عن القلمون.. وهجوم الحريري على «حزب الله» نبيل هيثم
بلا إعلان ستبدأ، أو بدأت، معركة القلمون. أفق المعركة مفتوح حتى إخراج تلك المجموعات في السلسلة الشرقية، على ما قال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله.
هي معركة مطلوبة وملحّة سوريًّا، لعلها توفر مزيدا من الأمن للعاصمة دمشق، وانتقالا آمنا بين دمشق وحمص واللاذقية، وتقفل معبر تسلل وتدفق الإرهابيين من لبنان الى سوريا.
أما لبنانيًّا، فإن فريقاً جنّد نفسه لمنعها. وهذا ما يثير أكثر من علامة استفهام.
كأن «مايسترو» يحرّك وقائع الأيام الأخيرة، بالتوازي مع استعدادات وتحضيرات الحزب تمهيدا للمعركة، وكان اللافت تحريك ملف العسكريين المخطوفين من زاوية الخطر الذي يتهدد حياتهم جراء تلك المعركة. ولكن برزت نقطتان شديدتا الحساسية والدلالة:
ـ الاولى، قبل نهاية الاسبوع الماضي، اتصل نائب من «14 آذار» مقيم في دولة أوروبية بصديق له في بيروت، سأله رأيه في معركة القلمون، ثم قال له ما حرفيته: «قد يستطيع حزب الله أن يحسم المعركة ويحتل القلمون، لكنه لن يستطيع ان يبقى في القلمون».
استغرب الصديق وسأل النائب المذكور عما سيدفع «حزب الله» الى ترك القلمون، فرد قائلا «ستمارس عليه ضغوط شديدة.. لا أقول ضغوطا سياسية، بل ربما ضغوط عسكرية وربما أمنية».
ـ الثانية، بعده مباشرة أطل سعد الحريري ببيان تمعنت مستويات سياسية وحزبية في مضمونه وأبعاده، وتوقفت عند نقطتين: الأولى قوله ان «لبنان، حكومة وجيشا وأكثرية شعبية، غير معني بالدعوات الى القتال وتنظيم المعارك في جبال القلمون.. وحزب الله منفردا يتحمل تبعات التورط في الحرب خدمة للأجندة العسكرية لبشار الأسد». والثانية قوله: ان «حزب الله» شريك في الجريمة التي يحشد في القلمون لاستقدامها الى لبنان».
ما أقلق تلك المستويات السياسية والحزبية، هو انها قرأت شبها فعليا وجديا بين بيان الحريري الذي يتبرأ فيه من معركــة القلمون، والبيــان الشهير لحكــومة فؤاد السنيورة ليل 12 تموز 2006 حين تــبرأت من عملية المقاومة (أسر الجنديين) وقالت انها «لا تتحــمل مسؤولية ما جرى ويجــري على الحــدود ولا تتبناه». وأكــثر ما أقلقها إشــارة الحــريري الى «الجريمة» التي قال ان «حزب الله يحشد لاستقدامها الى لبنان». هنا تتزاحم الأسئلة:
ـ ألا يمكن أن يعني الضخ الهجومي ضد «حزب الله»، أنه قد يستبطن رعاية أو حماية للإرهابيين؟
ـ ماذا يصنف المعترضون على المعركة، المجموعات المسلحة الموجودة في القلمون: إرهابية ام غير إرهابية؟
ـ ما سرّ هذه الحملة الاعتراضية من قبل الحريري و«14 آذار»، في وقت لا يترك هؤلاء مناسبة إلا ويقدمون أنفسهم فيها ضد الإرهاب، فهل عدّل هذا الفريق موقفه؟
ـ هل تراعي الحملة الاعتراضية، المصلحة اللبنانية ام تستجيب لرغبات خليجية ترعى تلك المجموعات وتمولها وتوظفها ضد النظام السوري و«حزب الله»؟
ـ اذا كان الأمر بيد الدولة، فهل تملك الدولة قدرة على إخراج الإرهابيين من القلمون؟ وهل الجيش قادر؟ واذا كان غير ذلك، فلماذا لا تسلحونه، ليس بالسلاح فقط بل بالقرار السياسي ايضا؟
ـ لماذا أعلن الحريري «براءة لبنان، حكومة وجيشا وأكثرية شعبية» وإلى ماذا يمهد ذلك؟ وماذا يقصد بـ «الجريمة التي تستقدم الى لبنان»، وكيف تكوّن لديه هذا الوصف، هل مرادف تلك الجريمة هو رد فعل يأخذ شكل عمل عسكري ضد لبنان، ومن هي الجهة التي ستقوم بذلك وفي أية بقعة جغرافية؟
ـ ما الذي جعل النائب المذكور يحسم ان «حزب الله» لن يستطيع أن يبقى في القلمون، ومن أبلغه بالتوجه لممارسة ضغوط عليه، وكيف ومن أين عرف أن الضغوط قد تكون عسكرية وأمنية، وهل الجهات المنفذة خارجية، ام داخلية تكون وظيفتها إيقاظ خلايا إرهابية نائمة؟
يفضل مرجع كبير في «8 آذار» ان يتريّث في الحكم، فلا يتهم أحدا برهان شبيه برهاناته خلال حرب تموز 2006، ولكنه يلفت الى ان السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة أشار صراحة الى ان «التهديدات الاسرائيلية الاخيرة، والسلوك الاسرائيلي الاخير يحتاج الى توقف عنده وتأمل».. «السيد» لا يورد هذا الكلام عن عبث.
يضيف المرجع المذكور: «دائما تضع المقاومة في أولوية حسبانها العامل الاسرائيلي كعنصر تهديد دائم للبنان، وكراع وداعم للمجموعات الإرهابية، ولا سيما في سوريا. فعين الرصد على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، لحظت في الأيام الأخيرة إجراءات اسرائيلية مريبة، تبدو في ظاهرها إجراءات وتعزيزات تقليدية اعتيادية، انما من خلال تحليلها والبحث في أبعادها لا تبدو إجراءات دفاعية أو وقائية، بل هي تستبطن إمكانية ان تتحوّل الى هجومية في أية لحظة. وأقل البديهيات في هذا المستجد ان تكون المقاومة على جهوزيتها الكاملة».
(السفير)