الأعداء والأصدقاء ثريا عاصي
أظن آن الوقت لوضع الأمور في نصابها ولتسمية الأشياء بأسمائها. نحن حيال ثورة كاذبة في سوريا تقاتل بسيف وهمجية «داعش» وجماعات القاعدة من النصرة وجيش الفتح والإسلام!! وبواسطة أموال آل سعود وسلاحهم وبدعم من العثمانيين الجدد.
هذه ثورة عاهرة يهلل الناطقون باسمها وأنصارُها، عندما يستولي «داعش» أو «النصرة» على مدينتي إدلب وجسر الشغور وبصرى الشام.. ويبشرون بأن سقوط الدولة في سوريا صار وشيكاً. يحنقون على حزب الله لأنه شارك الجيش العربي السوري في «الهمروجة» التي أسفرت عن طرد «داعش» و«جبهة النصرة» من القلمون، فيتشفون بتعداد شهداء المقاومة في هذه الموقعة الأخيرة، متناسين أن أرقامهم غلط وأن مصداقيتهم معدومة، لأن العد بدأ في ثمانينات القرن الماضي في إبـّان احتلال المستعمرين الإسرائيليين للبنان.
في حينه كان مقاتلو حزب الله يحررون وكانوا هم يعلقون الآمال على إتفاقية 17 أيار 1983، التي أبطلت مفاعيلها الجماهير اللبنانية قبل أن تنتقل إليها عدوى القبلية المذهبية. كأن روائح الفضائح الخبيثة من مخيم اللاجئيين الفلسطينيين في نهر البارد إلى مخيم اللاجئيين الفلسطينيين في عين الحلوة، مروراً بعرسال وسجن رومية والمحكمة الدولية والفصل السابع ومليارات آل سعود، لا تكفي جميعها. ليس في وجههم رائحة دم!
يأخذ «ثوار» سوريا وأنصارهم السعوديون في لبنان (على وزن «الناصريون»، يا ليت الزمان يعود!) حصتهم من غنائم «داعش». في الواقع يمكننا أن ننعت سلوك «السعوديين» في لبنان بالإزدواجية، فهم يظهرون النكران لـ»داعش» وفي الوقت نفسه يقدمون العون له ولجبهة «النصرة» ويعوّقون الجهود التي تبذلها قوات الأمن بموازاة فصائل المقاومة اللبنانية لمنع تمدد «داعش» وجماعات القاعدة في بعض المناطق. من الملاحظ في هذا السياق أن هذه الإزدواجية تميّز سلوك الحكومات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، فضلا عن سلوك الدول التابعة لها كمثل تركيا ومجلس التعاون الخليجي. لا جدال في أن هذه الدول تناصب الدولة السورية العداء وترغب بإلغائها من الوجود هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية فمن المعروف أن هذه الدول العدوة إستصدرت كالعادة من مجلس الأمن الدولي قراراً يتيح لها باسم محاربة الإرهاب، إحتلال سماء سوريا والعراق ومراقبة ما يجري على الأرض والتدخل في سير المعارك حتى يبقى كل طرف ضمن الحدود المرسومة له، إلى أن يموت كل سوري أو يلوذ بالفرار وإلى أن يصير الدمار شاملاً!
بالمقابل توجد قوى تعترض خطط هذه الدول العدوة. قوى تؤازر الدولة السورية والجيش العربي السوري وتشكيلات المقاومة الشعبية السورية. لا حرج في القول أن هذه القوى هي صديقة للدولة السورية، ليس لأن هذه الأخيرة وأصدقاءها يتقاسمون سياسة مجتمعية واحدة أو عقيدة مشتركة، ولكن لأن وجود هذه القوى كمثل وجود الدولة السورية متناقض ومتعارض على المدى القريب، مع دولة المستعمرين الإسرائيليين ومع بسط وديمومة الهيمنة الأميركية الإستعمارية الجديدة في المنطقة بوسائط متخلفة من نوع جماعات القاعدة و«داعش»!
من البديهي أن التصدي لمقاومة الأعداء سوف يكون مؤلماً وطويلاً، قبل أن يقتنع الأخيرون بأن حروبهم عبثية وأنهم لن يتنصروا فيها لأن المقاومة لن تستسلم، ولأن القضاء عليها ينطوي على خطورة كبيرة قد تطال الأعداء أنفسهم. فلقد سقطت الأقنعة. صارت صداقة الأعداء مرفوضة وصار تمييز الصديق من العدو سهلاً وضرورياً وملحاً وإجبارياً!
(الديار)