الفصل الراهن من الحرب على سوريا
غالب قنديل
بات من نافل القول أن صمود سوريا بدولتها الوطنية وشعبها وجيشها وبقيادة الرئيس بشار الأسد يمثل حالة تاريخية نادرة وملحمية بالنظر لحجم ما يستهدفها من تآمر وما صنع من اكاذيب وخرافات طيلة السنوات الماضية لتزوير الحقائق بشأن ما يرتكب من مجازر وجرائم على يد عشرات الآلاف من قطاع الطرق والقتلة المرتزقة والتكفيريين متعددي الجنسيات ولما يلقى من مقدرات وإمكانات في سياق الحرب العدوانية الكونية ضد سوريا بقيادة الولايات المتحدة وحلف الناتو والكيان الصهيوني والثلاثي التركي السعودي القطري مع الملحقات التابعة في الأردن والخليج ولبنان .
التحولات الأخيرة في الميدان السوري ارتبطت بإعادة تفعيل حلف العدوان بقيادة الولايات المتحدة ومن خلال مجموعة من الخطوات السياسية والميدانية بعدما تكفل الصمود السوري بإفشال الحلقات السابقة وأدت تلك التحولات إلى طفرة جدية في اندفاعة حلف العدوان لكنها قاصرة عن إحداث تعديل جدي في موازين القوى الإجمالية خصوصا في حال استجابت الخطط السورية المقبلة للتحديات الجديدة وتمكنت من محاصرة قوى العدوان وإحباط ما قامت به من اختراقات ميدانية جدية.
لقد حققت قيادة حلف العدوان على سوريا الخطوات التالية :
1- قامت الولايات المتحدة بإعادة توحيد حلف العدوان عبر المصالحات السعودية القطرية التركية وجرت بذلك عملية تنظيم جديدة لغرف العمليات في اسطنبول وعمان وجرى تركيز معسكرات التدريب وشبكات نقل السلاح والأموال والعناصر الإرهابية المدربة التي ادخلت عبر الحدود السورية مع تركيا والأردن وشارك منها الآلاف في الغزوات الأخيرة شمالا وجنوبا .
2- تم تفعيل الدور الصهيوني المباشر الذي توسع نطاقه وانتقل إلى العلانية في دعم واحتضان الجماعات التكفيرية الإرهابية على جبهة الجنوب .
3- توحيد الفصائل القاعدية والأخوانية بقيادة جبهة النصرة (جيش الفتح ) واحتواء المنافسات والصراعات الناشئة عن حروب النفوذ التي باتت محصورة أساسا بين داعش وجبهة النصرة وحيث يقوم الجانب التركي بتنسيق غير مباشر لتوزيع المهام بين جناحي القاعدة بحيث تتوزع مناطق السيطرة بين الجانبين ويتركز الجهد الفعلي على مقاتلة الجيش العربي السوري.
4- فتح المجال امام داعش لتنفيذ تمدد جديد في العراق وسوريا عبر تقليص الضربات الجوية الأميركية المحصورة وظيفتها أساسا في ضبط داعش ومنع خروجها عن السيطرة وحيث تتولى تركيا أردوغان القيادة الفعلية وهي تدير التنسيق الخفي بين داعش والنصرة.
5- احتفاظ الولايات المتحدة بخطاب الحل السياسي لمنع تجذر المواجهة وللحد من الخطوات العملية الرادعة التي قد يتخذها حلفاء سوريا في المنطقة والعالم ولإفساح المجال امام محاولة تعديل التوازن على الأرض واختبار فرص توظيفه سياسيا في وقت لاحق .
6- تزامن الهجوم مع توقيت دخول التفاوض مع إيران حول الملف النووي فصلا حاسما بينما تتظاهر الإدارة الأميركية بالتجاوب مع الإلحاح الروسي على تطبيق الاتفاق بشأن اوكرانيا ومراهنة واشنطن الرئيسية هي على خفض حرارة التلاحم في المحور الروسي الإيراني السوري بأضلاعه الثلاثة تكتيا على الأقل ولو في حدود تاخير تطور هذا المحور وانتقاله إلى مبادرات جديدة بهدف كسب الوقت لمصلحة عصابات الإرهاب في سوريا.
لدى سوريا القدرة والإرادة لمواجهة هذه التحديات ولعكس اتجاه الأحداث من خلال خطة شاملة لاستثمار الموارد ولإعادة تنظيم القوى في خطة وطنية شاملة لحرب شعبية طويلة الأمد تتضمن استراتيجيات جديدة اقتصاديا وسياسيا وإداريا وعسكريا وإعلاميا وبحيث تغلق مرحلة وتفتح مرحلة عنوانها الكفاح لتحرير الوطن وتوحيده ولبناء الدولة الوطنية الجديدة التي تناسب تطلعات الشعب العربي السوري ويفترض بحلفاء سوريا وشركائها التنبه للمكائد الأميركية والغربية والعمل الفوري لتطوير مستوى الجهد الذي يقدمونه على الخط الأول للدفاع عن العالم في وجه الهيمنة الأميركية الصهيونية وفي التصدي لوحش الإرهاب التكفيري الذي اوجدته شراكة خبيثة اميركية سعودية تركية صهيونية بهدف استعماله لتدمير المنطقة انطلاقا من استهداف سوريا الدولة الوطنية العلمانية المستقلة والمقاومة التي قادت جميع فصول التصدي لمشاريع الهيمنة الاستعمارية في المنطقة .