رياح الخميني تغير العالم
غالب قنديل
تحل ذكرى وفاة زعيم الثورة الإيرانية الإمام آية الله الخميني في ظروف غير عادية تحمل بصماته وروحه الحاضرة في التحولات الكبرى التي يشهدها الشرق والعالم وقد باتت أفكاره التحررية والاستقلالية مصدر قوة كبرى مجسدة على الخارطة الدولية تنتزع الاعتراف من ألد أعدائها : الإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية فقد تحولت جمهوريته الإسلامية إلى قلعة عالمية مهابة ومستقلة ومتمردة على كل انواع الهيمنة الاستعمارية بفكرة الاعتماد على الشعب وبعقيدة دولة المستضعفين التي اشتقها بعبقريته من فجر الإسلام وثورته التاريخية ووهبها محتوى حضاريا معاصرا بمؤسسات دستورية وبآلية ثورية تعددية لتداول السلطة والقيادة عبر الاحتكام الديمقراطي المستمر لإرادة الشعب ومنذ غياب الإمام المؤسس يجيد رسم خطوطها وتجديد محتواها خليفته وشريك مشروعه الثوري المتميز بعقله الاستراتيجي وبفكره التحرري المرشد الإمام السيد علي الخامنئي .
هوية الثورة الخمينية التحررية ضد الاستعمار والصهيونية راسخة الجذور ومستمرة الحضور منذ ستة وثلاثين عاما ويتأصل عبرها منطق تحويل التهديدات إلى فرص بالاعتماد على الذات وببناء القوة الوطنية المتقدمة اقتصاديا وعسكريا من خلال امتلاك التكنولوجيا وعبر أجيال من الشباب المتعلم والمؤهل في جميع المجالات وبتوظيف متقن للموارد الوطنية الهائلة وفقا لأولويات النمو والتقدم الاجتماعي والاستقلال السياسي.
لا بد من القول ان مرشد الجمهورية السيد الخامنئي يستطيع اليوم وبعدما حققته الجمهورية من تطور وتقدم وما فرضته من تحولات في العالم ان يعلن لقائد الثورة المؤسس بدء تحقيق الحلم الثوري الكبير بإيران قوية ومستقلة ومنيعة تخوض معركة التحرر من الاستعمار والصهيونية في المنطقة بأولوية الكفاح ضد الغدة السرطانية وفي العالم بروح اممية المستضعفين في سبيل تحرير الإنسانية من منظومة الهيمنة والاستغلال وبتحالفات كبرى على مدى الكرة الأرضية في الشراكة مع سائر أحرار العالم .
الشراكة التاريخية التي أرساها الإمام الخميني مع سوريا في النضال ضد الصهيونية تجسدت باحتضان المقاومة اللبنانية والفلسطينية وقد كانت تجربة حزب الله التي آمن بها وبقدرتها على تغيير المعادلات في بداية صعودها عندما رحل هذا الزعيم الثوري الكبير وكانت رعايتها وتطويرها في صلب وصيته لرفاق الدرب وها هي اليوم وبعد انتصارها الساحق على الكيان الصهيوني تثبت بقيادة السيد حسن نصرالله كونها قوة الحماية والدفاع عن لبنان وهي باتت قوة إقليمية فاعلة في المنطقة كلها وتسهم في الدفاع عنها ضد وحش التكفير الإرهابي الأداة الاستعمارية التي أنشأتها الشراكة الإمبريالية الصهيونية الرجعية لتعويض سقوط هيبة الكيان الصهيوني ولحماية الغدة السرطانية من خطر الانهيار .
للجمهورية الإسلامية وللجمهورية العربية السورية ولحزب الله وللمقاومة الفلسطينية يعود فضل إبقاء قضية فلسطين حية ومنع الهيمنة الصهيونية على المنطقة بعد اتفاقيات كمب ديفيد التي تزامنت مع مخاض الثورة الإيرانية بقيادة الخميني ويعود الفضل لطهران الخميني في الدفاع عن مفهوم الإسلام النقي والمناضل وفي الكفاح لمنع الفتنة المذهبية وفي وجه بدع التكفير الوهابية التي انطلقت من أفغانستان أداة بيد السياسات الأميركية الاستعمارية لبث النزاع المذهبي ولتمزيق شعوب المنطقة والعالم الإسلامي برمته .
روح الإمام الخميني تحضر اليوم في جميع ساحات الكفاح دفاعا عن مفاهيم إسلامية تقوم على الإخاء بين جميع الديانات وتبشر بالشراكة النضالية بين جميع المستضعفين في الأرض لمجابهة الاستكبار والصهيونية وهو ما واظب القادة الإيرانيون على تأكيده دوما وشكل نواة استراتيجية السياسة الإيرانية في المنطقة والعالم .
رياح الخميني التي أسقطت إمبراطورية الشاه العميل حليف إسرائيل الأول وزعيم منظومة الهيمنة الاستعمارية في المنطقة وقائد حلف الحكومات العميلة للغرب ما تزال حية تعصف بالكيان الصهيوني وسنده الاستعماري الرجعي وهي تغير وجه العالم بقوة عظمى جديدة تنبثق باستقلالها وباحتضانها لكل قوة حرة مستقلة تناهض الاستعمار وتقاتل ضد الصهيونية وتأبى الرضوخ وهي شريك طبيعي حضاري لكل عربي حر مناضل ولاسيما لسوريا العربية الصامدة التي شاركت إيران منذ انتصار الثورة في ملاحم الكفاح التحرري وتصدت بكل إباء لسعار العداء الشوفيني والمذهبي الذي أطلقه أيتام الشاه في الفضاء العربي منذ اندلاع ثورة المستضعفين بقيادة الإمام الخميني الذي كان زعيم آخر ثورة كبرى في القرن العشرين وهو مؤسس اول قوة كبرى جديدة يعترف بها العالم في القرن الواحد والعشرين بعد غياب رمزها الكبير بربع قرن واكثر.