ثانياً، فوز حزب العدالة والتنمية عن طريق الترهيب والتلاعب بصناديق الاقتراع، وخرق الدستور، وانتشار الفساد من دون مساءلة، واعتماد سياسات مذهبية، والنزعة القومية المتعصبة، كلّ ذلك سيسعّر الصراعات والتناقضات داخل تركيا، التي سوف تتقاطع مع عودة pkk إلى المواجهة المسلحة لتقويض استقرار تركيا، وزجّها في فوضى أشدّ فتكاً مما شهدته في عقود سابقة.
بهذا المعنى، فإنّ فوز حزب العدالة والتنمية، قد يحمل معه تتويج أردوغان سلطاناً جديداً على تركيا، ولكنه سيحمل الكارثة للشعب التركي بكلّ فئاته.
(البناء)