حرب المقاومة السورية
غالب قنديل
نادرا ما واجه جيش في العالم حربا كونية كالتي يخوضها الجيش العربي السوري منذ أربع سنوات فهذا الجيش الوطني الباسل يقاتل على امتداد الأرض السورية وينشر وحداته في كل مكان لحماية شعبه والمرافق الحيوية وشبكات النقل العامة والطرق الاستراتيجية وسائر المدن والبلدات والقرى على امتداد مساحة سوريا.
اولا الحرب العدوانية الكونية التي يقاومها الجيش العربي السوري هي من طبيعة مركبة فهي من جهة حرب بالوكالة تخوضها عصابات المرتزقة والإرهابيين الموجودين على أراضي سوريا في خليط متعدد الجنسيات من الإرهابيين تدفع إلى صفوفه جحافل جديدة ومستمرة تحشد من سائر دول العالم ومن جهة اخرى هي غزو أجنبي متعدد الجنسيات تعبر عنه تدخلات سافرة وهجومية في الحرب تقودها إسرائيل وتركيا والسعودية والأردن وقطر ودول الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة ويمكن إيراد عشرات الشواهد عن مشاركة جيوش تركيا والأردن وإسرائيل بقوتها النارية وآلتها الاستخبارية في العمليات الحربية إضافة إلى تورط اجهزة ومنظمات ميليشيوية لبنانية في العدوان على سوريا منذ البداية.
التدخل الأميركي الفرنسي والبريطاني والأطلسي المباشر متواصل من خلال قيادة غرف العمليات وشبكات الاتصالات المتطورة التي تربط عصابات الإرهاب بواسطة الأقمار الصناعية وعبر تدخل الأجهزة الاستخبارية الأطلسية التي تقوم بتجنيد المرتزقة وتسهيل انتقال الإرهابيين إلى سوريا وبإقامة معسكرات التدريب في لبنان بداية ولاحقا وحتى اليوم في كل من تركيا والأردن والسعودية وقطر بل إن وقائع عديدة كشفت مرارا عن تواجد ضباط وعناصر مخابرات خليجيين وأتراك وأجانب وصهاينة في الميدان وما زالت ذاكرة الأحداث تحفظ صورة السفير الفرنسي السابق في لبنان عند الحدود السورية في البقاع لمتابعة انسحاب عملاء الاستخبارات الفرنسية بعد سقوط اوكار الإرهاب في حي باباعمرو بمدينة حمص .
ثانيا تحت القيادة الأميركية توظف المملكة السعودية ودولة قطر موارد مالية ضخمة في العدوان لشراء ملايين الأطنان من السلاح والعتاد والذخائر وشحنها إلى تركيا والأردن ولبنان في الجو والبحر وتجنيد شبكات نقلها إلى سوريا وكذلك في تشغيل الإمبراطوريات الإعلامية الدولية والخليجية التي تخوض الحرب ضد الشعب السوري وقواته المسلحة بحملة من الأكاذيب التي نسجت بها بيئة افتراضية تجري محاولة حثيثة لإحيائها مؤخرا عبر الشائعات والفبركة وما اكثر الأمثلة.
إذا كانت التوازنات هي حاصل مقارنة بين الموارد الاقتصادية والقدرات العسكرية والاستخبارية على جانبي أي حرب فإن الجيش العربي السوري والدولة الوطنية السورية الصامدين بقوة الاحتضان الشعبي دفاعا عن استقلال سوريا وكرامتها وحريتها يخوضان حرب مقاومة ضمن استراتيجية وطنية خلاقة لها خصائصها وميزاتها التي تناسب ظروف سوريا ولا مجال للمقارنة واقعيا بين قدرات سوريا وما يقدمه لها الحلفاء والأصدقاء الذين يشاركونها خيارها الاستقلالي التحرري وبين ما يوظفه حلف العدوان من الموارد والإمكانات في شتى المجالات ولذلك فإن استراتيجية حرب المقاومة هي طريق الانتصار السوري وهي تستند أساسا إلى معادلة الوعي الوطني والإرادة الوطنية التي تحدث عنها الرئيس بشار الأسد في عيد الشهداء.
لقد طور الجيش العربي السوري في أساليب القتال المتعددة التي تناسب الميدان وهو يخوض تبعا للظروف العيانية حروب العصابات والقتال النظامي وتكتيكات الكر والفر والحصار والتقدم الهجومي والصمود الدفاعي ودينامية تفكيك خطوط حركة العصابات الإرهابية وتدمير خلفيات إسنادها وتفكيك محاور اتصالها الجغرافي وهو في الوقت عينه يحافظ على توضع قدراته الرادعة الثقيلة برا وجوا وبحرا في وجه خطر الغزو الخارجي سواء من جهة تركيا ام إسرائيل ام حتى الولايات المتحدة وحلف الناتو .
ثالثا صمود سوريا في السنوات الأربع الماضية في وجه العدوان الاستعماري كان بفضل الوعي الوطني والقومي والإرادة الصلبة التي ميزت الرئيس بشار الأسد والقيادة السورية والشعب العربي السوري وقواته المسلحة ومع تبلور الطابع الاستقلالي التحرري لحرب المقاومة السورية ضد العدوان باتت الحاجة اكثر من ملحة لرفع مستوى التعبئة الشعبية السورية ولإطلاق المبادرات التي تعزز مقومات الصمود الوطني خلف الجيش العربي السوري ومن حوله وحشد مزيد من القدرات في مقاومة العدوان بالتوازي مع تحدي انتقال حلفاء سوريا إلى مرحلة جديدة ونوعية في ردع قوى العدوان من خلال:
1- خوض الصين وروسيا وإيران لمعركة دبلوماسية وسياسية هدفها محاصرة الولايات المتحدة وحلفائها وعملائها المتورطين في العدوان على سوريا وإرغامهم على وقف مد الإرهابيين بالسلاح والمال والمقاتلين ورفض أي بحث سياسي في الشان السوري مع هذا الحلف الصلف والفاجر بجميع اطرافه قبل تطبيق قرارات مجلس الأمن وتنفيذ تدابير تجفيف المنابع بصورة محكمة ولا بد من حملة سياسية إعلامية دولية حول هذا الموضوع .
2- اتخاذ التدابير الرادعة لحكومات الخليج والأردن التي تقودها السعودية ولكل من إسرائيل وتركيا التي تشترك اجهزتها الاستخبارية في العدوان الإجرامي وتوظف جميع قدراتها العملية في دعم فصائل الإرهاب.
3- مواصلة وتصعيد الدعم والإسناد العسكري والاقتصادي للدولة الوطنية السورية ومواكبة حرب المقاومة السورية بحركة سياسية وعسكرية داعمة على غرار ما تقوم به المقاومة اللبنانية في الميدان.