هستيريا 14 آذارية ضد «العسكرية»: محاولة تعويض خسارة القلمون آمال خليل
لم يبق مرجع أو عابر سبيل من فريق 14 آذار، إلا و»بلّ» يده بالحكم على ميشال سماحة، في محاولة لإشاحة النظر عن خيبتهم مما يحصل في القلمون وغيرها. فيما يتقدّم وكيل الدفاع عن سماحة اليوم بتمييز للحكم، مطالباً بـ «تخفيض العقوبة (4 سنوات ونصف مع احتساب مدة التوقيف منذ 9 آب 2012) وإعادة النظر بقرار تجريده من حقوقه المدنية وإعلان براءته»
أخرج حكم المحكمة العسكرية على الوزير السابق ميشال سماحة فريق 14 آذار عن طوره. غضب الآذاريين من تقدّم قوات المقاومة والجيش السوري في منطقة القلمون وجرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان، تفجّر تحت عنوان الاحتجاج على المحكمة العسكرية، والمطالبة بإلغائها وبمعاقبة القضاة الذين أصدروا الحكم. بدا واضحاً امس أن تيار المستقبل وحلفاءه يستشعرون القلق من نتيجة معارك القلمون، بعدما فشل رهانهم على قدرة مسلحي تنظيمي «القاعدة» و»داعش» على استنزاف حزب الله في الجرود. فالتيار الأزرق بات يخشى من انعكاس تقدّم الحزب في القلمون، على موازين القوى الداخلية. وبناءً على ذلك، يريد «المستقبل» استغلال الحكم على سماحة للتغطية على ما جرى في القلمون من ناحية، ولخوض معركة سياسية يرى انها ستعوّضه بعض ما خسره في الجرود. كذلك يريد التيار استغلال القضية لاستباق موقف النائب ميشال عون اليوم من استمرار تكتل التغيير والإصلاح بالمشاركة في الحكومة ربطاً بالتعيينات الأمنية، وخطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً الذي يُنتظر منه وضع «الإطار السياسي» لمعارك القلمون والسلسلة الشرقية. وبدا لافتاً في هذا الإطار تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي قال فيه إن «كل شيء بات مباحاً، وليسمع من يريد أن يسمع».
قضائياً، تسلّمت محكمة التمييز العسكرية مساء أمس الطعن بالحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة في حق سماحة المقدّم من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، بناء على طلب مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود الذي تلقّى بدوره إشارة وزير العدل أشرف ريفي في هذا الشأن.
في انتظار حكم التمييز، لا يزال ريفي تحت وقع الهستيريا. بعد ردة فعله الأولية بعيد تلقيه نبأ الحكم، أعلن أمس أن «قضيتنا الوطنية المقبلة هي المحكمة العسكرية». من أمام ضريحي رفيق الحريري ووسام الحسن في وسط بيروت، أنذر بأن «إجراءاتنا كوزارة عدل بدأت وطلبنا التمييز بالحكم وأحلنا القاضية التي تقاعست عن واجباتها القضائية إلى التفتيش القضائي». لكن تأثير الصدمة، أفقده التركيز حتى على صلاحياته. الهاشم أوضح أن ريفي «ليس ذا صفة أو سلطة على المحكمة العسكرية أو على أي قاضٍ». سيد «العدلية» شهّر بالمستشارة المدنية في هيئة المحكمة القاضية ليلى رعيدي الذي يخالف الأصول. «عندما يحلف القضاة اليمين، يقسمون على إبقاء المذاكرة سرية بين القضاة وعدم تسريبها حتى إلى التفتيش القضائي أو مجلس القضاء الأعلى، فمن سرّب موقف رعيدي من ملف سماحة سواء اعترضت عليه أم لم تعترض؟» تساءل الهاشم. مجلس القضاء ساند رعيدي. في بيان له ذكّر بأن «النظام القضائي في لبنان يلحظ طرقاً للمراجعة ضد أي قرار يشكى منه وفق آلية محكومة بجملة شروط أهمها السرية. فلا يجوز خرقها عبر الإعلان عن إحالة قاض بالذات على التفتيش القضائي أيا كانت الأسباب أو الظروف».
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اعتبر أنه «حان الوقت للتخلص من المحاكم الإستثنائية وفي طليعتها العسكرية والعودة الى المحاكم المدنية». أما النائب وليد جنبلاط فاعتبر أن الحكم «يشرّع الإغتيال والتفجير». الأمانة العامة لقوى 14 آذار أدانت ووقفت عند ضريح وسام الحسن في بيروت على غرار وفد من التيار. لكن الإدانة الأبرز وردت من الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي. نسي الرجلان مساعيهما لدفع كفالات عدد من الموقوفين الإسلاميين، منهم شادي المولوي، وأبديا خشيتهما على مبدأ المساواة بين اللبنانيين بالقانون.
ومساء، نفذ قطاع الشباب والحقوقيين في «المستقبل» اعتصاماً احتجاجياً أمام مقر المحكمة في المتحف.
في المقابل، توالت المواقف المتضامنة مع المحكمة ورئيسها العميد خليل إبراهيم الذي طالب ريفي بمحاكمته. في تغريدة على «تويتر»، رشح النائب سليمان فرنجية العميد إبراهيم، لمنصب وزاري لأنه «أحق من الذين افرجوا عن عملاء اسرائيل وأصبحوا وزراء».
كتلة الوفاء للمقاومة ضمنت بيانها الأسبوعي تلميحاً إلى السجال حول حكم سماحة. اعتبرت أن إصرار البعض على اعتماد سياسة ازدواجية المعايير إزاء عمل القضاء المختص وممارسة التهويل والإبتزاز ضده، وعدم التمييز بين شرعة القانون وميوله السياسية المتقلبة، لن يمكنه من ترهيب القضاة ولا من وضع يده على القضاء ولا مصادرة أقواسه ولا إملاء ميوله عليه».
عدل في الرعية
في وقت سابق، كانت السهام نحو المحكمة العسكرية تصوب من ناحية فريق 8 آذار. منها في عام 2010، عندما أخلت سبيل الشيخ عمر فستق بكفالة مالية بعد حكم سابق ضده بالسجن المؤبد. ثم بعد عامين، بإخلاء سبيل العميل فايز كرم بعد حكم مخفف عليه بالسجن لعامين. بعد أقل من شهر، في 22 أيار، حاولت أن تعدّل الميزان. فأخلت سبيل شادي المولوي الذي وصل إلى طرابلس بطلاً بسيارة الصفدي. قبل أقل من شهر، حكمت على فستق بالمواد ذاتها التي أدانت بها ميشال سماحة، 3 سنوات. وحكمت على أحد أبرز قياديي «القاعدة» ومحاور طرابلس وقاتل الجيش في نهر البارد، حسام الصباغ بالسجن عامين. وعادلت سجل جمال الدفتردار الإرهابي بالسجن لسبعة أعوام. واكتفت بمدة توقيف «القاعدي» الطرابلسي الشيخ محمد بسام حمود. قبيل النطق بحكم سماحة، أعلن رئيس المحكمة العميد خليل إبراهيم بأن النيابة العامة العسكرية صرفت النظر عن الإستماع لشهادة عميد حمود المتهم بتمويل أحداث طرابلس وتحضير المقاتلين وتحريضهم. محكمة التمييز التي لجأ المتضررون من حكم سماحة إليها، أخلت في السنوات الأخيرة سبيل عدد من العملاء من شربل القزي إلى زياد الحمصي ويوسف الجراح.
(الأخبار)